كاتس يتوعّد غزة بـ"إعصار هائل".. وتحذيرات أمريكية لحماس من "العواقب"

في تصعيد جديد ينذر بتدهور إضافي في الأوضاع الأمنية والسياسية في قطاع غزة، حذّر وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، اليوم الإثنين، من "إعصار هائل" يضرب سماء مدينة غزة، متوعدًا حركة حماس بخيارين لا ثالث لهما: القبول بالمقترح الأمريكي لوقف إطلاق النار أو مواجهة "القضاء الكامل"، على حد تعبيره.

وقال كاتس في تغريدة على منصة "إكس" (تويتر سابقًا): "اليوم سيضرب إعصار هائل سماء مدينة غزة، وستهتز أسطح أبراج الإرهاب"، في إشارة إلى عملية عسكرية واسعة النطاق يخطط لها الجيش الإسرائيلي في القطاع.
وأضاف الوزير الإسرائيلي: "هذا تحذير أخير لعناصر وقادة حماس المتواجدين في غزة وفي الفنادق الفاخرة بالخارج"، في تهديد مباشر لقادة الحركة داخل القطاع وخارجه، وضمن تلميح واضح إلى أن التهديدات الإسرائيلية لم تعد تقتصر على الداخل فقط.
وتابع كاتس بلغة حاسمة: "أطلقوا سراح الرهائن وألقوا أسلحتكم، وإلا ستُدمر غزة وأنتم"، مؤكدًا أن الجيش الإسرائيلي "يواصل العمل وفق الخطة، ويستعد لتوسيع نطاق مناورته للسيطرة على غزة".
خياران أمام حماس: القبول أو المواجهة
تصريحات كاتس تأتي في وقت حساس من المفاوضات التي يقودها مبعوثون دوليون، أبرزهم مبعوث الرئيس الأمريكي، ستيف ويتكوف، الذي طرح مؤخرًا مقترحًا جديدًا لوقف إطلاق النار في غزة، يهدف إلى إنهاء الحرب المستمرة منذ أكثر من عام، والتي خلفت آلاف الضحايا من الجانبين.
وبحسب ما تم تسريبه من بنود المبادرة الأمريكية، فإنها تنص على وقف فوري لإطلاق النار، مقابل إطلاق حماس سراح جميع الرهائن المتبقين لديها – وعددهم 48 رهينة – بينهم جنود ومدنيون، في مقابل إفراج إسرائيل عن ما بين 2500 إلى 3000 أسير ومعتقل فلسطيني من سجونها، من ضمنهم مئات محكومون بالسجن المؤبد بتهمة قتل إسرائيليين.
ووفقًا لمسؤولين إسرائيليين، فإن هذه المرحلة من الاتفاق ستكون مدخلاً لمفاوضات أوسع تهدف إلى إنهاء الحرب بشكل نهائي، وتشمل بحث الملفات الخلافية الكبرى، مثل: نزع سلاح حركة حماس، والانسحاب الكامل للجيش الإسرائيلي من قطاع غزة، وترتيبات ما بعد الحرب، بما في ذلك إدارة القطاع وإعادة الإعمار.
تصعيد عسكري أم مناورة تفاوضية؟
المراقبون يرون أن تصريحات كاتس الحادة قد تحمل في طياتها أهدافًا متعددة، فبينما تشير إلى توجه إسرائيلي نحو تصعيد جديد في العمليات العسكرية في القطاع، إلا أنها قد تُستخدم أيضًا كأداة ضغط تفاوضي لدفع حماس نحو قبول المقترح الأمريكي.
في هذا السياق، يرى محللون أن ما أسمته إسرائيل بـ"الإعصار الهائل" قد يكون عملية عسكرية محدودة الهدف والتوقيت، تهدف إلى تعزيز أوراقها التفاوضية في أي اتفاق محتمل، خاصة في ظل الضغوط الدولية المتزايدة على حكومة بنيامين نتنياهو لإنهاء الحرب، التي باتت تُعد من أطول الحروب وأكثرها دموية في تاريخ الصراع الإسرائيلي-الفلسطيني.

ترامب يدخل على الخط ويحذّر حماس
في تطور لافت، دخل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على خط الأزمة، موجّهًا تحذيرًا شديد اللهجة لحركة حماس، في حال رفضت المقترح الأمريكي الجديد.
وخلال حديثه للصحفيين أثناء عودته إلى العاصمة واشنطن من نيويورك مساء الأحد، قال ترامب: "أعتقد أننا سنتوصل إلى اتفاق بشأن غزة قريبًا جدًا"، معبرًا عن ثقته في إطلاق سراح جميع الرهائن، سواء كانوا أحياء أو أمواتًا، بحسب وصفه.
وكتب ترامب لاحقًا على منصته الخاصة "تروث سوشيال": "لقد قبل الإسرائيليون شروطي. حان الوقت لحماس أن تقبلها أيضًا"، مؤكدًا أن هذا هو "التحذير الأخير"، مشددًا: "لن يكون هناك تحذير آخر".
وأضاف : "إذا أطلقتم سراح الرهائن على الفور فإن أشياء جيدة سوف تحدث، ولكن إذا لم تفعلوا ذلك فإن الأمر سيكون صعبًا وسيئًا بالنسبة لكم"، في رسالة واضحة بأن إدارة واشنطن – حتى لو اختلفت إدارتها – باتت موحدة في الضغط على حماس لإنهاء الأزمة.

غموض حماس.. وصمت في الرد
لم تصدر حركة حماس أي رد رسمي مباشر على تصريحات كاتس أو ترامب، إلا أن مصادر قريبة من دوائر صنع القرار داخل الحركة تؤكد أن قيادة حماس تدرس المقترح الأمريكي "بعناية"، وأنها "لا تزال متمسكة بمطالبها المشروعة"، حسب قولها.
وتُصرّ حماس، بحسب ذات المصادر، على ضرورة وجود "ضمانات دولية مكتوبة" بشأن الانسحاب الكامل من غزة، وعدم العودة لاحتلالها من جديد، إضافة إلى إعادة إعمار ما دمّرته الحرب، ورفع الحصار المفروض على القطاع منذ أكثر من 17 عامًا.
الوضع الإنساني يتدهور.. وضغط شعبي متصاعد
على الأرض، لا تزال المعاناة الإنسانية في قطاع غزة تتفاقم، مع دخول الحرب شهرها الثاني عشر، وسط دمار شبه شامل للبنية التحتية، وانهيار كامل للقطاع الصحي، ونقص حاد في المياه والغذاء والدواء.
ويشهد الشارع الفلسطيني ضغطًا متزايدًا ، لضرورة إنهاء الحرب، وتحقيق هدنة تتيح إيصال المساعدات الإنسانية، وفتح معابر القطاع أمام المدنيين المحاصرين منذ أشهر.
وفي الوقت نفسه، تزداد الضغوط السياسية والشعبية داخل إسرائيل، حيث تواجه حكومة نتنياهو تظاهرات مستمرة من عائلات الرهائن، تطالب بإنهاء الحرب فورًا وإعادة أبنائهم إلى منازلهم.

مستقبل غامض.. واحتمالات مفتوحة
بين تهديدات عسكرية إسرائيلية، وضغوط أمريكية شديدة، ومطالب فلسطينية تعتبرها حماس "حقوقًا غير قابلة للتنازل"، يبدو أن الأزمة مرشحة لمزيد من التعقيد، ما لم تُحدث الساعات أو الأيام القادمة اختراقًا في جدار المفاوضات.
وفي ظل هذا المشهد المضطرب، تبقى كل الاحتمالات مفتوحة: تصعيد عسكري كبير قد يشعل المنطقة، أو اتفاق دولي يُنهي واحدة من أعقد الحروب في تاريخ الصراع الإسرائيلي-الفلسطيني.