تحذيرات من عزلة مصرفية دولية تهدد النظام المالي في ليبيا

تصاعدت المخاوف داخل ليبيا بشأن احتمال دخول البلاد في عزلة مصرفية دولية، على خلفية تحذيرات من تراجع ثقة المؤسسات المالية الخارجية في النظام المصرفي الليبي.
وقالت اللجنة الوطنية لمكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب في مصرف ليبيا المركزي، في بيان رسمي، إنه من الضروري الإسراع في اعتماد إطار تشريعي ومؤسسي متكامل يتماشى مع المعايير الدولية، بهدف ضمان بقاء ليبيا ضمن المنظومة المالية العالمية وتفادي التصنيفات السلبية التي قد تهدد استقرارها الاقتصادي والمالي.
ويأتي هذا التحذير بعد صدور التقرير السنوي لشركة "سيكريتاريا" المتخصصة في الاستشارات القانونية وإدارة المخاطر، الذي صنّف ليبيا كإحدى أكثر الدول عرضة للجرائم المالية في عام 2025، الأمر الذي يضع المؤسسات المصرفية الليبية تحت مجهر المراجعة الدولية.
وقال الخبير الاقتصادي الليبي علي الشريف في تصريح لوسائل الإعلام إن ما يحدث يعكس خطراً متزايداً يتمثل في "تآكل ثقة البنوك والمؤسسات الدولية بالمنظومة المصرفية"، لافتاً إلى أن العزلة المصرفية – إذا وقعت – ستعني تعطيل التحويلات التجارية والشخصية، وارتفاع تكاليف المعاملات، فضلاً عن تراجع الاستثمارات الأجنبية.
وأضاف الشريف أن ليبيا وإن لم تُدرج بعد على "اللائحة الرمادية"، فإن استمرار الفجوات التشريعية والرقابية يرفع من احتمال الوصول إلى هذه المرحلة، خصوصاً في ظل تقارير عن معاملات مشبوهة، قد تدفع بعض البنوك المراسلة إلى الانسحاب طوعاً حتى دون إدراج رسمي.
ولفت إلى أن الحل يكمن في تحديث القوانين بما يتماشى مع معايير مجموعة العمل المالي (FATF)، وتعزيز دور وحدة المعلومات المالية، وإنشاء سجل وطني للمستفيدين الحقيقيين، إلى جانب تطبيق رقابة صارمة قائمة على المخاطر، ما من شأنه استعادة ثقة الشركاء الدوليين.

من جهته، اعتبر المحلل الليبي محمد صالح العبيدي أن هذه التحذيرات تأتي في وقت بالغ الحساسية، حيث يفاقم الانقسام الحكومي والمؤسساتي من حجم الأزمة، مع تفشي الفساد واستغلال الموارد في الصراعات السياسية. وأكد أن ذلك يعكس بيئة غير مستقرة للمستثمرين الأجانب ويضع مزيداً من الأعباء على مصرف ليبيا المركزي.
وبينما تحاول السلطات مواجهة هذه التحديات، يرى خبراء أن ليبيا تقف اليوم أمام مفترق طرق حاسم، إذ يشكل الإصلاح المالي العاجل والمتكامل الخيار الوحيد لضمان بقاء البلاد ضمن النظام المالي العالمي وتفادي العزلة الدولية.