بين التفاؤل والحذر.. «الأوروبيون» يُشككون في نية بوتين لقاء زيلينسكي

رغم الأجواء الإيجابية التي أحاطت بقمة البيت الأبيض، والتي جمعت الرئيس الأمريكي، «دونالد ترامب»، بزعيم نظام كييف، «فولوديمير زيلينسكي»، وعددًا من القادة الأوروبيين، إلا أن مواقف بعض الدول الأوروبية بدت أكثر تحفظًا حيال إعلان موسكو استعدادها لعقد لقاء مباشر بين بوتين وزيلينسكي. فبين التفاؤل الحذر والدبلوماسية الواقعية، تتصاعد الشكوك الأوروبية حول مدى جدية الكرملين في الانخراط بمسار تفاوضي حقيقي، وسط تساؤلات عن نوايا روسيا وصدقية التزاماتها.
تفاؤل أوروبي حذر
وأعقبت المحادثات التي جرت في البيت الأبيض بين القادة الأوروبيين والرئيس الأمريكي، «دونالد ترامب»، حالة من التفاؤل المشوب بالحذر، حيث أبدى القادة الأوروبيون ارتياحًا محدودًا إزاء ما تحقق في ملف الضمانات الأمنية لأوكرانيا، مع ترقب حذر لإمكانية انعقاد قمة تجمع بوتين بزيلينسكي.
وأكد المستشار الألماني، «فريدريش ميرز»، أن ترامب نجح خلال مكالمة هاتفية في إقناع بوتين بالموافقة على عقد اجتماع مع زيلينسكي في مكان لم يُحدد بعد.
وأشار «ميرز» إلى أن هذا الاجتماع سيُعقد على الأرجح خلال الأسبوعين المُقبلين، تليه قمة ثلاثية بمشاركة ترامب لتبدأ المفاوضات «فعليًا».
ومع ذلك، أبدى ميرز شكوكه حول «امتلاك بوتين الشجاعة» لحضور هذه القمة، مُعتبرًا أن الأمر يتطلب المزيد من الإقناع.
بوتين يُثير الشكوك
من جانبه، أكد الرئيس الفنلندي، «ألكسندر ستاب»، أن ترامب رأى أن الاتصال ببوتين واقتراح اجتماع ثنائي بينه وبين زيلينسكي كان خطوة جيدة، لكنه عبر أيضًا عن «شكوكه الشديدة» بشأن التزام بوتين بالعملية.
وقال «ستاب»، إن الاجتماع كان «بنّاءً للغاية»، وأن أهم ما تمخض عنه هو الاتفاق على الضمانات الأمنية لأوكرانيا من أوروبا والولايات المتحدة، والتي قد يتم الاتفاق على تفاصيلها في غضون الأسبوع المُقبل.
وأشار إلى أن «تحالف الراغبين» قد عمل بالفعل على هذه الضمانات، وأن العمل سيبنى عليها.

وأشاد المستشار الألماني ميرز، بإعلان ترامب استعداد الولايات المتحدة لتقديم المساعدة في هذا الصدد، مُعتبرًا أن «أوروبا بأكملها يجب أن تُشارك في هذه العملية».
اجتماع ناجح
كما أكد الأمين العام لحلف الناتو، «مارك روته»، أن الاجتماع كان «ناجحًا للغاية»، مُشيرًا إلى أن الضمانات الأمنية لأوكرانيا كانت من أبرز نقاط النقاش.
وفي تصريحات لشبكة «فوكس نيوز»، قال «روته»، إنهم يُناقشون «بعض الترتيبات من نوع المادة 5»، في إشارة إلى المادة المتعلقة بالدفاع المشترك في حلف الناتو، لكنه استبعد في الوقت نفسه مناقشة وجود قوات على الأرض، مُضيفًا أن المزيد من التفاصيل حول الضمانات الأمنية سيتم مناقشتها في الأيام المُقبلة.
وكان «زيلينسكي» ومجموعة من الزعماء الأوروبيين التقوا مع الرئيس دونالد ترامب في البيت الأبيض، أمس الإثنين؛ لإجراء محادثات حاسمة بشأن الحرب مع روسيا، في الوقت الذي يضع فيه الرئيس الأمريكي العبء على أوكرانيا للتوصل إلى اتفاق سلام، بحسب «بولتيكو».
تحالف دعم أوكرانيا
وشارك في هذه الاجتماعات كل من زعيم نظام كييف، فولوديمير زيلينسكي، والمستشار الألماني فريدريش ميرز، والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ورئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، ورئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني، والرئيس الفنلندي ألكسندر ستاب، إضافة إلى الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين.
وبينما تستمر الجهود الغربية لإعادة تنشيط المسار الدبلوماسي بين موسكو وكييف، تبقى «الشكوك الأوروبية» عاملًا ضاغطًا على أي تفاؤل مُعلن. فمع غياب مؤشرات ملموسة على التزام روسي فعلي بعقد لقاء مباشر، تظل قمة بوتين–زيلينسكي في نطاق الاحتمال لا القرار، رهن اختبارات النيات السياسية وحسابات المصالح الدولية.
«ترامب» يُعلن موافقة «بوتين» على ضمانات أمنية لأوكرانيا في قمة ألاسكا
في تطور مُهم على الساحة الدولية، أعلن الرئيس الأمريكي، «دونالد ترامب»، موافقة نظيره الروسي، «فلاديمير بوتين»، على قبول ضمانات أمنية لأوكرانيا خلال لقائهما الأخير في أنكوراج بولاية «ألاسكا»، ما قد يُشكّل خطوة إيجابية نحو تخفيف التوتر في المنطقة وإمكانية التوصل إلى تسوية دبلوماسية للأزمة.
ووصف ترامب في تصريحات على هامش اجتماع عقده مع فلاديمير زيلينسكي وقادة أوروبيين، موافقة بوتين بـ"خطوة بالغة الأهمية" في مسار المفاوضات. وقال هذه المسألة تمثل "إحدى النقاط الرئيسية التي يجب أخذها في الاعتبار"، مؤكدا أن قمة ألاسكا عززت إيمانه بإمكانية التوصل إلى سلام في أوكرانيا.
محادثات بوتين وترامب
اللقاء الذي جرى في 15 أغسطس بقاعدة عسكرية أميركية، استمر نحو 3 ساعات وتخللته صيغ مختلفة من المحادثات، شملت لقاء ثنائيا بين ترامب وبوتين داخل سيارة الرئيس الأميركي أثناء توجهه إلى مقر المفاوضات، ثم اجتماعا ثلاثيا ضيقا. وحضر اللقاء من الجانب الروسي مساعد الرئيس يوري أوشاكوف ووزير الخارجية سيرغي لافروف، ومن الجانب الأميركي وزير الخارجية ماركو روبيو والمبعوث الخاص ستيفن ويتكوف.
كما أوضح ترامب أن موضوع الضمانات الأمنية لأوكرانيا طرح كذلك خلال اجتماعه في البيت الأبيض زيلينسكي وعدد من القادة الأوروبيين الاثنين، مشيرا عبر منصة "تروث سوشيال" إلى أن هذه الضمانات "ستقدمها الدول الأوروبية بالتنسيق مع الولايات المتحدة".
الرئيس الروسي يستعرض نتائج قمة ألاسكا مع 8 قادة
من ناحية أخرى، عقب «قمة ألاسكا» التي وُصفت بأنها مفصلية في مسار العلاقات الدولية، بادر الرئيس الروسي، «فلاديمير بوتين» إلى استعراض نتائجها مع ثمانية من القادة المؤثرين، في خطوة تُؤشر إلى سعي «الكرملين» لتنسيق المواقف وإعادة رسم خريطة النفوذ.
وفي هذا الصدد، ذكرت وكالة «تاس»، أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أجرى خلال الأيام الماضية سلسلة اتصالات مع قادة ثماني دول، لبحث نتائج القمة الروسية الأمريكية التي عُقدت في ألاسكا يوم 15 أغسطس.
وأفادت الوكالة أن بوتين عقد اجتماعا داخليا في موسكو يوم 16 أغسطس لمناقشة مخرجات القمة، ثم اتصل في اليوم التالي برؤساء بيلاروس وكازاخستان وأوزبكستان لإطلاعهم على تفاصيل لقائه مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
بوتين يُواصل اتصالاته
وفي 18 أغسطس، واصل بوتين اتصالاته، متحدثا مع قادة جنوب أفريقيا، طاجيكستان، الهند، البرازيل وقرغيزستان، الذين أعربوا عن دعمهم للجهود الدبلوماسية الرامية إلى تسوية الأزمة الأوكرانية. وفي اليوم نفسه، أجرى اتصالا جديدا مع ترامب، الذي بادر بالاتصال لإطلاعه على اجتماعه مع فلاديمير زيلينسكي وعدد من القادة الأوروبيين.
وأشارت الوكالة إلى أن بوتين كان قد تبادل اتصالات مماثلة في وقت سابق عقب زيارة المبعوث الأمريكي ستيفن ويتكوف إلى موسكو في 6 أغسطس. كما تحدث الرئيس الروسي مع نظيره الصيني شي جين بينغ، ورئيس وزراء أرمينيا نيكول باشينيان، ومع زعيم كوريا الشمالية كيم جونغ أون، الذي أطلعه على المفاوضات المرتقبة مع ترامب آنذاك.
زيلينسكي يمد يده لبوتين: «مُستعد للقاء مباشر حول ملف الأراضي»
في خطوة تُعدّ تحولًا لافتًا في سياق الحرب الروسية الأوكرانية، أبدى زعيم نظام كييف، «فولوديمير زيلينسكي»، استعداده للقاء مباشر مع الرئيس الروسي، «فلاديمير بوتين»، لمناقشة واحد من أكثر الملفات حساسية وتعقيدًا: الأراضي المتنازع عليها. هذه الإشارة إلى الانفتاح السياسي قد تُمثّل بداية لمسار تفاوضي جديد، لكنّ العقبات لا تزال كثيرة.