خبراء: عقبات عميقة تعطل فرص التصالح بين روسيا وأوكرانيا
أكد عدد من الخبراء السياسيين والدبلوماسيين أن فرص الوصول إلى اتفاق سلام بين روسيا وأوكرانيا ما زالت تواجه تحديات كبيرة، في ظل تعقيد المشهد السياسي وتشابك الملفات المرتبطة بالحرب المستمرة منذ عام 2022.
وجاءت هذه التصريحات خلال مناقشات إعلامية حول مستقبل المفاوضات بين الجانبين، في وقت تتزايد فيه الدعوات الدولية لوقف القتال وإحياء المسار الدبلوماسي.
وقال ألكسندر بوبروف، رئيس الشؤون الدبلوماسية في معهد الدراسات والتنبؤات الروسي، إن العقبات أمام التصالح بين موسكو وكييف ليست بسيطة، بل ترتبط بطبيعة العملية التفاوضية نفسها، إضافة إلى غياب التنازلات بين الطرفين، وهو ما يؤدي بحسب قوله إلى توقف أي مسار دبلوماسي محتمل.
وأوضح بوبروف، في تصريحات لبرنامج عن قرب مع أمل الحناوي على قناة القاهرة الإخبارية المصرية، أن مناقشة مستقبل النزاع تستوجب العودة إلى اتفاقيات مينسك الموقعة عام 2015، والتي تجاهلتها أوكرانيا وفق تعبيره رغم توقيعها عليها.
وأشار إلى أن الاتهامات الموجهة إلى روسيا بانتهاك الاتفاق يجب النظر إليها في ضوء التفاصيل الكاملة للوثيقة، مؤكدًا أن الاتفاقيات لم تتضمن ما يشير إلى احتمال استخدام موسكو الأسلحة النووية ضد أوكرانيا، وأن حديث روسيا في الوقت الحالي يتعلق بعمليات عسكرية تقليدية، لا تتضمن تهديدًا نوويًا.
وأضاف أن موسكو تتخوف من أن تقوم أوكرانيا بتكرار ما وصفه بـ"النمط التخريبي" في أي اتفاق جديد، لافتًا إلى أن الدول الغربية على حد قوله تعاقب كييف سياسيًا على هذا السلوك، الأمر الذي يزيد من تعقيد المشهد ويجعل الوصول إلى مسودة نهائية لاتفاق سلام مسألة شديدة الصعوبة.
من جهته، قدّم توم أرمبروستر، الدبلوماسي الأمريكي السابق، رؤية مغايرة للمشهد، إذ أكد أن روسيا من وجهة النظر الأمريكية هي الطرف الذي بدأ بانتهاك ميثاق الأمم المتحدة وسيادة دولة جارة، في إشارة إلى أوكرانيا، إلى جانب خرق الاتفاقيات التي كانت تنظم العلاقة بين البلدين.

وقال أرمبروستر إن أوكرانيا تخلت طوعًا عن ترسانتها النووية في التسعينيات مقابل ضمانات أمنية واضحة من روسيا والولايات المتحدة وبريطانيا، وفق مذكرة بودابست، مشيرًا إلى أن تلك الوعود لم تلتزم بها موسكو عندما بدأت عملياتها العسكرية، وهو ما أدى إلى فقدان كييف الثقة في أي اتفاقات مستقبلية.
وأضاف في حديثه الإعلامي أن أوكرانيا ستبحث عن ضمانات أمنية "حقيقية وملموسة" وليست مجرد نصوص مكتوبة، معتبرًا أن وجود قوات أوروبية على الأرض قد يكون أحد السيناريوهات المطروحة لضمان تنفيذ أي اتفاق مستقبلي، رغم عدم وضوح التفاصيل حتى الآن.
وتعكس هذه المواقف المتعارضة، وفق خبراء، مدى صعوبة الوصول إلى حل دبلوماسي في الوقت الراهن، في ظل انعدام الثقة بين طرفي النزاع، وتباين رؤى الدول الكبرى بشأن شكل التسوية. وبينما ترى موسكو أن كييف والغرب يتجاهلان جذور الأزمة، تصر أوكرانيا وحلفاؤها على ضرورة ضمان أمنها وسيادتها قبل الدخول في أي اتفاق جديد.
ويستمر غياب أفق واضح للحل، بينما تتواصل الجهود الدولية لمحاولة تقريب وجهات النظر، في انتظار ما ستسفر عنه الأشهر المقبلة على الصعيدين السياسي والعسكري.