مجلس التحرير: مجموعة صحفيين عرب
الموقع قدم أوراق اعتماده
الى نقابة الصحفيين العراقيين

وصية «أنس الشريف».. سطور وداع خطّها قلب مُحب لغزة

نشر
أنس الشريف
أنس الشريف

لم يكن يعلم أن كلماته ستكون الأخيرة، لكن قلبه كان يكتب بصدق من يعرف أن النهاية قريبة. في وصية مُؤثرة، ودّع الصحفي الفلسطيني «أنس الشريف» عائلته وغزة، تاركًا سطورًا تختصر الألم والحب والانتماء.

وفي هذا الصدد، نشرت صفحة «أنس آل الشريف‎» على فيسبوك، وصية الصحفي الفلسطيني الراحل أنس الشريف إثر مقتله رفقة (4) صحفيين آخرين في قصف إسرائيلي استهدف محيط مستشفى الشفاء في مدينة غزة مساء أمس الأحد.

وقال الصحفي الراحل في وصيته التي كتبها في الـ6 من أبريل 2025: «هذه وصيّتي، ورسالتي الأخيرة.. إن وصلتكم كلماتي هذه فاعلموا أن إسرائيل قد نجحت في قتلي وإسكات صوتي».

بداية السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

يعلم الله أنني بذلت كل ما أملك من جهد وقوة، لأكون سندا وصوتا لأبناء شعبي، مذ فتحت عيني على الحياة في أزقة وحارات مخيم جباليا للاجئين، وكان أملي أن يمدّ الله في عمري حتى أعود مع أهلي وأحبتي إلى بلدتنا الأصلية عسقلان المحتلة "المجدل" لكن مشيئة الله كانت أسبق، وحكمه نافذ".

"عشتُ الألم بكل تفاصيله، وذُقت الوجع والفقد مرارا، ورغم ذلك لم أتوان يوما عن نقل الحقيقة كما هي، بلا تزوير أو تحريف، عسى أن يكون الله شاهدا على من سكتوا ومن قبلوا بقتلنا، ومن حاصروا أنفاسنا ولم تُحرّك أشلاء أطفالنا ونسائنا في قلوبهم ساكنا ولم يوقفوا المذبحة التي يتعرض لها شعبنا منذ أكثر من عام ونصف".

"أوصيكم بفلسطين، درة تاج المسلمين، ونبض قلب كل حر في هذا العالم..
أوصيكم بأهلها وبأطفالها المظلومين الصغار، الذين لم يمهلهم العمرُ ليحلموا ويعيشوا في أمانٍ وسلام، فقد سُحِقت أجسادهم الطاهرة بآلاف الأطنان من القنابل والصواريخ الإسرائيلية، فتمزقت، وتبعثرت أشلاؤهم على الجدران".

"أوصيكم ألا تُسكتكم القيود، ولا تُقعِدكم الحدود، وكونوا جسورا نحو تحرير البلاد والعباد، حتى تشرق شمس الكرامة والحرية على بلادنا السليبة".

"أُوصيكم بأهلي خيرا، أوصيكم بقرة عيني، ابنتي الحبيبة شام التي لم تسعفني الأيام لأراها تكبر كما كنت أحلم.. وأوصيكم بابني الغالي صلاح الذي تمنيت أن أكون له عونا ورفيق درب حتى يشتد عوده، فيحمل عني الهم، ويكمل الرسالة.. أوصيكم بوالدتي الحبيبة، التي ببركة دعائها وصلت لما وصلت إليه، وكانت دعواتها حصني، ونورها طريقي.. أدعو الله أن يربط على قلبها، ويجزيها عني خير الجزاء".

"وأوصيكم كذلك برفيقة العمر زوجتي الحبيبة أم صلاح بيان، التي فرقتنا الحرب لأيام وشهور طويلة لكنها بقيت على العهد، ثابتة كجذع زيتونة لا ينحني، صابرة محتسبة، حملت الأمانة في غيابي بكل قوة وإيمان".

"أوصيكم أن تلتفوا حولهم، وأن تكونوا لهم سندا بعد الله عز وجل".

"إن متُّ، فإنني أموت ثابتا على المبدأ، وأشهد الله أني راض بقضائه، مؤمن بلقائه، ومتيقن أن ما عند الله خير وأبقى.. اللهم تقبلني في الشهداء، واغفر لي ما تقدّم من ذنبي وما تأخّر، واجعل دمي نورا يضيء درب الحرية لشعبي وأهلي".

"سامحوني إن قصّرت، وادعوا لي بالرحمة، فإني مضيت على العهد، ولم أُغير ولم أبدّل".

"لا تنسوا غزة.. ولا تنسوني من صالح دعائكم بالمغفرة والقبول".

الراحل أنس الشريف وأولاده

أيقونة الصحافة الراحلة.. «الرشق» ينعى أنس الشريف شاهد المجاعة في غزة

قدّم عضو المكتب السياسي في حركة حماس، «عزت الرشق»، تعازيه في استشهاد الصحفيين «أنس الشريف ومحمد قريقع»، وطاقم تصويرهما، الذين قضوا في غارة إسرائيلية على مدينة غزة.

وقال الرشق: "تقبل الله الشاهد الشهيد أنس الشريف ورفاقه محمد قريقع وإبراهيم ظاهر ومؤمن عليوة ومحمد نوفل، الذين بلّغوا الرسالة ونقلوا المعاناة ووحشية العدو بالصوت والصورة وأدوا أمانة الكلمة ودفعوا دماءهم ثمنا لنقل الحقيقة".

تصريحات عزت الرشق

وأضاف: "منذ احتلال فلسطين، والحركة الصحفية الفلسطينية تسجل حضورها في صفوف النضال المتقدمة، وفي ميادين القتال ومواكب الشهداء الأبرار، من غسان كنفاني وكمال عدوان وكمال ناصر وشيرين أبو عاقلة وغيرهم الكثير من حراس الحقيقة الفلسطينية".

وأكد الرشق: "سنفتقد صوتك يا أنس وسنفتقد تغطياتك وصورك وتغطيات وصور زملائك الذين استشهدوا جراء جريمة صهيونية موصوفة، سنفتقدك يوم يهزم عدونا، عدو الإنسانية والحقيقة، أما اسمك وذكرك وذكراك فستبقى حاضرة بقوة، منذ الآن وحتى تحرير الأقصى".

وقال المكتب الإعلامي الحكومي في غزة تعليقا على عملية الاغتيال: "الاحتلال "الإسرائيلي" يغتال خمسة صحفيين بينهم أنس الشريف ومحمد قريقع مراسلا قناة الجزيرة بقصف مباشر لخيمة الصحفيين بمحيط مستشفى الشفاء في غزة".

ودان المكتب بـ"أشد العبارات الجريمة الوحشية البشعة والمروعة التي ارتكبها جيش الاحتلال "الإسرائيلي" باغتيال خمسة من الصحفيين عقب قصف مباشر لخيمة الصحفيين بمحيط مستشفى الشفاء في مدينة غزة".

يُذكر أن الجيش الإسرائيلي قتل خلال الغارة إلى جانب الشريف كل طاقم قناة الجزيرة في قطاع غزة.

اغتيال مُتعمد للصحفيين

وأضاف المكتب الإعلامي الحكومي: "تمت عملية الاغتيال مع سبق الإصرار والترصد بعد استهداف مقصود ومتعمد ومباشر لخيمة الصحفيين في محيط مستشفى الشفاء بمدينة غزة، وقد أسفرت هذه الجريمة النكراء أيضا عن إصابة عدد من الزملاء الصحفيين الآخرين".

وتابع: "باغتيال الاحتلال للزملاء الصحفيين الخمسة يرتفع عدد الشهداء الصحفيين الذين قتلهم الاحتلال في قطاع غزة خلال الإبادة الجماعية وحتى الآن إلى 237 صحفياً شهيدا".

واعتبر المكتب أن "استهداف طائرات الاحتلال الصحفيين والمؤسسات الإعلامية جريمة حرب مكتملة الأركان، تهدف لإسكات الحقيقة وطمس معالم جرائم الإبادة الجماعية، وهي تمهيد لخطة الاحتلال الإجرامية للتغطية على المذابح الوحشية الماضية والقادمة التي نفّذها وينوي تنفيذها في قطاع غزة".

اغتيال الصحفي «أنس الشريف».. إسرائيل تُبرر الجريمة بالادعاء بانتمائه لقوات نخبة حماس

لم يكن «أنس الشريف» يحمل سوى الكاميرا، لكن رصاصة إسرائيلية أنهت حياته، بينما يُحاول «جيش الاحتلال» تبرير اغتياله بادعاءات عن انتمائه لقوات «حماس»، في استمرار لمسلسل استهداف الصحفيين الفلسطينيين.