الاتحاد الإفريقي يدعو إلى وقف فوري للحرب في السودان

في خطوة تعكس تصاعد الاهتمام الإقليمي والدولي بالأزمة السودانية، دعا مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الأفريقي إلى إطلاق عملية سياسية شاملة بقيادة سودانية تهدف إلى إنهاء النزاع واستعادة النظام الدستوري في البلاد، ورحب في الوقت ذاته بتعيين الدكتور كامل إدريس رئيسًا للوزراء، معتبرًا هذه الخطوة جزءًا من خارطة الطريق التي أعلنها رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان في فبراير 2025. جاء ذلك خلال اجتماع طارئ عقده المجلس في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا يوم الاثنين، حيث شدد على أن استمرار غياب العملية السياسية يدفع المدنيين ثمنًا باهظًا، باعتبارهم الضحايا الرئيسيين للنزاع المسلح الدائر منذ أبريل 2023.
وفي بيان رسمي صدر عقب الجلسة، جدد الاتحاد الأفريقي رفضه القاطع للانقلابات العسكرية والتدخلات الخارجية في الشأن السوداني، مدينًا إعلان حكومة موازية من قبل تحالف “تأسيس” بقيادة قوات الدعم السريع، والذي تم من مدينة نيالا في الثاني من أغسطس 2025. وأكد المجلس أن هذا الإعلان غير الشرعي يشكل تهديدًا مباشرًا لوحدة السودان وتماسك مؤسساته، داعيًا إلى وقف فوري للأعمال العدائية بين الجيش وقوات الدعم السريع، وضمان وصول المساعدات الإنسانية إلى المتضررين دون عوائق.
كما أشار المجلس إلى أن المنظمة القارية تواصل تفعيل آلياتها المختلفة لدعم السلام في السودان، بما في ذلك التنسيق مع الشركاء الدوليين، والإشراف على تنفيذ خارطة طريق تهدف إلى إنهاء الحرب، والتواصل المباشر مع الأطراف المتصارعة لتأمين وقف لإطلاق النار وتسهيل إيصال المساعدات الإنسانية. وأكد أن استعادة النظام الدستوري يجب أن تتم عبر حوار سياسي شامل تقوده الأطراف السودانية، ويضمن مشاركة مدنية واسعة دون إقصاء، مشددًا على ضرورة حماية المدنيين ومحاسبة مرتكبي انتهاكات حقوق الإنسان في مناطق النزاع، خاصة في إقليمي كردفان ودارفور.
جلسة غير الرسمية عقدها الاتحاد الأفريقي
وخلال الجلسة غير الرسمية التي عقدها الاتحاد الأفريقي، تحدث السفير الزين إبراهيم حسين، مندوب السودان الدائم لدى الاتحاد، عن الأوضاع الإنسانية والأمنية والسياسية الراهنة، مشيرًا إلى أن تعيين الدكتور كامل إدريس جاء في إطار تنفيذ خارطة الطريق التي أعلنها البرهان، والتي تهدف إلى إعادة السودان إلى الحكم المدني عبر تشكيل حكومة مدنية تحت مسمى “حكومة الأمل”. ودعا الزين إلى رفع تعليق مشاركة السودان في أنشطة الاتحاد الأفريقي، استنادًا إلى مبادرة “التضامن الأفريقي” التي تهدف إلى مرافقة السودان نحو السلام الشامل وإعادة الإعمار.
كما طالب الزين مجلس السلم والأمن بممارسة ضغط مباشر على قوات الدعم السريع لفك الحصار المفروض على مدينة الفاشر، والانسحاب من المناطق المدنية، ووقف الانتهاكات ضد المدنيين في كردفان ودارفور، مجددًا دعوته لإدانة إعلان “حكومة الدعم السريع”، ومؤكدًا أهمية عودة السودان إلى الأسرة الأفريقية. وناشد المجلس بحثّ دول الجوار على عدم تسهيل عبور الإمدادات إلى قوات الدعم السريع عبر المطارات والمعابر الحدودية، لما لذلك من تأثير سلبي على جهود وقف الحرب واستعادة الاستقرار.
استمرار تجميد عضوية السودان
ويأتي هذا التحرك في ظل استمرار تجميد عضوية السودان في الاتحاد الأفريقي منذ الانقلاب العسكري الذي أطاح بالحكومة الانتقالية، وهو موقف لا يزال ساريًا حتى اليوم، ويرتبط رفعه بعودة السودان إلى الحكم الدستوري عبر مسار سياسي يضمن مدنية الدولة ويضع حدًا لدائرة العنف والانقلابات. ويشهد السودان منذ منتصف أبريل 2023 حربًا مدمّرة بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي)، بعد انهيار الترتيبات الانتقالية التي كانت تهدف إلى دمج القوات شبه العسكرية في الجيش الوطني ضمن عملية إصلاح أمني وعسكري اتُّفق عليها سابقًا. وقد أسفر هذا الصراع عن واحدة من أسوأ الكوارث الإنسانية في العالم، حيث قُتل عشرات الآلاف، وأُجبر ملايين المدنيين على النزوح داخل البلاد وخارجها، وسط انهيار كامل للخدمات الأساسية وانقطاع المساعدات الإنسانية عن مناطق واسعة.