مجلس التحرير: مجموعة صحفيين عرب
الموقع قدم أوراق اعتماده
الى نقابة الصحفيين العراقيين

أزمة مالية وعسكرية غير مسبوقة تعصف بحماس وسط حرب غزة.. ماذا يحدث؟

نشر
الأمصار

في خضم الحرب المستمرة على قطاع غزة، تواجه حركة حماس أزمة معقدة هي الأخطر في تاريخها الممتد لنحو أربعة عقود، وفق ما كشفته تقارير صحفية دولية ومصادر ميدانية فلسطينية وإسرائيلية.

وقالت صحيفة «واشنطن بوست» الأمريكية إن الحركة التي تسيطر على غزة منذ عام 2007 تتعرض لانهيار مالي وإداري وعسكري متزامن، في ظل استمرار العمليات العسكرية الإسرائيلية وتدمير البنية التحتية للقطاع.

انهيار المنظومة المالية والإدارية

وبحسب مصادر تحدثت إلى الصحيفة، يشهد الذراع العسكري للحركة عجزًا غير مسبوق في دفع رواتب عناصره، ما دفعها إلى تقليص الخدمات العامة وخفض أجور عناصر الشرطة وموظفي الوزارات. 

 

ويأتي ذلك بينما تعاني غزة من دمار واسع ونزيف بشري مستمر، الأمر الذي فاقم الغضب الشعبي.

وأشار ضابط المخابرات الإسرائيلي السابق أوديد أيلام إلى أن حماس لم تعد قادرة على تمويل كوادرها كما في السابق، ولجأت إلى تجنيد فتيان مراهقين للقيام بمهام لوجستية مثل المراقبة وزرع العبوات الناسفة، في وقت تدهورت فيه البنية التحتية للأنفاق ومراكز القيادة، التي كانت تشكل أساس التكتيك العسكري للحركة.

وكشفت تقارير أن القيادي العسكري البارز محمد السنوار كان قد اضطر قبل مقتله للاختباء في غرفة ضيقة تحت أحد المستشفيات جنوب القطاع، بعد تدمير المراكز المحصنة في شمال غزة.

موارد مفقودة واعتماد على الضرائب والمساعدات

وكانت حماس تعتمد قبل الحرب على فرض الضرائب على الشحنات التجارية والسيطرة على جزء من المساعدات الإنسانية. 

ووفق شهادات فلسطينيين ومسؤولين دوليين، فرضت الحركة رسوماً تصل إلى 20% على البضائع، وصادرت بعض الشحنات وأعادت بيعها بأسعار مرتفعة، ما أثار استياءً واسعاً بين السكان.

مصادر اقتصادية في غزة أكدت أن الحركة ضغطت على السوق للتحكم في المعروض ورفع الأسعار، كما استفادت من تمكين تجار مقربين منها من بيع السلع بأسعار مضاعفة.

 لكن مع استئناف الحرب في مارس الماضي وتوقف الشحنات التجارية والمساعدات، تراجعت موارد الحركة بشكل حاد، خاصة بعد إنشاء «مؤسسة غزة الإنسانية» المدعومة من واشنطن وتل أبيب والتي أعادت تنظيم توزيع المساعدات بعيدًا عن سيطرة الحركة.

وفي ظل الانهيار المالي والعسكري، لجأت حماس إلى إجراءات قمعية لتثبيت سلطتها. فقد أظهرت مقاطع فيديو عناصر ملثمين يطلقون النار على أرجل متهمين بسرقة المساعدات، بينما تحدث سكان عن تصاعد الترهيب بحق المنتقدين.

حادثة الشاب موفق خدور، الذي تعرض لاعتداء وحشي بعد انتقاده العلني للحركة، أثارت موجة غضب واسعة.

 ويقول موظف حكومي غزّي يُدعى «رامي»:"الأجواء تغيّرت من أمل النصر إلى غضب عارم بسبب سوء إدارة حماس وعدم استعدادها لما بعد الحرب."

مطالب مالية على طاولة المفاوضات

وفي الوقت نفسه، تسعى الحركة في المفاوضات الجارية بشأن هدنة مؤقتة مدتها 60 يوماً إلى إعادة فتح المعابر وزيادة تدفق المساعدات. 

وتشير تسريبات إلى أن بعض مطالب الحركة تتعلق بإعادة النظام السابق لتوزيع الإغاثة الذي كان يدرّ عليها موارد مالية مباشرة.

وبينما تتواصل الحرب والخسائر البشرية والميدانية، تبدو حماس أمام تحديات غير مسبوقة تهدد بنيتها المالية والإدارية، وتثير تساؤلات حول قدرتها على الاستمرار في إدارة القطاع وسط هذه الظروف القاسية.

وفي وقت تشهد فيه مفاوضات وقف إطلاق النار في قطاع غزة حالة من الشد والجذب، يواصل جيش الاحتلال الإسرائيلي تصعيد ضغطه الميداني على مختلف أنحاء القطاع من خلال “مدينة الخيام” برفح الفلسطينية، بالتوازي مع تحركات دبلوماسية مكثفة للوسطاء في كل من القاهرة والدوحة.

مفاوضات وقف إطلاق النار في قطاع غزة 

وفي خطوة أثارت ردود فعل غاضبة، أعادت تل أبيب إلى الواجهة مجددًا ملف تهجير سكان غزة، ولكن هذه المرة بذريعة إقامة "مناطق آمنة" خالية من حركة حماس، وتحديدًا في أقصى جنوب القطاع، حيث تخطط إسرائيل لإنشاء ما أسمته "مدينة الخيام" على أنقاض مدينة رفح الفلسطينية.

الخطة، التي صادقت عليها الحكومة الإسرائيلية وكشف تفاصيلها وزير الدفاع يسرائيل كاتس، تتضمن تهجير نحو 600 ألف فلسطيني إلى هذه المنطقة في مرحلة أولى، بعد إخضاعهم لفحص أمني صارم، على ألا يُسمح لهم بمغادرتها، كما تهدف الخطة، في مراحل لاحقة، إلى دفع هؤلاء السكان نحو الهجرة النهائية خارج القطاع.

بالتزامن، كشفت تقارير عن خريطة إسرائيلية جديدة لإعادة التموضع العسكري داخل القطاع، تسعى من خلالها تل أبيب إلى فرض أمر واقع مستدام عبر احتلال ما يقرب من 40% من مساحة قطاع غزة، والإبقاء على مدينة رفح تحت السيطرة العسكرية الكاملة، وتحويلها إلى مركز لتجميع سكان غزة قسرًا تمهيدًا لعملية التهجير الشامل.

 

وقد أثارت هذه الخطة انتقادات دولية واسعة؛ إذ وصفت وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) المقترح بأنه أشبه بـ"معسكر اعتقال"، فيما حذرت منظمات حقوقية دولية من أن ما تسعى إليه إسرائيل يرقى إلى "جريمة حرب"، كما أعلنت العديد من الدول رفضها المطلق للخطة، معتبرةً أنها لا تمت للإنسانية بصلة.

في المقابل، يواصل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو رفض أي دعوات لوقف الحرب أو فتح مسارات تفاوضية لإنهائها، مؤكدًا أن استمرار العمليات العسكرية هو السبيل الوحيد لتحقيق ما يصفه بـ"التهجير الطوعي"، سواء إلى خارج القطاع أو إلى ما يُعرف بـ"المدينة الإنسانية" التي يُراد أن تكون نقطة انطلاق لخطة التهجير القسري.

"مدينة الخيام" هو مصطلح يُطلق على الخطة الإسرائيلية التي كشفت عنها الحكومة مؤخرًا، وتقضي بإنشاء منطقة مغلقة جنوب قطاع غزة، وتحديدًا على أنقاض مدينة رفح الفلسطينية، تكون بمثابة مخيم ضخم مؤقت لاستيعاب مئات الآلاف من سكان غزة الذين تُخطط إسرائيل لتهجيرهم قسرًا من مناطق شمال ووسط القطاع.

أبرز ما نُشر عن "مدينة الخيام":

الموقع: جنوب قطاع غزة، في منطقة رفح، بعد تدميرها بشكل واسع.

المساحة: غير محددة بدقة، لكنها تهدف إلى استيعاب نحو 600 ألف فلسطيني في المرحلة الأولى.

الشكل: منطقة مغلقة مملوءة بالخيام، خاضعة لرقابة أمنية إسرائيلية صارمة.

الهدف المُعلن من إسرائيل: "إقامة منطقة آمنة خالية من حماس".

الهدف الفعلي بحسب منظمات دولية: تجميع قسري للسكان كمرحلة أولى نحو التهجير الدائم خارج قطاع غزة.