الهدوء الذي يسبق العاصفة
خمسة مؤشرات تنذر بانفجار الحرب بين إسرائيل وإيران مجددًا

رغم مرور أكثر من شهر على انتهاء الحرب التي استمرت 12 يومًا بين إسرائيل وإيران، لا تزال النيران تحت الرماد، ومؤشرات التصعيد تزداد يومًا بعد يوم، في ظل تسريبات وتحليلات وتصريحات صريحة من الطرفين توحي بأن جولةً ثانية من المواجهة ليست احتمالًا بعيدًا، بل قد تكون قريبة جدًا.
ففي الوقت الذي يعتبر فيه البعض أن الجولة الأولى التي توقفت في 25 يونيو كانت كافية لتقليص التوتر، ترى جهات أمنية وسياسية أن مسببات الحرب لم تُعالج، وأن نهايتها لم تكن سوى استراحة قصيرة قبل العاصفة الكبرى، خاصة مع بقاء الملف النووي الإيراني مفتوحًا وتزايد الشكوك حول نوايا طهران.
ضوء أخضر أمريكي
واحدة من أبرز الإشارات التي فسرها المراقبون كتمهيد لمواجهة قادمة، هي ما تردد عن "ضوء أخضر" أمريكي تلقاه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو من الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب خلال لقائهما الأخير في البيت الأبيض.
وبحسب تقرير نشرته صحيفة وول ستريت جورنال، فإن نتنياهو أوضح لترامب أن إسرائيل مستعدة لتوسيع عملياتها العسكرية ضد إيران إذا أعادت الأخيرة تفعيل برنامجها النووي، ورغم أن ترامب شدد على تفضيله للحلول الدبلوماسية، إلا أنه لم يمانع الخطط الإسرائيلية، ما فُهم كإشارة ضمنية للموافقة على تحرك عسكري جديد.
يرى محللون أن إدارة ترامب ربما تسعى لاستخدام التصعيد الإسرائيلي كورقة ضغط إضافية على طهران، خاصة في ظل تعثر المفاوضات النووية ومحاولات واشنطن استعادة نفوذها في الشرق الأوسط عبر تحالفات أكثر صرامة.

إعادة تموضع واستعدادات عسكرية
على الأرض، تتحدث تقارير إسرائيلية عن حشود وتحركات عسكرية ملحوظة، ليس فقط في الجبهات التقليدية كالجولان أو جنوب لبنان، بل حتى في العمق الإسرائيلي، حيث تم رفع درجات التأهب في القواعد الجوية والمنشآت النووية، تحسبًا لأي رد محتمل.
وفي المقابل، تحدثت صحيفة هآرتس عن رصد استعدادات إيرانية عسكرية على أكثر من جبهة، سواء في الداخل الإيراني أو في العراق وسوريا ولبنان، مما يشير إلى أن طهران هي الأخرى باتت تتوقع المواجهة وتحضّر لها بعناية.

المشروع النووي الإيراني.. لم ينتهِ
ورغم ما أُعلن عن تجميد بعض الأنشطة النووية، تؤكد تقارير استخباراتية غربية أن إيران لا تزال تحتفظ ببنية تحتية كاملة تتيح لها استئناف التخصيب في أي وقت. وفي هذا السياق، حذّرت صحيفة واشنطن بوست من وجود "قلق أوروبي بالغ" من احتمال لجوء طهران إلى تطوير السلاح النووي سرًا، خاصة في ظل غياب الرقابة الدولية الفعالة.
المخاوف من قدرة إيران على إخفاء نشاطات نووية حساسة ازدادت بعد تقارير عن منشآت تحت الأرض يصعب رصدها، وهو ما تعتبره إسرائيل "خطًا أحمر" يتطلب الرد الفوري إذا ما تم تجاوزه.

التصعيد الإعلامي والسياسي
على المستوى السياسي والإعلامي، عاد الخطاب العدائي بين الطرفين إلى الواجهة. فقد وصف مسؤولون إسرائيليون إيران بـ"التهديد الوجودي"، فيما رد مسؤولون إيرانيون بأن "إسرائيل ستدفع الثمن كاملًا إذا تجرأت على تكرار العدوان".
أما في الداخل الإسرائيلي، فقد ارتفعت أصوات في المعارضة تحذّر من أن أي حرب جديدة ستُدخل المنطقة في فوضى غير محسوبة العواقب، في حين يراهن نتنياهو على أن الحسم العسكري قد يكون السبيل الوحيد لمنع إيران من امتلاك سلاح نووي.

مواجهة غير تقليدية.. هل تشتعل قريبًا؟
وسط هذه الأجواء المشحونة، يجمع خبراء استراتيجيون أن الحرب المقبلة -إذا اندلعت- ستكون مختلفة من حيث الشكل والمضمون، وربما تشمل استخدام أسلحة سيبرانية وضربات دقيقة بعيدة المدى، وقد لا تقتصر على جبهة واحدة، بل تمتد لتشمل حلفاء إيران في اليمن ولبنان وسوريا، ما يعني أن المنطقة برمتها قد تكون على شفا انفجار.
وفي ظل غياب أي مؤشرات على تسوية قريبة، تبقى كل السيناريوهات مفتوحة، والهدوء الحالي لا يُقرأ إلا باعتباره "الهدوء الذي يسبق العاصفة".