مجلس التحرير: مجموعة صحفيين عرب
الموقع قدم أوراق اعتماده
الى نقابة الصحفيين العراقيين

د. ظافر العاني يكتب: «قطعة كيك»

نشر
د. ظافر العاني
د. ظافر العاني

الخطوط الجوية العراقية تحسنت ومن يقول غير ذلك لا ألومه ، فلربما تعرض لتجربة شخصية غير مريحة حدثت معه مثلا تأخير في موعد الرحلة ، أو احتكاك حصل له مع أحد المسؤولين بسبب الوزن الزائد وعليه ان يدفع عنه غرامة ، أو أن الخدمات داخل الطائرة فيها خلل ما كأن يكون الطعام غير كاف او غياب سماعة الأذن التي تتيح للمسافر مشاهدة الافلام ومعظمها قديمة .


هذه كلها اسباب وجيهة للانتقاد وهي تعني في النهاية بان الخطوط العراقية ماتزال بحاجة للمزيد من المراجعة. ولكن الخدمة داخل الطائرة مختلفة عن سواها من الخطوط فهي حتى لو كانت تفتقر لقواعد الاتيكيت،  لكنها دائماً تأتي مقرونة باللمسة الانسانية بحيث ان كل مسافر يشعر ان الطائرة عائدة له ويريدُ أن يتصرف فيها على هواه مادام عراقياً .


اليوم وانا عائد لبغداد بعدما علقت خارجه بسبب حظر الطيران ، كان الطعام الذي قدم على متن الطائرة لذيذاً بشكل غير مسبوق رغم اني لم آكل منه الا القليل على سبيل توجيب الزاد .


لكن الذي لفت انتباهي أكثر هي الكيكة التي قدمت لنا . كانت لذيذة بشكل استثنائي ففي أعلاها طبقة سميكة من الكراميل الشهي وتحته لوحاً من الهلام الحليبي وفي الأسفل طبقة ثخينة من البسكويت الهش المحروق بطعم الشوكولاته ... الحقيقة كان طعمها مختلفاً فلم أبقِ منها شيئاً .


وهب على خاطري خيال الجد فلم تهنأ نفسي . تخيلت لو أن الأحفاد أكلوا منها لاستطعموها ، ولكن كيف؟ فلكل راكب قطعة كيك واحدة وهي على الاغلب تأتي على عدد المسافرين وانا أخذت حصتي .


ولنفترض إني أردت واحدةً اضافية آخذها معي على سبيل التذوق فمن أين لي الجرأة التي اطالب بها مضيفو الطائرة بأن يعملوا لي قطعة كيك (تيك أوي) فقط لأن غريزة الأجداد أثقلت خاطري !! وطردتُ الفكرة من بالي . 


رحتُ أقرأ في الكتاب الذي معي متناسيا التفكير بالكيكة .


وفجأة قفز على بالي سؤال: هل سيكون لائقاً أن أطلب منهم ان يبيعونني قطعة أو اثنتين لو بوسعهم ذلك وكان مسموحا ؟ ولكن ، أية فكرة بلهاء هذه؟! العراق مليء بمحلات الحلويات الفاخرة وفيها لاشك انواعاً مختلفة من الكيك ،، لا لا مستحيل .


طوحت بالفكرة جانبا وتشاغلت عنها لكن خيال الكيكة بقيت تحوم مثل دبور مزعج ، أطرده ويعود .


في الشاشة التي أمامي أيقونة تمكن المسافر رؤيةَ ماتلتقطه الكاميرات الموضوعة في اماكن مختلفة على جسم الطائرة ،

 واخترت الكاميرات التي هي من الاسفل مادمنا اقتربنا من بغداد حتى أرى عاصمتنا  من الاعلى . 


التقطت لكم هذه الصورة لضواحي بغداد ولا تظنوا ان هنالك مدينة أحلى منها وأكثر دفءً وكرماً من أهلها.


تسألوني عن هذا الكيس الذي امام الشاشة وعليه علامة الخطوط الجوية العراقية؟


يؤسفني أن أقول لكم اني لم استطع مقاومة رغبتي كجد استطعم شيئا طيبا واراد ان يقاسمه مع احفاده .


فتعالوا أجيبكم عن سؤالكم : الكيس فيه قطعتان من كيك الكراميل لفتهما لي بعناية فائقة مضيفة الطائرة والتي لم أنس ان أسالها عن اسمها فقالت: سارة.


لم أشكر سارة في حينها من فرط الحرج وها انا هنا اشكرها علناً على رؤس الاشهاد .


شكراً لسارة التي قدرت بصدق شغف الأجداد .