مجلس التحرير: مجموعة صحفيين عرب
الموقع قدم أوراق اعتماده
الى نقابة الصحفيين العراقيين

حرب الممرات.. هل تغلق إيران مضيق هرمز وماذا يعني ذلك للعالم؟

نشر
الأمصار

يُعد مضيق هرمز أحد أهم الممرات البحرية في العالم، إذ يمر عبره ما يقارب ثلث تجارة النفط المنقولة بحرًا عالميًا، ويشكل شريانًا استراتيجيًا للتجارة العالمية وأمن الطاقة.

و يقع المضيق بين سلطنة عمان من الجنوب وإيران من الشمال، ويربط الخليج العربي ببحر العرب والمحيط الهندي، ويبلغ عرضه نحو 50 كيلومترًا، بينما يتقلص الممر الملاحي الصالح للعبور إلى نحو 10 كيلومترات فقط في بعض المناطق، مما يجعله نقطة اختناق بحرية استراتيجية بالغة الحساسية.

إغلاق مضيق هرمز .. ماذا قد يحدث إذا نفذت إيران تهديدها؟ - جريدة زمان التركية

أهمية المضيق تتجاوز الجغرافيا، فهو المنفذ الوحيد تقريبا لعدد من كبار منتجي النفط في الخليج، مثل السعودية، والإمارات، والكويت، والعراق، لتصدير نفطهم للأسواق العالمية.

 ويشهد المضيق مرور ما يزيد عن 18 مليون برميل نفط يوميًا، ما يجعله سلاحًا جيوسياسيًا بالغ التأثير، خاصة في ظل الصراعات والتوترات القائمة بين إيران والدول الغربية.

لطالما اعتبرت إيران مضيق هرمز ورقة ضغط سياسية وعسكرية تستخدمها في مواجهة الضغوط الدولية، لاسيما في فترات تصاعد التوتر بينها وبين الولايات المتحدة أو عند فرض عقوبات اقتصادية على طهران.

إغلاق المضيق

 وهددت إيران مرارًا بإغلاق المضيق كرد فعل على العقوبات الغربية أو على استهداف صادراتها النفطية، وتدعم تهديداتها بخطاب عسكري صريح، حيث تنشر قوات الحرس الثوري زوارق سريعة، وصواريخ ساحلية، وألغام بحرية في المنطقة، ما يمنحها قدرة على عرقلة أو حتى إغلاق المضيق في حال قررت ذلك.

إغلاق المضيق لا يمثل فقط أزمة لدول الخليج بل يسبب هزة كبرى لأسواق النفط العالمية، حيث سيؤدي إلى ارتفاع حاد في أسعار النفط نتيجة تقييد المعروض، كما سيضر بسلاسل الإمداد العالمية، ويشكل خطرًا على الملاحة الدولية. وقد تدفع مثل هذه الخطوة الولايات المتحدة والقوى الكبرى إلى رد عسكري مباشر، تحت ذريعة حماية حرية الملاحة الدولية، مما يفتح الباب أمام مواجهة إقليمية واسعة النطاق.

مضيق هرمز.. بوابة مرور نفط الخليج إلى العالم.. يربط المحيط الهندى وبحر  العرب بالخليج العربى ويطل على إيران شرقاً وعمان والإمارات غرباً.. تمر خلاله  30 ناقلة نفط يوميا - اليوم السابع

الصراع الإيراني الإسرائيلي

في الحروب أو الأزمات الكبرى، خاصة في ظل تصاعد الصراع الإيراني الإسرائيلي أو الإيراني الأمريكي، يصبح مضيق هرمز نقطة اشتعال محتملة. وفي حال اندلاع حرب مفتوحة، فإن إغلاق المضيق – أو حتى التهديد الفعلي بإغلاقه – سيُستخدم من قبل طهران كأداة لإجبار الخصوم على التراجع أو التفاوض، إلا أن ذلك يحمل مخاطر استراتيجية على إيران نفسها، إذ قد يُفقدها الدعم الدولي ويعرض بنيتها التحتية لضربات مدمرة.

وبالإضافة إلى التبعات النفطية، فإن دول الخليج قد تجد نفسها مضطرة للبحث عن بدائل إستراتيجية لتصدير نفطها، مثل خط أنابيب "شرق – غرب" في السعودية، وخطوط التصدير التي تمر عبر الإمارات إلى بحر العرب، إلا أن هذه البدائل تبقى محدودة من حيث الطاقة الاستيعابية ولا يمكن أن تعوض بالكامل عن مرور النفط عبر المضيق.

مضيق هرمز: هل تستطيع إيران إغلاق المضيق؟ وكيف سيؤثر ذلك على العالم؟ - BBC  News عربي

التداعيات المحتملة لغلق المضيق 

إغلاق إيران لمضيق هرمز، ولو بشكل جزئي أو مؤقت، سيحمل تداعيات خطيرة ومتشعبة، ليس فقط على مستوى المنطقة، بل على الاقتصاد العالمي بأسره. يمكن تلخيص التداعيات المحتملة في عدة مستويات:

 تداعيات اقتصادية عالمية فورية

أبرز تداعيات الإغلاق تتمثل في ارتفاع أسعار النفط بشكل جنوني، فقد يقفز السعر إلى أكثر من 150 دولارًا للبرميل أو أكثر خلال أيام قليلة، نتيجة تراجع الإمدادات العالمية المفاجئ. 

وسيؤدي ذلك إلى اضطراب الأسواق العالمية، وزيادة تكلفة النقل والشحن، وارتفاع أسعار السلع الأساسية، مما يهدد بإطلاق موجة تضخم عالمية جديدة، خصوصًا في الدول الصناعية الكبرى.

 شلل مؤقت في صادرات الخليج

دول الخليج، وعلى رأسها السعودية والكويت والإمارات وقطر، تعتمد بشكل أساسي على المضيق في تصدير النفط والغاز. 

وإغلاقه سيجمد صادراتها مؤقتًا أو يقلصها بشكل كبير، ما يسبب خسائر اقتصادية ضخمة ويؤثر على ميزانياتها العامة. البدائل الموجودة مثل خطوط الأنابيب ليست كافية لتعويض الحجم الكامل للصادرات عبر المضيق.

البحرية الإيرانية تعلن أنها ستواصل أنشطتها في مياه الخليج | سكاي نيوز عربية

تهديد لأمن الطاقة في آسيا وأوروبا

دول مثل الصين، والهند، واليابان، وكوريا الجنوبية تعتمد بشكل كبير على نفط الخليج. إغلاق المضيق سيهدد أمن الطاقة لتلك الدول، ويجبرها على البحث عن مصادر بديلة بأسعار أعلى، أو الضغط سياسيًا ودبلوماسيًا للتدخل لفتح الممر، مما يزيد تعقيد المشهد الدولي.

 تدخل عسكري دولي محتمل

الولايات المتحدة، إلى جانب دول غربية أخرى، تعتبر حرية الملاحة في مضيق هرمز مسألة أمن قومي. أي محاولة إيرانية لإغلاق المضيق ستقابل برد عسكري على الأغلب، سواء عبر ضربات جوية موجهة أو من خلال تحالفات بحرية لضمان إعادة فتحه. وهذا قد يؤدي إلى صراع واسع في الخليج، وربما حرب إقليمية.

البحرية الإيرانية تتسلم سفينة حربية مستقبلية - موقع الدفاع العربي

تصاعد التوترات الإقليمية

الدول الخليجية ستعتبر خطوة إيران إعلان حرب، ما قد يدفعها إلى التحرك سياسيًا وعسكريًا بشكل مباشر أو عبر حلفائها. وقد نشهد هجمات متبادلة، أو حتى انخراط إسرائيل في الصراع إذا رأت تهديدًا استراتيجيًا، مما يجعل المنطقة على شفا حرب شاملة.

 تضرر التجارة البحرية العالمية

مضيق هرمز ليس فقط ممراً للنفط، بل تمر من خلاله سفن تجارية عديدة، إغلاقه سيؤثر على حركة التجارة العالمية، خصوصًا في السلع القادمة من آسيا إلى أوروبا والعكس، مما يعطل سلاسل الإمداد العالمية ويزيد من تكاليف النقل البحري.

الوسط| إيران تستعرض قدراتها البحرية في مناورات ضخمة

عزلة دبلوماسية إيرانية

إيران قد تواجه موجة إدانة دولية شديدة، وستتعرض لعقوبات اقتصادية ودبلوماسية جديدة قد تكون أشد من ذي قبل، ما يعمّق عزلتها، ويضعف موقفها على المدى البعيد، خاصة إذا فُسّرت الخطوة كتهديد مباشر للنظام العالمي.

في المجمل، فإن أي قرار إيراني بإغلاق مضيق هرمز سيكون بمثابة مغامرة محفوفة بالعواقب الكارثية، ويفتح الباب أمام تصعيد قد لا تستطيع طهران ولا خصومها التحكم في مآلاته.

في النهاية، يظل مضيق هرمز بمثابة "صمام ضغط" في معادلة الصراع الإقليمي والدولي مع إيران. فبينما تسعى طهران لتوظيفه كورقة ضغط سياسية، فإن المجتمع الدولي ينظر إليه كأحد أهم مفاتيح الأمن العالمي، ويقابل أي تهديد له بردع حاسم. ومع تزايد التوترات في المنطقة، يظل السؤال المقلق: هل تغامر إيران بإغلاق المضيق، وتدفع الخليج والعالم نحو مواجهة شاملة؟ أم أنها تكتفي باستخدام التهديد كورقة ردع في لعبة توازن القوى؟