في يديه قرار الهدنة.. من هو عز الدين الحداد خليفة السنوار بحماس؟

مع دخول الحرب في غزة شهرها التاسع وتصاعد الضغوط الدولية لإنهاء العمليات العسكرية، عاد اسم عز الدين الحداد إلى الواجهة، بوصفه أحد القادة الميدانيين القلائل المتبقين في غزة من الصف الأول في كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس.
الحداد، الملقب بـ"الشبح"، يُوصف حاليًا بأنه "صاحب القرار الأخير" في ملف الهدنة والرهائن، بعد مقتل أو انسحاب معظم القيادات البارزة من داخل القطاع.
وتشير تقارير غربية أن دوره بات محوريًا في تحديد مستقبل غزة، خاصة مع تمسك حماس بمراجعة بنود اتفاق الهدنة الأخير الذي رعته واشنطن والقاهرة والدوحة.
فمن هو هذا القائد الغامض الذي نجا من ست محاولات اغتيال، ويتحكم اليوم بمصير الرهائن وببوصلة الحرب؟
من هو عز الدين الحداد؟

ولد عز الدين الحداد، المعروف داخل الحركة بـ"أبو صهيب"، في غزة عام 1970 تقريبًا. انضم إلى صفوف حركة حماس مبكرًا خلال الانتفاضة الأولى، وتدرّج في السلك العسكري داخل كتائب القسام، حتى أصبح قائدًا لكتيبة غزة، ثم لواء غزة الشمالي، وهو أحد أهم تشكيلات القسام ميدانيًا.
برز اسمه بقوة بعد مقتل القائد العسكري باسم عيسى في غارة إسرائيلية عام 2021، حيث تولى المسؤولية الكاملة عن إدارة العمليات الميدانية في غزة، خاصة في المنطقة الشمالية. كما كان أحد القادة المشاركين في التحضير والتنسيق للهجوم المفاجئ الذي شنته حماس على إسرائيل في 7 أكتوبر 2023.
ووفق مصادر إسرائيلية، فإن الحداد عضو في "المجلس العسكري الأعلى" لكتائب القسام، وهي الهيئة التي تدير كافة شؤون المعركة والعمليات داخل القطاع. ورغم كونه لا يظهر علنًا، فإن له تأثيرًا مباشرًا في مسار العمليات والقرارات السياسية المرتبطة بالميدان.
لماذا يُلقب بـ"الشبح"؟
نال الحداد لقب "الشبح" نتيجة قدرته الفائقة على التخفي عن أعين الاستخبارات الإسرائيلية، حيث حاولت تل أبيب اغتياله 6 مرات منذ عام 2014، كان آخرها خلال حرب مايو 2024، عندما استُهدف منزل في منطقة جباليا يُعتقد أنه كان يتواجد فيه، لكنه نجا بطريقة غامضة.
وتصفه التقارير الإسرائيلية بأنه "أخطر رجل في غزة حاليًا"، وأنه بات هدفًا ذا أولوية بعد تصفية يحيى السنوار، ومهدي كوارع، ومحمد شبانة، وغيرهم من القيادات الميدانية. وتؤكد مصادر أمنية أنه يدير عملياته من أنفاق عميقة شمال غزة، ويتنقل في شبكة خنادق محصنة يصعب استهدافها جويًا.
صانع القرار في ملف الرهائن
أفادت صحيفة "التايمز" البريطانية وشبكة CNN أن عز الدين الحداد بات المسؤول الأول عن ملف الرهائن، ويحتجز عددًا منهم في موقع سري. وتشير هذه المصادر إلى أن "أي اتفاق بشأن الرهائن لن يمر دون موافقته"، وأنه يتمتع بـ"حق الفيتو" الكامل على أي مبادرة تهدئة ما دامت الرهائن في قبضته.
ورغم أن وفد حماس المفاوض في الخارج بقيادة خليل الحية، ومحمد نصر، يتولى التفاوض مع المخابرات المصرية والقطرية، فإن الموقف الحاسم يصدر عن الحداد ورفاقه القلائل داخل غزة، مما دفع بعض المحللين إلى وصفه بـ"رئيس حكومة ظل ميدانية" تدير غزة عسكريًا من تحت الأرض.
تفاصيل خطة الهدنة.. وموقف الحداد
الهدنة التي يجري الحديث عنها حاليًا جاءت بعد ضغوط أمريكية مباشرة على حكومة بنيامين نتنياهو، وتدخل الوسيط الأمريكي بريت ماكغورك والمبعوث ستيف ويتكوف، وتشمل اتفاقًا من 3 مراحل، أبرز بنودها:
المرحلة الأولى (مدة: 6 أسابيع)
وقف فوري لإطلاق النار.
إطلاق سراح 10 رهائن أحياء من النساء والمسنين مقابل إفراج إسرائيل عن عدد من السجناء الفلسطينيين.
إدخال مساعدات إنسانية يومية بكثافة إلى غزة، وعودة مبدئية لبعض النازحين إلى شمال القطاع.
المرحلة الثانية (مدة: 6 أسابيع إضافية)
الإفراج عن الرهائن العسكريين والرجال مقابل أسرى فلسطينيين كبار.
استمرار الهدنة وبدء مباحثات طويلة لوقف الحرب بشكل دائم.
المرحلة الثالثة
تبادل جثامين ورفات القتلى من الطرفين.
البدء في ترتيبات ما بعد الحرب، تتضمن إعادة الإعمار وضمانات أمنية متبادلة.
ورغم أن إسرائيل وافقت على المقترح، فإن حماس – وتحديدًا قيادة غزة بقيادة الحداد – تطالب بتوضيحات حول ضمانات عدم استئناف الحرب بعد الإفراج عن الرهائن، وضمانات أمريكية بخصوص انسحاب القوات الإسرائيلية من غزة بشكل دائم.
فقدان أفراد أسرته.. وتعقّد موقفه
تعرض الحداد لعدة ضربات مؤلمة على الصعيد الشخصي خلال الحرب. فقد قُتل ابنه الأكبر صهيب الحداد (قيادي ميداني في القسام) في يناير 2024، كما فقد حفيده البالغ من العمر عامين في غارة جوية استهدفت منزله. وفي أبريل، فقد أيضًا ابنه الثاني في غارة على موقع شمال غزة.
هذه الخسائر، وفق مقربين من الحركة، زادت من تشدد الحداد، وجعلت موقفه أكثر تصلبًا في رفض أي تهدئة لا تنص بوضوح على وقف شامل للعدوان وانسحاب كامل للقوات.
مستقبل التهدئة بيده
يرى مراقبون أن الحداد بات يحمل في يده مفتاحين: مفتاح استمرار الحرب، ومفتاح الإفراج عن الرهائن. وفي ظل غياب السنوار، بات هو "القرار الأخير" داخل الأنفاق، بينما تنتظر إسرائيل والمجتمع الدولي ردًا من قيادة الداخل.
وفي حال وافق الحداد على الهدنة، فإن ذلك يعني انفراجة كبيرة في الصراع الممتد منذ أكتوبر. أما إذا رفض، فستكون الساعات المقبلة حاسمة في مسار الحرب، خاصة مع تصاعد الحديث الإسرائيلي عن دخول "مرحلة الحسم" في غزة.