مجلس التحرير: مجموعة صحفيين عرب
الموقع قدم أوراق اعتماده
الى نقابة الصحفيين العراقيين

حقول تموت عطشًا.. الجفاف يهدد مستقبل الزراعة في سوريا

نشر
الزراعة في سوريا
الزراعة في سوريا

بين التربة المتشققة والينابيع الجافة، تقف سوريا اليوم في مواجهة واحدة من أشد موجات الجفاف قسوة في تاريخها الحديث، جفاف لم يعد يهدد فقط الموارد المائية، بل بات يُهدد الأمن الغذائي ويقوّض أحد أهم أعمدة الاقتصاد السوري وهو الزراعة.

الزراعة في سوريا.. بين خطرين

ففي وقت تحاول فيه البلاد الخروج من سنوات الحرب الطويلة والعزلة الدولية، تفرض الطبيعة تحديًا قاسيًا، يتمثل في جفاف غير مسبوق تتسع رقعته يومًا بعد آخر، ما جعل الحكومة السورية أمام أزمة مائية وزراعية مزدوجة، تزداد صعوبة عامًا بعد عام.

عين الفيجة تجف لأول مرة منذ أكثر من قرن

وزارة الزراعة السورية أعلنت أن العاصمة دمشق تواجه واحدة من أصعب التحديات المائية منذ عقود، إذ انخفض منسوب المياه في نبع عين الفيجة – المصدر المائي الرئيسي للمدينة – إلى أدنى مستوى له منذ عام 1900، ففي حين كانت مياه النبع تتدفق سابقًا بمعدل 15 مترًا مكعبًا في الثانية، فإن المعدل اليوم لا يتجاوز 2 متر مكعب، وسط ضخ بالكاد يُذكر.

هذا التراجع الخطير في تدفق المياه لا يؤثر فقط على الشرب، بل يمتد تأثيره إلى القطاع الزراعي الذي يعتمد بشكل كبير على مياه الأنهار والينابيع.

القمح السوري في خطر.. وموسم بلا حصاد

مزارعو القمح، وخاصة في ريف حلب الشمالي، أعلنوا فشل محاصيلهم هذا العام بسبب الجفاف الحاد. يقول أحد المزارعين إن الزراعة "ضُربت من قلة الري"، مضيفًا أن الأمطار لم تهطل خلال المربعانية، وهي الفترة الأكثر أهمية في الدورة الزراعية، ما أدى إلى موت المحاصيل قبل أوانها.

وتتوقع منظمة الأغذية والزراعة (الفاو) نقصًا في إنتاج القمح يُقدّر بنحو 2.7 مليون طن هذا العام، وهو ما يكفي لإطعام أكثر من 16.3 مليون شخص لمدة عام كامل، ما يُنذر بأزمة غذائية قد تطال معظم السكان.

الزراعة تحاصرها الحرب والعطش

تُضاف موجة الجفاف إلى سلسلة طويلة من التحديات التي واجهها القطاع الزراعي السوري خلال 13 عامًا من الحرب، إذ تعرضت الأراضي الزراعية للدمار، والمزارعون للتهجير، والبنية التحتية الزراعية للانهيار. واليوم، تأتي الأزمة المناخية لتكمل حلقة الضغط على هذا القطاع الحيوي.

ويعاني المزارعون من خسائر فادحة، بعدما قضوا شهورًا في انتظار حصاد محاصيلهم، التي ماتت عطشًا قبل أن تثمر، ما يهدد بانهيار مصادر دخلهم الأساسية ويفاقم من أوضاعهم المعيشية المتدهورة أصلًا.

أمل مشروط برفع العقوبات وتدفق المساعدات

في ظل هذه الظروف القاسية، يعيش السوريون على أمل أن تساهم المساعدات الدولية ورفع العقوبات الاقتصادية المفروضة على بلادهم، في تخفيف حدة الأزمة وتأمين الحد الأدنى من مقومات الحياة. غير أن هذا الأمل يظل معلقًا على قرارات سياسية دولية، لم تثمر حتى الآن حلولًا ملموسة للأزمة المتفاقمة.

أكد مدير الزراعة في دمشق وريفها الدكتور زيد محمد أبو عساف خلال لقائه المزارعين في داريا ضرورة إعداد خطط إسعافية، كإدراج خطة زراعة القطن على المياه المعالجة، وضبط التعديات على الأراضي الزراعية، ومتابعة حفر الآبار المقامة بشكل غير قانوني، إضافة لدراسة المخاطر على الثروة الحيوانية، التي تجلّت بارتفاع أسعار الأعلاف، وعدم توفر مراعي بسبب قلة الهطولات المطرية، كما ناقش المجتمعون موضوع توفر مادة الحليب الجافة، التي أسهمت بانخفاض سعر الحليب عند المربي.


ولفت إلى ضرورة العمل والتنسيق بين جميع الجهات المعنية في المنطقة، للنهوض بالواقع الزراعي نحو الأفضل وتذليل الصعوبات ضمن المتاح.