اتفاق نووي تاريخي يلوح في الأفق.. تفاؤل حذر في محادثات واشنطن وطهران

تشهد الساحة الدولية تطورات لافتة في الملف النووي الإيراني، بعد تصريحات غير مسبوقة من الرئيس الأميركي دونالد ترامب، أعرب فيها عن تفاؤله بقرب التوصل إلى اتفاق نوعي مع طهران، ما قد يطوي صفحة طويلة من التوتر والجمود بين الطرفين.
التصريحات التي أُطلقت من العاصمة القطرية الدوحة فتحت باب التأويل حول اختراق دبلوماسي محتمل يعيد رسم معادلة الصراع النووي في الشرق الأوسط.
مفاوضات متقدمة وتأكيدات من الطرفين

وقال ترامب إن المفاوضات النووية وصلت إلى مراحل متقدمة، مشيرًا إلى وجود "اتفاق نوعًا ما" يتم صياغته بهدوء، في إطار حوارات سرية يقودها مبعوثه الخاص "ستيف واتكوف" مع نائب وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي.
وُصفت هذه الحوارات بأنها جادة وتستهدف تحقيق "سلام طويل الأمد".
في مقابلة مع شبكة NBC News، كشف علي شمخاني، مستشار المرشد الإيراني الأعلى، عن مرونة غير مسبوقة من جانب طهران، مؤكدًا استعداد بلاده للتخلي عن تخصيب اليورانيوم العالي النقاوة، والعودة إلى حدود الاستخدام المدني، إضافة إلى فتح المنشآت النووية أمام المفتشين الدوليين، شرط رفع العقوبات الأميركية فورًا.
وأشار شمخاني إلى أن "الاتفاق جاهز للتوقيع"، لكنه ربط تنفيذه بالتزام واشنطن الفعلي بما تعهدت به، واصفًا المرحلة الحالية بأنها فرصة ذهبية لتحسين العلاقات الثنائية بين الطرفين.
وساطة عمانية وسياق متشابك
التقارب جاء ثمرة جهود وساطة تقودها سلطنة عُمان منذ أبريل الماضي، في محاولة لإعادة إحياء مسار الاتفاق النووي الموقع عام 2015 والذي انسحب منه ترمب نفسه عام 2018، ما أدى إلى تصعيد متبادل وعقوبات اقتصادية أثقلت كاهل الاقتصاد الإيراني.
يرى مراقبون أن التحرك الأميركي يأتي في إطار سعي إدارة ترمب لتحقيق إنجاز دبلوماسي قبل نهاية العام الأول من ولايته الجديدة، في حين تسعى طهران للخروج من الأزمة الاقتصادية الخانقة بفعل العقوبات، والانفتاح مجددًا على الأسواق العالمية.
تحديات الثقة وضمانات التنفيذ
ورغم المؤشرات الإيجابية، لا تزال التحديات الجوهرية قائمة، في ظل انعدام الثقة التاريخية بين الجانبين، وإصرار إيران على ضمانات ملموسة قبل التنفيذ، مقابل تمسك واشنطن برقابة دولية صارمة وشاملة على كل مراحل البرنامج النووي الإيراني.
مفترق طرق حاسم
يبقى الاتفاق المحتمل نافذة أمل في ملف طالما ارتبط بالتصعيد والمواجهة، وقد يشكل نقطة تحوّل حقيقية إذا ما نضجت التفاهمات الجارية. أما في حال فشلها، فقد يعيد ذلك إشعال فتيل توترات إقليمية لا تحتمل المنطقة تداعياتها.
الكرة الآن في ملعب الطرفين، فإما ولادة عهد جديد من التفاهم، أو انتكاسة تعيد النزاع إلى نقطة الصفر.
يُعد الملف النووي الإيراني من أكثر الملفات الدولية تعقيدًا وتشابكًا، حيث لا تزال تفاصيله محاطة بالغموض، في ظل تغيرات متسارعة وتضارب في المواقف بين طرفيه الرئيسيين: طهران وواشنطن.

مفاوضات الملف النووي:
في الوقت الذي تحاول فيه إيران الظهور بمظهر الطرف المنفتح على الحوار، تتصاعد الشكوك الدولية بشأن نواياها. تقارير حديثة كشفت عن قيام طهران بتطوير مجمّعين من الأنفاق يُعتقد أنهما مرتبطان بمنشآت تخصيب اليورانيوم، ما أثار قلقًا متزايدًا داخل الإدارة الأميركية.
واشنطن لم تخفِ قلقها، ملوّحة بإمكانية القبول ببرنامج نووي إيراني "سلمي"، شرط ألا يتم تخصيب اليورانيوم داخل الأراضي الإيرانية، معتبرة أن تجاوز هذا الشرط سيجعل المفاوضات بلا معنى، وقد يدفع بالولايات المتحدة نحو الخيار العسكري.

من جهتها، تجاهلت طهران التهديدات الأميركية، وعبّرت عبر وزير خارجيتها عباس عرقجي عن رغبتها في التفاوض على اتفاق مؤقت، معتبرة أن طبيعة الاتفاق النووي تتطلب وقتًا أطول من المهلة المحددة سابقًا بـ60 يومًا، غير أن واشنطن لم تُبدِ أي رد رسمي على هذا المقترح.