غزة بين النار والمفاوضات.. جهود دولية لوقف الحرب مقابل صفقة تبادل ومساعدات

بين التصعيد الميداني المتواصل في «قطاع غزة»، والتحركات الدبلوماسية المتسارعة خلف الكواليس، تقف المنطقة عند مُفترق حساس قد يُحدد ملامح المرحلة المُقبلة. فبينما تتواصل الهجمات والغارات، تُكثّف الأطراف الدولية والإقليمية جهودها لإحياء مسار تفاوضي يشمل وقفًا لإطلاق النار، واستئناف تدفق المساعدات الإنسانية، إلى جانب طرح صفقة تبادل أسرى قد تُشكل مدخلًا لتسوية أوسع.
وفي ظل هذه المعادلة المُعقّدة، تُواجه الوساطات تحديات كبيرة بين مطالب مُتناقضة وضغوط إنسانية مُتزايدة.
جهود دبلوماسية مُكثفة لإنهاء الحرب على غزة
وفي هذا الصدد، أفادت صحيفة «يسرائيل هيوم»، نقلاً عن مصادر دبلوماسية، اليوم الخميس، بوجود مفاوضات مُكثفة بين إسرائيل وعدد من الأطراف المعنية لوقف إطلاق النار في قطاع غزة.
وأوضحت الصحيفة العبرية، أن "المباحثات تشمل وقف إطلاق النار مقابل الإفراج عن نصف المحتجزين خلال الأيام القليلة المقبلة"، مُشيرة إلى أن المباحثات تشمل أيضًا استئناف المساعدات الإنسانية إلى غزة، وإنهاء عمليات جيش الاحتلال الإسرائيلي، والانسحاب حتى حدود القطاع، إلى جانب تسليم حماس لسلاحها إلى "طرف عربي".
وقالت «يسرائيل هيوم»: إنَّ المباحثات حول قطاع غزة يرعاها الرئيس الأمريكي، «دونالد ترامب»، وتهدف للتوصل إلى تفاهمات بشأن هدنة قبل ختام زيارته المنطقة.
يُذكر أنَّ القناة «13 العبرية»، قالت إنَّ المبعوث الأمريكي للشرق الأوسط، «ستيف ويتكوف»، عرض على رئيس الوزراء الإسرائيلي، «بنيامين نتنياهو»، عدة خيارات للتقدم في مفاوضات وقف إطلاق النار بغزة وصفقة التبادل مع حركة حماس.
كواليس مباحثات نتنياهو وويتكوف
ونقلت القناة عن مسؤول إسرائيلي وصفته بالمطلع على تفاصيل المحادثة، قوله إنَّ «نتنياهو وويتكوف» استعرضا عددًا من البنود ووضحا الموقف الإسرائيلي، من بينها ما يتعلق بالمساعدات، وانتشار قوات الجيش خلال وقف إطلاق النار، وضمانات لحماس بعدم استئناف القتال بعد إطلاق سراح المحتجزين.
وترتكب إسرائيل منذ (7 أكتوبر 2023) إبادة جماعية بغزة، خلفت نحو (173 ألف) فلسطيني بين شهيد وجريح، مُعظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على (11 ألف) مفقود.
وتُحاصر إسرائيل، قطاع غزة منذ (18 شهرًا)، حيث أصبح نحو (1.5 مليون) فلسطيني من أصل (2.4 مليون) بلا مأوى بعد تدمير مساكنهم في حرب الإبادة، ويُعاني القطاع من المجاعة بسبب إغلاق تل أبيب المعابر أمام المساعدات الإنسانية.
«إسرائيل غير مُهتمة بالتهدئة».. رئيس وزراء قطر يتحدث عن تعثر مفاوضات غزة
في غضون ذلك، صرّح رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري، «الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني»، أن الهجمات الإسرائيلية الأخيرة على غزة تُوحي بأن "تل أبيب لا تُبدي اهتمامًا بالتفاوض على وقف إطلاق النار".
وقال رئيس الوزراء القطري، لشبكة «سي إن إن» الأمريكية: إن قطر اعتبرت إطلاق سراح الرهينة الإسرائيلي الأمريكي عيدان ألكسندر "إنجازًا سيُساعد في إعادة المفاوضات إلى مسارها الصحيح".
وأضاف: "ولكن للأسف، كان رد فعل إسرائيل على ذلك القصف في اليوم التالي، بالتزامن مع إرسال الوفد"، مُؤكدًا أن إسرائيل بذلك "تُرسل إشارة مفادها أنها غير مُهتمة بالمفاوضات".
وتابع رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري: "فرقنا تتواصل مع كلا الطرفين. نأمل أن نرى بعض التقدم؛ لست مُتأكدًا ما إذا كان هذا التقدم سيُرى قريبًا في ظل هذا السلوك المستمر من قِبل إسرائيل".
وأكد أن "الحل سيكون صعبًا ما لم تكن الأطراف مُستعدة لمفاوضات هادفة مهما بذل الوسطاء"، مُضيفًا: "في نهاية المطاف، القرار بيد الأطراف".
تصريحات جديدة من رئيس الوزراء القطري
وأوضح رئيس الوزراء، أن خطة توزيع المساعدات الإنسانية التي تدعمها الولايات المتحدة لغزة "غير ضرورية"، مُؤكدًا أنه ينبغي عوضًا عن ذلك السماح للأمم المتحدة بتسليم المساعدات إلى القطاع الذي مزقته الحرب.
وأرسلت إسرائيل فريقًا إلى الدوحة لمواصلة المناقشات، التي تتزامن مع زيارة الرئيس الأمريكي «دونالد ترامب» إلى قطر.
وذكر مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي، في بيان صدر عنه أمس الأربعاء، أن «نتنياهو» أنهى سلسلة محادثات مُطولة مع «ويتكوف» وفريق التفاوض الإسرائيلي في ملف الأسرى والمفقودين، دون أن يورد أي تفاصيل إضافية حول فحوى اللقاءات أو نتائجها.
ومساء أمس الأربعاء، أدلى ويتكوف بتصريحات من الدوحة عبر فيها عن تفاؤله بشأن غزة، وقال إن المحادثات التي أجراها مع أمير دولة قطر ورئيس الوزراء كانت "بناءة" ويتوقع أن تقود إلى "أشياء جيدة". وأضاف أن الوضع في غزة "مأساوي"، مُشددًا على أن الجهود تُبذل لتحسينه.
في المقابل، أفادت صحيفة «هآرتس» العبرية، نقلًا عن مصدر إسرائيلي مساء الأربعاء، بأن ويتكوف اتصل برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، من الدوحة عدة مرات خلال الـ24 ساعة الماضية في محاولة لإقناعه بتوسيع صلاحية وفد بلاده المفاوض وإبداء مرونة أكبر في التفاوض "لكن دون جدوى".
حدثان مُهمان يُعيدان الزخم نحو صفقة شاملة مع نتنياهو
ويرى مستشارو ترامب أن إطلاق سراح الأسير «عيدان ألكسندر» مُؤخرًا، وزيارة الرئيس الأمريكي للمنطقة، يُشكّلان فرصة لا ينبغي تفويتها للضغط على نتنياهو للمُضي قُدمًا نحو إتمام صفقة شاملة، لا تترك له خيارات كثيرة للتراجع.
كما تأمل مصر وقطر والولايات المتحدة التوصل إلى اتفاق خلال زيارة الرئيس ترامب للمنطقة، والتي بدأها الثلاثاء وتستمر حتى (16) مايو الجاري، في أول زيارة له للمنطقة منذ بداية ولايته الثانية في يناير الماضي.
وتزامنًا مع المفاوضات وزيارة الرئيس ترامب للمنطقة، تصعد إسرائيل من حربها على قطاع غزة، حيث استهدف الجيش الإسرائيلي لليوم الثاني بسلسلة غارات عنيفة مناطق مُتفرقة بما فيها محيط مستشفى غزة الأوروبي بمدينة خان يونس، ما أسفر، خلال اليوم، عن مقتل ما لا يقل عن (70) فلسطينيا بينهم أطفال ونساء.
وارتفعت حصيلة ضحايا القصف الإسرائيلي لغزة إلى (52928) قتيلًا و(119846) مُصابًا، منذ بدء الحرب في السابع من أكتوبر (2023)، وفقًا لأحدث بيانات وزارة الصحة في القطاع.
غارات إسرائيلية تستهدف جباليا شمال غزة وتُودي بحياة 40 فلسطينيًا
في تصعيد جديد للنزاع المُستمر، استهدفت «غارات جوية إسرائيلية»، مناطق في بلدة ومخيم «جباليا» شمال قطاع غزة، ما أسفر عن مقتل (40) فلسطينيًا. وتأتي الضربات وسط تصاعد المواجهات وتزايد الدعوات الدولية لوقف النار.