«رسالة إلى بحبح».. كواليس المفاوضات السرية بين حماس وواشنطن لإطلاق ألكسندر

في أروقة الظل وبين رسائل مشفّرة ومحادثات غير معلنة، انطلقت رحلة تفاوضية مثيرة جمعت بين حركة حماس والإدارة الأمريكية في عهد دونالد ترامب.
قصة بدأت برسالة وُجّهت إلى رجل أعمال غير متوقع، بشارة بحبح، وانتهت بإطلاق سراح عيدان ألكسندر، كيف تحوّلت هذه القناة الخلفية إلى محور دبلوماسي حاسم؟ وما الدور الذي لعبته الأطراف الإقليمية في صياغة هذا الاتفاق المفاجئ؟.
وكشف موقع "أكسيوس" الأمريكي تفاصيل المحادثات السرية التي أدت إلى إطلاق سراح ألكسندر، وكيف بدأت برسالة من حركة حماس إلى بشارة بحبح، الزعيم السابق لحركة "عرب أمريكيون من أجل ترامب"، وذلك نقلا عن مسؤولين إسرائيليين ومسؤول فلسطيني ومسؤول أمريكي.
وأوضح الموقع أنه في الوقت الذي كانت تسعى حماس فيه إلى إقناع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بممارسة المزيد من الضغط على إسرائيل، كان فريق ترامب عازمًا على إطلاق سراح آخر أمريكي على قيد الحياة محتجز في غزة.
وأشار "أكسيوس" إلى أن بشارة بحبح، رجل الأعمال الفلسطيني الأمريكي الذي ساعد ترامب على كسب تأييد الناخبين العرب في انتخابات 2024 أصبح هو الوسيط غير المتوقع بعدما تواصل معه مسؤؤل من حماس مقيم خارج غزة في أواخر أبريل/نيسان الماضي، على أمل بدء حوار مع مبعوث الرئيس الأمريكي ستيف ويتكوف.
وقال مسؤول إسرائيلي كبير لـ"أكسيوس" إن هذه القناة الخلفية استغرقت بعض الوقت لتظهر، لكنها اكتسبت زخمًا خلال الأسبوعين الماضيين، جرى تبادل حوالي 20 رسالة بين الجانبين عبر مكالمات ورسائل نصية كما تحدث بحبح مع كبير مفاوضي حماس خليل الحية، حسب مصدر مطلع.
وبمساعدة مسؤولين قطريين وبحبح، استطاع ويتكوف في النهاية إقناع حماس بأن إطلاق سراح عيدان ألكسندر "مجانًا" سيكون له وزن كبير لدى ترامب وبالفعل وافقت الحركة رسميا مساء الأحد الماضي على الإفراج عنه.
بعدها اتصل ويتكوف بوالدي ألكسندر لإبلاغهما بالخبر، وقال آدي والد عيدان لموقع أكسيوس "كانت مكالمة مؤثرة للغاية من كلا الجانبين".
ووفقا لمسؤولين إسرائيليين فإن تل أبيب لم تعلم عن المحادثات السرية بشأن ألكسندر الجندي في جيشها من البيت الأبيض وإنما عرفت بالقصة عن طريق أجهزة استخباراتها.

وعندما كان وزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي رون ديرمر، الذراع الأيمن لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، في واشنطن الخميس الماضي، لم يتطرق نظراؤه الأمريكيون إلى القناة السرية.
وقال مسؤول إسرائيلي إن ديرمر اضطر إلى إثارة الأمر بنفسه مع ويتكوف الذي أكد أن المحادثات جارية، لكنه أوضح أن إسرائيل لن تضطر إلى تقديم أي شيء مقابل إطلاق سراح ألكسندر، وأن حماس لم توافق بعد.
وكان إطلاق سراح ألكسندر محور المفاوضات المباشرة غير المسبوقة بين مبعوث ترامب لشؤون الرهائن، آدم بوهلر، وقادة حماس في قطر في مارس/آذار الماضي وبالمثل علمت إسرائيل من أجهزة استخباراتها، التي كانت تتجسس على حماس.
اتفاق لإطلاق سراح ألكسندر
وفي ذلك الوقت، كان ترامب يسعى للتوصل إلى اتفاق لإطلاق سراح ألكسندر قبل خطاب حالة الاتحاد، وكانت حماس تطالب بالإفراج عن 250 أسيرًا محتجزين في إسرائيل مقابل ذلك، لكن المحادثات وصلت إلى طريق مسدود قبل 3 ساعات من خطاب ترامب. ويعتقد مستشارو ترامب أن مساعدي نتنياهو سربوا الخبر للصحافة بهدف تخريبه.
وبعد 3 أسابيع، طرح ويتكوف اقتراحًا مشابهًا ينص أن تطلق حماس سراح ألكسندر على أن يدعو ترامب علنًا إلى وقف إطلاق نار مؤقت وإجراء محادثات بشأن اتفاق شامل وهو ما رفضته حماس.
وخلال الأسابيع القليلة التالية، وسّعت إسرائيل تدريجيًا عملياتها البرية في غزة، وزادت من غاراتها الجوية، واستمرت في منع دخول جميع المساعدات الإنسانية.
وفي 22 أبريل، زار رئيس الوزراء القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني البيت الأبيض، والتقى بترامب وويتكوف حيث جرى طرح اقتراح تدعمه حماس لاتفاق شامل لإطلاق سراح جميع الرهائن وإنهاء الحرب، لكن رسالة الولايات المتحدة كانت أن اتفاقًا جزئيًا قصير الأجل هو الحل الوحيد المتاح.
وقال المسؤولون "عند عودة رئيس الوزراء القطري إلى الدوحة، أبلغ حماس بذلك وشجعها على القيام بلفتة إلى ترامب قد تغير موقفه وبعد أيام، تواصل مسؤول حماس مع بحبح".
ويوم الأحد الماضي وخلال محادثاته مع وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي في مسقط بشأن اتفاق نووي محتمل، أجرى ويتكوف أيضًا اتصالات هاتفية مع رئيس الوزراء القطري للضغط على حماس لإبرام الاتفاق.
ووفقًا لمسؤول فلسطيني، أبلغت إدارة ترامب حماس أنه في حال إطلاق سراح ألكسندر، ستضغط الولايات المتحدة من أجل وقف إطلاق نار لمدة 70 إلى 90 يومًا وهي مدة أطول من العروض السابقة مقابل إطلاق سراح 10 رهائن.
وقال المسؤول إن المفاوضات بشأن اتفاق نهائي ستبدأ أيضًا خلال وقف إطلاق النار، وستضمن الولايات المتحدة وقطر ومصر عدم استئناف الحرب طالما استمرت المفاوضات ولم يؤكد الجانب الأمريكي هذه التفاصيل.
وعندما وافقت حماس على إطلاق سراح ألكسندر، اتصل ويتكوف بنتنياهو وديرمر بالإضافة إلى عائلة ألكسندر.
من جهة أخرى، قلل مسؤول أمريكي من دور بشارة بحبح، وقال "كان له دور، ولكن بشكل غير مباشر".
وفي حين رفض مسؤول أمريكي مطلع التعليق على مكالمة ترامب ونتنياهو أمس الاثنين، قال مسؤولان إسرائيليان إن الرئيس الأمريكي لم يضغط لإنهاء الحرب أو إلغاء العملية البرية الواسعة في غزة التي تخطط إسرائيل لشنها بمجرد انتهاء زيارة ترامب.
وقال مسؤول إسرائيلي "لم تحصل حماس على أي التزامات من ترامب. كانوا يأملون في جعله أكثر دعمًا لهم، لكن يبدو أن ذلك لم ينجح".
وقال مسؤول إسرائيلي آخر إن حماس خاضت مخاطرة محسوبة "كانوا يعلمون أنهم لن يحصلوا إلا على شيء. تعاطف الولايات المتحدة وبيان واضح من ترامب. لكن الأمر كان يستحق بالنسبة لهم أن يغتنموا هذه الفرصة".
ومع ذلك، لا يزال بإمكان ترامب، الذي شعر أحيانا بالإحباط من تعنت نتنياهو، أن يقرر ممارسة المزيد من الضغط في وقت قريب مع توجه ويتكوف والمفاوضين الإسرائيليين إلى الدوحة اليوم لاستئناف المحادثات بشأن وقف إطلاق النار الأوسع في غزة واتفاق الأسرى.
يعتقد المسؤولون الإسرائيليون أن فرص تحقيق تقدم ضئيلة، في ظل تمسك الطرفين بمواقفهما وقال مسؤول إسرائيلي "أبلغنا ويتكوف أن أمامه أربعة أيام للتوصل إلى اتفاق.. وبعد ذلك سنتوغل".