مجلس التحرير: مجموعة صحفيين عرب
الموقع قدم أوراق اعتماده
الى نقابة الصحفيين العراقيين

فخ الاجتماعات مع ترامب.. دبلوماسية غير تقليدية تثير القلق الدولي

نشر
لقاء ترامب بالرئيس
لقاء ترامب بالرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي

في تحول جذري عن الأعراف الدبلوماسية التي سادت المكتب البيضاوي لعقود، أعادت عودة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى البيت الأبيض مشهد الاجتماعات الدولية إلى واجهة التوتر والارتباك. 

اجتماعات ترامب:

فمنذ تسلمه منصبه مجددًا، وخلال أقل من مئة يوم، عقد ترامب ما لا يقل عن 16 لقاءً مع زعماء دوليين، تميزت جميعها، وفق وكالة "أسوشيتد برس"، بالحدة والغرابة، وابتعدت بشكل ملحوظ عن الطابع التقليدي الحذر الذي يميز عادة العلاقات بين الدول.

ووصفت الوكالة الأميركية أسلوب ترامب الجديد في التعامل مع ضيوفه السياسيين بأنه "فخ دبلوماسي"، حيث سادت الاجتماعات أجواء مشحونة وغير متوقعة، سواء على مستوى الشكل أو المضمون. 

لقاء ترامب بالرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي شهد توترًا ملحوظًا، حيث احتدم النقاش بين الطرفين حول سبل إنهاء الحرب مع روسيا، ووصل إلى حد الإهانة، مما أثار انتقادات واسعة في الأوساط الدبلوماسية.

 

هذا التوصيف لم يكن بعيدًا عن الواقع في عدد من اللقاءات، التي سرعان ما تحوّلت إلى سجالات علنية بشأن ملفات شائكة، أحد أبرز هذه اللقاءات كان مع رئيس الوزراء الكندي الجديد، مارك كارني، الذي بدا في بداية الاجتماع هادئًا ومتزناً، قبل أن يرد بحزم على ما اعتبره تجاوزًا سياسيًا خطيرًا من ترامب، الذي لمّح مجددًا إلى فكرة "ضم كندا" لتصبح الولاية الـ51 للولايات المتحدة، وهو الشعار الذي استغله ترامب في حملته الانتخابية. 

كارني لم يتوانَ عن مواجهة الرئيس الأميركي بشكل مباشر، مؤكدًا أن "كندا ليست للبيع"، ليحوّل بذلك فخ اللقاء إلى مكسب سياسي وشعبي في الداخل الكندي، ولاحقًا في الصحافة الغربية التي أشادت بموقفه.

أما اللقاء مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الذي عُقد في فبراير، فقد كان الأكثر ضجيجًا على الساحة الدبلوماسية الدولية، حيث شهد الاجتماع خلافًا حادًا بشأن سبل إنهاء الحرب مع روسيا، وانتهى بتراشق كلامي تجاوز حدود البروتوكول، ليصبح اللقاء واحدًا من أكثر اللحظات الدبلوماسية توترًا في عهد ترامب الثاني.

الغريب أن التوتر لم يقتصر على الخصوم، بل شمل أيضًا الحلفاء، ففي لقاءين متتاليين، بدا رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مرتبكًا بشكل لافت، فعلى الرغم من علاقته القوية السابقة مع ترامب، فإن الأخير لم يتردد في انتقاد نتنياهو بشكل مباشر، محملًا إياه مسؤولية الفشل في غزة، ورافضًا شن أي عمليات عسكرية ضد إيران. 

لكن الصدمة الكبرى جاءت بإعلان ترامب عن استئناف المحادثات النووية مع طهران، وهو ما شكّل انتكاسة كبيرة لطموحات تل أبيب في تحجيم البرنامج النووي الإيراني، ونسف رهانات نتنياهو على دعم أميركي غير مشروط.

هذه اللقاءات المتوترة دفعت عدداً من الزعماء الأوروبيين إلى إعادة النظر في شكل تعاملهم مع الإدارة الأميركية الحالية، وتفضيل الحلول الدبلوماسية غير المباشرة، لتفادي السقوط في ما بات يُعرف إعلاميًا بـ"فخ اجتماعات ترامب".

وفيما يتواصل الجدل حول أسلوب الرئيس الأميركي في التعاطي مع الملفات الدولية، يبقى السؤال الأبرز: هل تُعيد هذه المقاربة غير التقليدية رسم خريطة التحالفات العالمية، أم أنها مجرد فصول جديدة من كتاب السياسة الترامبية المثير للجدل؟

أسلوب ترامب في التعامل مع القادة الدوليين يعكس توجهًا جديدًا في السياسة الخارجية الأمريكية، يعتمد على المواجهة المباشرة والضغط لتحقيق أهدافه، هذه اللقاءات تكشف عن تحول في العلاقات الدولية، حيث لم تعد التحالفات التقليدية ثابتة، بل أصبحت مرهونة بالمصالح المتغيرة والتفاعلات الشخصية بين القادة.