رئيس مجلس الإدارة
د. رائد العزاوي

من المصب إلى المنبع.. جولة رمضانية على ضفاف النيل

نشر
الأمصار

ينتظر المسلمون حول العالم شهر رمضان المبارك كل عام من أجل الصيام والاحتفال به، يصاحب هذا الاحتفاء طقوس معينة تختلف من مكان لمكان، حسب الإرث، سواء الإسلامي أو الثقافي لهذه البلاد،  وتعتبر ضفاف نهر النيل مركز للتنوع الثقافي والعرقي وحتى اللغوي بين شعوبه، مما ينعكس على أجواء رمضان على ضفافه وتنوعها، ولذلك سنقوم بجولة حول ضفاف النهر العظيم للنتعرف على عادات شهر رمضان فيه.

رمضان في السودان

المجتمع السوداني له طقوس خاصة في رمضان، ويبدأ الاحتفال بشهر رمضان عند أهل السودان قبل مجيئه بفترة طويلة؛ فمع بداية شهر شعبان تنبعث من المنازل السودانية رائحة جميلة، هى رائحة (الأبري) أو (المديدة). 

وعند ثبوت رؤيته يحدث ما يُعرف بـ(الزفة) إذ تنتظم مسيرة مكونة من رجال الشرطة، والجوقة الموسيقية العسكرية، ويتبعهم موكب رجال الطرق الصوفية، ثم فئات الشعب شباباً ورجالاً، وتقوم هذه (الزفة) بالطواف في شوارع المدن الكبرى، معلنة بدء شهر الصيام. 

ومما يلفت النظر عند أهل السودان أن ربّات البيوت اعتدن على تجديد وتغيير كل أواني المطبخ، احتفالاً وابتهاجًا بقدوم شهر رمضان، وحالما يتم الإعلان عن بدء شهر الصوم، تبدأ المساجد في إضاءة المصابيح الملونة على المآذن والأسوار، وتظل الأضواء الخاصة طوال ليالي رمضان، كما تبدأ المدافع في الانطلاق عند كل أذان مغرب.

ومع حلول موعد الإفطار يتم شرب (الآبريه) ويُعرف بـ(الحلو - مر) وهو شراب يروي الظمآن، ويقضي على العطش الذي تسببه تلك المناطق المرتفعة الحرارة، ومن الأشربة المشهورة عند أهل السودان في هذا الشهر الكريم شراب (الآبري الأبيض) و(المانجو) و(البرتقال) و(الكركدي) و(قمر الدين)، أما المائدة الرمضانية السودانية فتتم على بسط من سعف النخيل مستطيلة الشكل، يصطف الناس حولها صفين متواجهين.

ويبدأ الإفطار بتناول التمر ثم (البليلة) وهى عبارة عن الحِمّص المخلوط مع أنواع أخرى من البقول المسلوقة، ومضاف إليها التمر، وهو طعام لا غنى عنه عند الفطور، ثم يتبع ذلك تناول (عصير الليمون) إذا كان الجو حاراً، أو (الشوربة) إذا كان الجو بارداً، وتلي ذلك الوجبات العادية، وأشهرها (الويكة) و(ملاح الروب) و(القرَّاصة) و(العصيدة) و(التقلية).

وأهم ما يلفت الانتباه عند أهل السودان خلال هذا الشهر الكريم ظاهرة الإفطار الجماعي، حيث تُفرش البُسط في الشوارع إذا كانت متسعة، أو في الساحات العامة، وتأتي كل عائلة بطعام إفطارها جاهزًا مجهزًا، وتضعه على تلك البسط.

ومن عادات السودانيين في هذا الشهر ولا سيما في القرى، خروج كل واحد من بيته قبل الأذان حاملاً إفطاره وبكمية تزيد على حاجته، ثم يجلس إما في المسجد، وإما في الشارع ناظرًا ومنتظرًا أي شخص غريب ليفطر معه. 

وفي الخميس الأخير من رمضان يعد السودانيون طعامًا خاصًا يعرف بـ(الرحمات) يتصدقون به على الفقراء والمساكين، وهم يعتقدون في هذا أن أرواح الموتى تأتي في هذا اليوم لتسلم على أهلها.

وفي الأيام الأخيرة من شهر رمضان، تشهد المنازل السودانية نشاطًا ملحوظًا، وتحركًا ملموساً؛ إذ تبدأ الاستعدادات الخاصة لتحضير حلوى العيد، (الكعك) و(البسكويت) وغير ذلك من أنواع الحلوى المعروفة عند أهل السودان، وعادة ما يتم تحضير ذلك بشكل جماعي وتعاوني بين النساء.

ويحرص أهل السودان أشد الحرص على إخراج زكاة الفطر، وتوزيعها على الفقراء والمساكين المنتشرين على طول البلاد وعرضها، وهم في العادة يتولون بأنفسهم أمر ذلك.

ويتم توديع رمضان عند أهل السودان بإنشاد القصائد الدينية والمدائح النبوية.

في شهر رمضان المبارك لهذا العام، يستعد الجنوب سودانيون لتناول مائدة الإفطار التي تحمل تراثاً غنياً وتقاليد عريقة.

وتعتبر بعض الأكلات الشهيرة جزءاً لا يتجزأ من هذه المائدة، حيث يعتاد السودانيون على طهيها وتناولها خلال فترة الصيام وخاصة ساعة الإفطار.

من بين الأكلات البارزة التي يتناولها السودانيون في مائدة الإفطار، نجد "العصيدة بالتقلية" و"العصيدة بالنعيمية" و"الرقاق"، تتميز هذه الأطباق بمذاقها الشهي وقيمتها الغذائية العالية، مما يجعلها اختياراً شائعاً للعديد من الأسر السودانية خلال شهر الصيام.

تنزانيا: تقاليد الإفطار وأطباق الصيام في شهر رمضان

في شهر رمضان المبارك، تزخر شوارع مدن تنزانيا بالأجواء الدينية والاجتماعية المميزة، حيث تعكس المساجد والمنازل تقاليد وثقافة الإفطار الرمضاني لدى السكان.

قبل أذان المغرب، تقوم بعض المساجد في تنزانيا بالإعلان عن موعد الإفطار بطريقة مميزة، وذلك بضرب الدفوف، مما يعد إشارة لبدء وقت الإفطار. وتحرص الأهالي في هذه اللحظة على عمل موائد إفطار أمام المساجد لاستقبال الصائمين، كنوع من التمسك بالروح الاجتماعية والتراحم التي تميز هذا الشهر الفضيل.

وعن طقوس وتقاليد الإفطار في البلاد، حيث يعتبر المشروب "الأوجى" هو الأكثر شيوعاً لدى الصائمين.

ويتكون الأوجى من مزيج من الدقيق والذرة والنشا والفانيليا والسكر، ويشبه في مذاقه المشروب المعروف "السحلب".

ومن المأكولات التي يبدأ بها الصائمون إفطارهم في تنزانيا هي التمر والماء المحلى بالسكر.

أما بالنسبة للأطباق المحلية التي يتناولها السكان خلال شهر رمضان، فتشمل الموز المطبوخ بأشكال مختلفة مثل الطهي والقلي والشوي، إضافة إلى الأسماك وجبات الأرز المقلي بنكهة جوز الهند. 

وتتميز المائدة الرمضانية في تنزانيا بتنوعها وغناها بالمأكولات المحلية الشهية.

رمضان في الكونغو الديمقراطية

ويختلف شهر رمضان الكونغو الديمقراطية، من حيث الأجواء الاحتفالية، التي لم تتجاوز نسبة المسلمين فيها 10% من السكان، لا توجد "زينة" ولا "فوانيس" إلا في السكن الخاص بالمصريين فقط.

ومع انتهاء شهر رمضان الكريم، تقام صلاة العيد في بعض المساجد بكينشاسا، ويتبادل المصريون التهاني في محيط التجمعات السكنية التي تجمعهم.

وفي دولة الكونغو الديمقراطية، يوجد عدد من الحلويات التقليدية التي يتم تناولها في رمضان. من بين أشهرها: "المتيكا - المامبو - تشيبوي - سوكوسوكو"، هذه بعض الحلويات الشهيرة في رمضان في دولة الكونغو الديمقراطية، وقد يختلف تناول الحلويات حسب العادات والتقاليد الشخصية.

\

رمضان في رواندا

تعد جمهورية رواندا منبع نهر النيل وتعني أرض الألف تل وتقع في شرق أفريقيا بمنطقة البحيرات العظمى الأفريقية.

والمسلمون في رواندا يمثلون 20% من إجمالي عدد السكان وتختلف طرق إحياء شهر رمضان عن تلك التي تحدث في الدول العربية فعندما يقترب شهر رمضان، نبدأ بالاستعداد له بالمجالس في المساجد،

 فيما يغني الأطفال بعض الأناشيد الرمضانية، لاستقبال هذا الشهر الكريم، فضلًا عن الدروس والحلقات الدينية التي تلقيها وفود الأزهر من الدعاة والمشايخ في المساجد التي يصل عددها إلى ما يقرب من ستمائة وخمسين مسجدًا.