رئيس مجلس الإدارة
د. رائد العزاوي

ذكرى مقتل قاسم سليماني وأبو مهدي المهندس.. الأسباب والنتائج

نشر
الأمصار

في الثالث من يناير عام 2020، قتلت الولايات المتحدة الأمريكية قاسم سليماني، قائد فيلق القدس الإيراني السابق، وأبو مهدي المهندس، نائب رئيس هيئة الحشد الشعبي العراقي، في غارة جوية بالقرب من مطار بغداد الدولي.

وكانت هذه العملية العسكرية الأمريكية هي الأكثر أهمية في المنطقة منذ سنوات، وأحدثت صدمة كبيرة في العالم العربي والإسلامي.

وبحسب الحكومة الأمريكية، كانت العملية تهدف إلى منع سليماني والمهندس من تنفيذ هجوم وشيك ضد القوات الأمريكية في العراق.

ولكن، رفضت إيران والعراق هذه الرواية، واعتبرتا أن العملية جريمة حرب.

من هو قاسم سليماني؟

قاسم سليماني هو قائد فيلق القدس الإيراني السابق، وهو أحد أكثر الشخصيات البارزة في إيران والمنطقة العربية والإسلامية.

ولد سليماني في مدينة كرمان الإيرانية عام 1957، وانضم إلى الحرس الثوري الإيراني عام 1979، بعد الثورة الإسلامية.

شغل سليماني العديد من المناصب في الحرس الثوري، قبل أن يُعين قائدًا لفيلق القدس عام 1998.

كان فيلق القدس مسؤولًا عن العمليات العسكرية والمخابراتية الإيرانية خارج الحدود الإقليمية، وكان سليماني يُعتبر العقل المدبر للعديد من العمليات العسكرية الإيرانية في المنطقة، بما في ذلك الحرب في سوريا والعراق.

كان سليماني شخصية مثيرة للجدل، حيث كان يعتبره البعض بطلًا قوميًا، بينما كان يعتبره البعض الآخر إرهابيًا.

قتل سليماني في غارة جوية أمريكية في العراق عام 2020، وأثار مقتله ردود فعل غاضبة في إيران والمنطقة العربية والإسلامية.

أهم أعمال قاسم سليماني

- لعب دورًا رئيسيًا في دعم الميليشيات الشيعية في سوريا والعراق، مما ساعد على الحفاظ على نظام بشار الأسد في سوريا، وهزيمة تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش).
- كان مسؤولًا عن تطوير قدرات إيران العسكرية، بما في ذلك برنامج الصواريخ الباليستية الإيراني.
- ساهم في توسيع نفوذ إيران في المنطقة، مما أدى إلى تصاعد التوترات مع الولايات المتحدة وإسرائيل.

من هو أبو مهدي المهندس؟

عرف جمال جعفر محمد علي آل إبراهيم، بلقب أبو مهدي المهندس. وهو من مواليد عام 1954 في البصرة القديمة لأب عراقي وأم إيرانية. التحق بكلية الهندسة التكنولوجية في بغداد في العام 1973 وتخرج منها عام 1977 وعمل كمهندس مدني في المنشأة العامة للحديد والصلب في البصرة. وقد حصل على شهادة البكالوريوس في العلوم السياسية ودرس الدكتوره في الاختصاص نفسه.

كان المهندس قد انخرط في النشاط السياسي في مرحلة مبكرة من حياته فانضم إلى حزب الدعوة الاسلامية وهو في الدراسة الثانوية.

وفي عام 1980 غادر إلى الكويت بعد تسلم صدام حسين الحكم في العراق حيث تعرض حزب "الدعوة الإسلامية" في تلك الفترة للكثير من التضييق والاعتقالات في صفوفه.

كما تم إعدام المرجع الديني الشيعي محمد باقر الصدر وقتها، أبرز مؤسسي حزب الدعوة.

وفي الكويت مارس نشاطاً سياسياً وأمنياً معارضا للرئيس العراقي صدام حسين ضمن ما سماه بـ"خلايا فرع حزب الدعوة" حتى منعته الحكومة الكويتية من مزاولة نشاط سياسي على أراضيها،

وقد أصدرت محكمة كويتية حكما غيابيا ضده بالإعدام لاتهامه بالضلوع في سلسلة من التفجيرات استهدفت سفارتي الولايات المتحدة وفرنسا عام 1983.

كما طالبت السلطات الأمريكية بتسليمه لاتهامات بارتكاب "أعمال إرهابية".

وقد غادر الكويت إلى إيران حيث انضم لقوات الحرس الثوري إبان فترة حرب الخليج الأولى أو الحرب العراقية الإيرانية حيث تشكل حينها ما يعرف بـ"فيلق بدر".

في مارس من عام 2003، عاد إلى العراق حيث مارس دورا في العملية السياسية. وترشح لانتخابات البرلمان العراقي عن قائمة حزب "الدعوة" بزعامة نوري المالكي، رئيس الوزراء السابق، وأصبح المهندس لفترة قصيرة عضواً في البرلمان العراقي عقب انتخابات عام 2005.

وبعد اجتياح مسلحي تنظيم ما يعرف بـ"الدولة الإسلامية" أجزاء واسعة من شمال العراق وغربه، تولّى أبو مهدي المهندس جمع فصائل شيعية مسلحة عدة بدعم إيراني إثر إصدارنوري المالكي، رئيس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة، أوامره بتعبئة الجماهير وتشكيل هيئة الحشد الشعبي، كي يقفوا بصورة أساسية بوجه التهديدات الأمنية التي مثلها "تنظيم الدولة" في بغداد وأطرافها.

ومنذ تشكيل الهيئة تولى المهندس منصب نائب هذه القوة العسكرية التي أعُلنت لاحقا كهيئة رسمة ضمن قوات الجيش العراقي المختلفة وتحت قيادة القائد العام كما صرح بذلك رئيس وزراء العراق في ذلك الوقت، حيدر العبادي.

واعتبر المهندسُ بأنه صاحب كلمة مسموعة داخل الهيئة التي يقودها رسميا فالح الفياض. ويرى مراقبون أن المهندس كان القائد "الحقيقي" الذي عمل بجد لتطوير "الحشد". ولعب دورا وصف بـ" المؤثر" في قيادة العمليات العسكرية ضد "الدولة الإسلامية"، حيث دأب على الحضور كقائد ميداني لساحات المعارك التي قادها الحشد الشعبي على الأرض، والتي شابتها لاحقا اتهامات بوقوع ما وصف بـ"التجاوزات والانتهاكات".

وساعد المهندس في تأسيس كتائب "حزب الله" العراقية والتي تعتبرها الولايات المتحدة "إرهابية". فرغم دمج الحشد الشعبي مع القوات الأمنية العراقية الرسمية، يزعم بأن مازالت بعض فصائله المتشددة، ومن بينها كتائب "حزب الله"، تمارس نشاطات مستقلة.

ويعد المهندس عدو ا للولايات المتحدة ولديه سمعة أنه رجل إيران في العراق.

علاقة المهندس بسليماني

كما عرف المهندس بعلاقاته الوثيقة التي تمتد لعقود مع إيران عرف أيضا كواحد من أهم المقربين من قائد فيلق القدس الإيراني قاسم سليماني حيث أعتبر المهندس مستشاراً شخصياً لسليماني، وكانا يظهران سويا في كثير من المناسبات

وحول طبيعة العلاقة بينه و بين الأخير، قال المهندس في أحد اللقاءات الصحفية باللغة الفارسية التي يتقنها" أفخر أن أكون جنديا لدى الحاج قاسم سليماني وهي نعمة إلهية". كما هو حال سليماني، كان المهندس يحتفظ بلحية بيضاء وشعره الأبيض.

لقد عمل الرجلان معا عن كثب وضمن أهداف استراتيجية عدت مشتركة تخص "جهاز الأمن العسكري" المعروف بـ"قوات القدس" والذي تولى الجنرال قاسم سليماني قيادته منذ العام 1998 وكذلك الجناح الخارجي لعملياته. وقد قضى الرجلان معا حيث أنهت غارة أمريكية حياتهما بعدما استهدفت موكبهما على طريق مطار بغداد.

وكان أبو مهدي المهندس قد تحدث العام الماضي متهما الولايات المتحدة بالوقوف وراء أعمال تخريب استهدفت قواعد لـ"الحشد الشعبي" في العراق وتحديدا في البصرة. وحجب بعدها ببضعة أيام حسابه على موقع تويتر.

وتفرض الولايات المتحدة عقوبات على المهندس منذ عام 2009. كما اتهمته قوات البيشمركة الكردية في العراق مع مساعده هادي العامري بقيادة الهجمات التي شنها الحشد الشعبي على كركوك ومناطق أخرى من الموصل.

وكان لقتل سليماني والمهندس نتائج كبيرة على المنطقة، فقد أدى إلى تصاعد التوترات بين إيران والولايات المتحدة، ودفع إيران إلى زيادة دعمها لميليشيات الحشد الشعبي في العراق.