رئيس مجلس الإدارة
د. رائد العزاوي

عميد ركن يعرب صخر يكتب: ملحمة غزة وآفاق الحلول

نشر
عميد ركن يعرب صخر
عميد ركن يعرب صخر

شهدت بداية الأسبوع الثاني من ملحمة غزة حراكا" أميركيا" دؤوبا" لاستلام زمام الأمور، وثبت الان أن أميركا تقود اسرائيل بالعسكر فضلا" عن السياسة. وأكثر صارت هي الميزان المفاضل ما بين النشاطين العربي والإيراني.

إن ربوض أسطول حاملتي الطائرات /فورد و ايزنهاور/ مع مدمراتهما وبوارجهما، مع وجود ٩ آلاف جندي في شرق الفرات، واستقدام بضعة آلاف أخرى منذ يومين، ولا ننسى نشاط قاعدة العيديد وغيرها في المنطقة.. هو جهوزية عسكرية أميركية كاملة الأوصاف؛ ليس للتدخل في غزة، بل أولا" لاستلام الأمرة، وثانيا" لردع باقي الساحات أن تعيد حساباتها. ولا شك مع كل ذلك أن هذا الحضور العائم صندوقة انتخابات الرئاسة الأميركية الوشيكة والحزب الديموقراطي الأميركي.

تأسيسا" على هذه القاعدة، فتح بازار المفاوضات المستترة بين كل أطراف المنطقة توازيا مع الحرب المعلنة. بدأ الحراك السياسي والدبلوماسي الأميركي المباشر مع العرب وغير المباشر مع إيران التي بدورها ترسل رساىلها التي تعودنا عليها عبر مكوكيات وزير خارجيتها بالتزامن مع صراخ وعويل أذرعها وميليشياتها، ابرزهم حزبللا. سيستعمل الحزب في لبنان الضغط العربي الممارس على أميركا للجم نتنياهو لصالحه ليخبرنا في الداخل اللبناني ان استهدافه لكاميرات المراقبة  في المطلة ببومب اكشن هو السياق الذي منع اسرائيل من التفكير في تحويل لبنان لغزة و ان إعلانه التدخل في الحرب اذا ما حصل توغل بري إسرائيلي في غزة هو الذي اثنى الإسرائيلي عن الهجوم البري و الفضل لسلاح المقاومة و توازن الرعب الذي تخطى الحدود اللبنانية إلى الداخل الاسرائيلي.

وأن تصريحات عبد اللهيان "ان غزة ستتحول مقبرة للجنود الإسرائيليين عند حصول الاجتياح البري" حمت غزة.
للتذكير: حاولت إيران عند قرب اعلان التطبيع السعودي الإسرائيلي إلى خربطة مساره، عبر استهداف السفارة الأميركية في عوكر و عبر استهداف الحوثي للقوات البحرينية جنوب المملكة ، ثم وأخيرا"  عبر حرب غزة؛ ففوجئت ان قرار التطبيع تحميه كما تحمي اسرائيل حضور البوارج و أميركا شخصيا.

السؤال : هل تقرر إيران في حال استثنائها من مائدة الشرق الأوسط الجديد ان تذهب لانتحار مباشر و تهديد نظامها بإطلاق يد اذرعتها في المنطقة؟ هل يطل السيد حسن كما طل في ٢٠٠٦ ليخبرنا ان المحور سيستبق عمل عسكري أميركي إسرائيلي يعد عليه؟ وارد.
كما وارد أيضا حفاظ إيران على مكتسباتها في لبنان و سوريا و العراق و انتظار ايام افضل.

ومن هنا علينا أن نراقب؛ هل تنتهي الحرب في غزة، وربما في غيرها، على القاعدة العربية /الأرض مقابل السلام، بحل للقضية الفلسطينية والصراع العربي الاسرائيلي من منظور "الدولتين"، أم تنتهي بتسوية اميركية غربية ايرانية على الملف النووي الايراني، وتكون إيران قد ربحت بصراخها ولم تحرك صواريخها؟

يظهر للآن ان الموقف العربي هو الغالب. السعودية تعمل على النتائج ولا تهمها الدعائية. اصرارها في اليوم الأول وقادت معها دول الخليج الباقية ومصر على ذات الموقف: وقف عملية التطبيع طالما البربرية الإسرائيلية مستمرة، منع اجتياح غزة واصرار مصر بعدم فتح رفح لمغادرة الأجانب وفتحه لعبور المساعدات… الخ.
والحمبة الأميركية أن تعيد الأمور لطبيعتها لما قبل عملية غزة، هو حرصها على إعادة الحياة للتطبيع لعودة الحياة للممر الاقتصادي الهندي الكبير لمنافسة الصين والحزام والطريق الصيني (طريق الحرير سابقا")، هذا الممر الذي ينطلق من الهند بحرا"  نحو الإمارات ثم السعودية برا" نحو الأردن وحيفا ثم اليونان ومنه لكل أوروبا، ومن شأن إيقاف السعودية لعملية التفاوض للتطبيع مع إسرائيل أن يوقف نهائيا" العمل بهذا الممر الذي نجحت إيران في وقفه عبر عملية غزة.
إن إعلان السعودية تمسكها بحل الدولتين على قاعدة المبادرة العربية ٢٠٠٢ في بيروت الأرض مقابل السلام، أنه الأساس في التطبيع، يخدم أغراض أميركا كمنطلق أهم للضغط على إسرائيل ويخدم العرب في ترجيح كفتهم على إيران. 
من الصمود الغزاوي المبهر والارتباك الإسرائيلي، ومن هيجان الشارع العربي، ومنعا" لاصطياد إيران في الماء العكر، ومن تمسك العرب بالتعامل مع السلطة الشرعية الفلسطينية، ومن تواجد بلينكن مع وزراء خارجية العرب في المسار السياسي و البيان الختامي حتى عدم تدخل اسرائيل بريا في غزة، أصبحت القضية الإسرائيلية تدار أميركيا بشكل كبير و كبح نتنياهو للاجتياح البري دليل واضح.
اصرار بلينكن الذي لم يكتفي بلقاء بن فرحان و طلب لقاء ولي العهد و عاد من الإمارات إلى المملكة مرة ثانية لقائه بعد الحاحه على ذلك تثبيت لنظريتي في بيع توقيف الاجتياح الإسرائيلي البري لغزة لصالح صفقة التطبيع الأميركية المعروضة على السعودية.
المواقف الصلبة لمصر و الإمارات و المملكة ساهمت في لجم الاجتياح البري عبر لقائات بلينكن و خاصة بعد تأنيبه العلني من السيسي.

ننتظر ردة فعل الخاسرين أو المتضررين من ذلك. كما ننتظر إذا تحولت إحدى حاملات الطائرات من المتوسط إلى بحر العرب، معناه ان العسكرة تطغى على السياسة.. لكن للآن نرى الأمور متجهة نحو مخرجات التسويات والتهدئة.