رئيس مجلس الإدارة
د. رائد العزاوي

عميد ركن يعرب صخر يكتب: الحركة الفاصلة بثورات الشعوب

نشر
الأمصار

أحاول قدر إمكاني وبأضعف إيماني إختصار الأزمة وتقصي حلولها واستنباط بدائلها، فتستعصي علي كأنها قدر محكم وقضاء مبرم. مع ذلك؛ عنادي وإصراري يبقيان لي مسبارا" أسبر فيه سبل الرجاء وأمخر فيه عباب الأمل.

يعتصرني الألم على ما آل إليه حال وطني من تردي و قهقرى، وتمزقني حسراتي أن أراه، وقد كان درة الشرقين، يصير أسير الشرين/ شر العدو وشر من يدعي محاربة العدو، فأمات لبنان وأحيا العدو.
وأكثر ما يضيم أن السبل قد سدت وانقطعت البدائل واستعصت الحلول. وممن ترجو العون؟ أمن منظومة الحكم وهي العلة وسبب الخراب؟ أمن رئيس جمهورية باع نفسه للشيطان؟ أمن رئيسي حكومة وبرلمان ألعوبة بيد الشرير؟ أمن حكومة عاجزة وزراؤها مهابيل مساطيل؟ أو نواب غفلة مشتتون لا يرسون على قرار؟ دستور معلق استبدلوه بأعراف غب المصلحة؟ أم من مجتمع دولي منشغل بأزماته والقرارات الدولية التي أصدرها عاجز عن تنفيذها؟ لم يبق غير بيئتنا العربية ورئتنا التي نتنفس بها التي لطالما كانت سندا" وعضدا"، والآن قد  منعها الممانع عنا وأقفل منها إلينا مسالك الخير وفتح عليها دروب الشر والهواء الأصفر والسموم؟… وبعد؛ ما السبيل وكيف الخلاص؟

بعد تنكيس السيادة والهيبة وفقدان المناعة واستشراء الفساد…كانت لا تزال هناك أربعة أقانيم تشكل ما تبقى من وجه لبنان المناعي والحداثي، الليبرالي، والإنفتاحي...وهي: الأسلاك العسكرية على رأسها الجيش - المالية  المركزية العامة - الطبابة - والتعليم.

تجري عملية شيطنة خبيثة، وإشاعات محضرة وممنهجة تقذف بتواقيت مدروسة، لإفقاد الثقة بهذه المؤسسات، تمهيدا" لتهديمها وانهيارها، ومعها إنهيار آخر بيادق المناعة والدفاع الوطني، كي  تستفرده الميليشيات ومرتزقتها، وتهجر أبناءه وتبيحه ساحة لتصفية حسابات لا دخل للبنانيين بها ولا نفع لهم منها. هذه العصابات وطوابيرها بدأت لعبتها بتعميم الفساد لتنتقل الآن إلى خطوتها الأخيرة بإفقاد الثقة وتهديم ما تبقى.

إن كان هناك معاناة كبيرة ومطالب حق، لكن هنا يراد بها الباطل، تقوده وتشيعه الناس دون علم ووعي، إنما بعلم ووعي وتخطيط من يريدون الباطل والشر بلبنان.
فمهما يكن، حافظوا على الأمل والثقة، لا تساهموا في تثبيط العزائم وإحباط النفوس، ولا تكونوا عونا" للجراثيم لضرب مناعتكم، ولا هشيما" للنار أنتم وقودها. 
ولكي نحبط أعمال الشر: الوعي قيل النعي؛ كونوا لبنانيين لا طائفيين، ودعوا العقيدة والزعيم، وآمنوا بلبنان، فهكذا تهتدون وتسلمون، وبلبنانكم  تهنأون

الثورة؛  ولا خلاص بغيرها

لم أجد أمامي بعد عرض الأزمة وجوانبها، واستنفاذ سبل كل البدائل، ومع إيماني الراسخ بأن الخير لا بد كامن بين طيات الشر ينتظر ساعته؛ ولأنني لا أرضى ولا أخنع ولا أخضع ولا أركع ولا أستكين، وأرفض ما دامت تخفق بي الدماء وتنبض معها الحرية والكبرياء.. لم اجد سوى ان الحركة الفاصلة في مصائر الشعوب ليست إلا في الشعوب بذاتها في ثورات الشعوب والتي عبر كل الأزمنة تركت الضلال ةنزعت عنها كل اتكال وقلبت الحال إلى خير المآل. لا بديل ولا حل بغير الثورة؛ ثورة إيثار بلا استئثار وعز وإباء تتحضر لها التضحيات وتبذل بسبيلها الدماء.