رئيس مجلس الإدارة
د. رائد العزاوي

ماذا بعد اجتماع لجنة الاتصال العربية حول سوريا في القاهرة؟ "تفاصيل"

نشر
اجتماع لجنة الاتصال
اجتماع لجنة الاتصال العربية

لا تزال جهود الدول العربية مستمرة في البحث والتشاور لحل الملف السوري، على الرغم من أن الحكومة السورية في دمشق لم تظهر حتى الآن أي خطوات ملموسة نحو تنفيذ المبادرة العربية “خطوة مقابل خطوة” لتطوير العلاقات معها، بغية التوصل لحل سياسي للوضع السوري المأزوم لأكثر من عقد.

ومع ذلك ترى الدول العربية، أن عقد اجتماعات عدة والاستماع إلى وجهات النظر قد يهيئ لخطوة أولية جادة على طريق الحل السياسي الشامل في سوريا، ولهذا السبب يُلاحظ من حين إلى آخر إما وزيرٌ عربي يزور دمشق أو يتم عقد اجتماعٍ ما لتقريب المسافات وفهم المقاربات التي تُطرح من كل طرف.

اجتماع لجنة الاتصال العربية

وجاء اجتماع لجنة الاتصال العربية بشأن سوريا في القاهرة قبل يومين تأكيدٌ لهذه الجهود التي توصلت إلى اتفاق على منهجية للعمل مع دمشق وفق قاعدة “خطوة مقابل خطوة” وبما يتماشى مع قرار مجلس الأمن رقم /2254/.

ويأتي الاجتماع للتأكيد على أن الحل السياسي هو الوحيد للأزمة السورية، والإقرار بأن الاجتماع المقبل سيكون في بغداد، يدلل بأن لجنة الاتصال العربية قد حددت أمامها سلسلة اجتماعات من أجل الوصول إلى مقاربة ما قد تكون بداية الحل السياسي في سوريا.

ولكن اللافت في هذا الاجتماع هو البيان الختامي الذي أعرب المشاركون فيه عن التطلع لاستئناف العمل في المسار الدستوري السوري، وعقد الاجتماع المقبل للجنة الدستورية السورية في سلطنة عُمان بتسهيل وتنسيق مع “الأمم المتحدة”، قبل نهاية العام الجاري.

نتائج اجتماع لجنة الاتصال العربية

ومن هنا تبرز عدة تساؤلات حول النتائج المتوقعة بعد هذا الاجتماع التشاوري في القاهرة بشأن الملف السوري، وما إذا كان يمكن أن يخطو خطوة في مسار الحل السياسي مع الحكومة في دمشق، خاصة وأن الاجتماع المقبل سيُعقد في العراق، بالتزامن مع اجتماع اللجنة الدستورية السورية في مسقط تحت مظلة “الأمم المتحدة”.

ضرورة مواصلة الحوار

ووافقت لجنة الاتصال الوزارية العربية المعنية بسوريا مساء يوم الثلاثاء الماضي، على منهجية عمل مع الحكومة السورية في اجتماعها الأول التنسيقي الذي عُقد في القاهرة بحسب بيان رسمي، بعد مرور أكثر من 3 أشهر من انعقاد اجتماع عمّان التشاوري، الذي أسّس لخطة أولية عربية لحل الأزمة السورية وفق قاعدة “خطوة مقابل خطوة”، وبما ينسجم مع القرار الدولي /2254/.

وهذا الاجتماع الذي عُقد في العاصمة المصرية القاهرة للجنة الاتصال العربية، جاء بدعوة من وزير الخارجية المصري سامح شكري، مع وزير الخارجية وشؤون المغتربين السوري فيصل مقداد.

وشارك في الاجتماع وزراء خارجية الأردن ومصر والسعودية والعراق ولبنان، إضافة إلى أمين عام “جامعة الدول العربية”، مع وزير الخارجية السوري.

وبحث الاجتماع أطر مسارات الحل الإنساني والأمني والسياسي. كما توافق المشاركون على أهمية استكمال هذا المسار بجدّية باعتباره أحد المحاور الرئيسية على طريق إنهاء الأزمة وتحقيق التسوية السياسية والمصالحة الوطنية. 

أما اللقاءات التي عُقدت على هامش هذا الاجتماع، فقد أظهرت عن أهميتها أكثر من أعمال اللجنة نفسها التي كرّر بيانها الختامي ما جاء في أجندتها بصيغة مختلفة.

تقارب وجهات النظر

هذا الاجتماع الذي دعت إليه مصر يُعد تنفيذا لقرار مجلس “جامعة الدول العربية” على مستوى القمة رقم /822/ بتاريخ 19 أيار/مايو الفائت، وهو القرار الذي ألزم “الجامعة العربية” بإنشاء لجنة الاتصال الوزارية بشأن سوريا.

ما التوقعات؟

كان من الملاحظ مؤخرا أن مسار التقارب العربي مع دمشق فَقَد زخمه، نظرا لأن الحكومة السورية لم تبدِ أي خطوات جادة لتطبيق بنود المبادرة العربية، ولا سيما قضية تهريب “الكبتاغون” على الحدود أو اتخاذ أي إجراءات لتسهيل عودة اللاجئين السوريين، أو حتى أي سلوك سياسي.

ويرى البعض أن الحكومة السورية لن تقدم أي خطوات جادة على الأقل في المستقبل القريب، تجاه مسار المبادرة العربية لوضع خارطة طريق للوضع السوري، وتصريحات الأسد، مؤخرا تؤكد ذلك، حيث قال في مقابلة تلفزيونية إن “تجارة المخدرات كعبور هي موجودة لم تتوقف دائما هذه حقيقة، ولكن عندما يكون هناك حرب وضعف للدولة، فلا بد أن تزدهر هذه التجارة”.

كما ناور الأسد في أكثر من مسار، حيث تنصل من قضية عودة اللاجئين، واعتبر أن ما يعيق هذا الأمر هو سوء الأحوال المعيشية، بمعنى أنه لن يقدّم أي خطوات جادة في سياق هذا الأمر وليس لديه ما يقدمه في المسار، وقبله أكد هذا الأمر وزير الخارجية السوري، حيث قال إن سوريا سارت مئات الخطوات فيما يتعلق بما هو مطلوب منها.

ويعتقد أن نتائج الاجتماع المقبل للجنة الدستورية السورية في سلطنة عُمان، ستشهد انفتاحا وتعاونا أكثر من ذي قبل للحكومة السورية، خاصة في ظل التداعيات الخطيرة التي يشهدها العالم والتي تؤثر على أمن المنطقة والجهات الفاعلة في الأزمة السورية.

في العموم، يبدو أن الحكومة السورية غير مستعدة لتقديم أي خطوات جادة فيما يتعلق بعودة اللاجئين، ووقف المخدرات، أو حتى فك الارتباط مع إيران ووكلائها، والعلاقة مع روسيا ولذلك فإن مستقبل المبادرة العربية مرهونٌ بما يمكن أن تُقدم عليه دمشق من خطوات حقيقية فيما يخص بنود خارطة الطريق العربية بشأن سوريا.