رئيس مجلس الإدارة
د. رائد العزاوي

أدى لوفاة 140 ألف شخص.. الذكرى الـ75 لقصف هيروشيما

نشر
الأمصار

يحل اليوم السادس من أغسطس الذكرى الخامسة والسبعون، لقصف الولايات المتحدة الأمريكية مدينة هيروشيما اليابانية بالقنبلة الذرية بالتزامن مع الحرب العالمية الثانية.

هيروشيما مدينة يابانية، كانت منذ قرون أهم المراكز الاقتصادية والصناعية والعسكرية في قارة آسيا، قصفتها الولايات المتحدة بقنبلة ذرية يوم 6 أغسطس1945 ، بسبب رفض تنفيذ إعلان مؤتمر بوتسدام وكان نصه أن تستسلم اليابان استسلاما كاملا بدون أي شروط، إلا أن رئيس الوزراء الياباني سوزوكي رفض هذا التقرير وتجاهل المهلة التي حدَّدها إعلان بوتسدام،  مما عجل باستسلام اليابان وأكسبها شهرة عالمية كأول مدينة تخضع للقصف بالسلاح النووي في التاريخ.

ضحايا هيروشيما

قتلت القنابل ما يصل إلى 140,000 شخص في هيروشيما، و80،000 في ناغازاكي بحلول نهاية سنة 1945،  حيث مات ما يقرب من نصف هذا الرقم في نفس اليوم الذي تمت فيه التفجيرات. 

ومن بين هؤلاء، مات 15-20 ٪ متأثرين بالجروح أو بسبب آثار الحروق، والصدمات، والحروق الإشعاعية، يضاعفها الأمراض، وسوء التغذية والتسمم الإشعاعي. 

ومنذ ذلك الحين، توفي عدد كبير بسبب سرطان الدم (231 حالة) والسرطانات الصلبة (334 حالة)، تأتي نتيجة التعرض للإشعاعات المنبثقة من القنابل، وكانت معظم الوفيات من المدنيين في المدينتين.

وفي اليوم التالي ألقت الولايات المتحدة القنبلة الثانية على مدينة ناغازاكي، وبعدا بستة أيام تحديدًا في الخامس عشر من أغسطس، أعلنت اليابان استسلامها لقوات الحلفاء، حيث وقعت وثيقة الاستسلام  في الثاني من شهر سبتمبر، مما أنهى الحرب في المحيط الهادئ رسمياً، ومن ثم نهاية الحرب العالمية الثانية.

 وفي السابع من مايو وقعت ألمانيا  وثيقة الاستسلام، مما أنهى الحرب في أوروبا وجعلت التفجيرات اليابان تعتمد المباديء الثلاثة غير النووية بعد الحرب، والتي تمنع الأمة من التسلح النووي.

يُعرف هؤلاء الذين نجوا من القصف بـ"هيباكوشا"، وهم الذين عانوا من تداعيات مدمرة في المدينتين؛ كان من بينها التسمم الإشعاعي والصدمات النفسية.

الموقع

تقع هيروشيما جنوب غربي اليابان، وتحديدا عند جزر دلتا نهر "أوتا" التي تتوزع المدينة جغرافياً على ثلاث منها، وتشرف على البحر الداخلي المسمى "سيتو".

يسود في منطقة هيروشيما مناخ شبه مداري رطب يتميز بتوسط معدلات الحرارة صيفا وشتاء، وببلوغ الرطوبة معدلات قصوى قد تناهز 100 درجة، وتشهد المنطقة تساقطات مطرية هامة.

السكان

يبلغ عدد سكان مدينة هيروشيما نحو مليون ومئتيْ ألف نسمة (وفق إحصائيات 2003)، في حين لا تتجاوز مساحة المدينة 300 كيلومتر مربع. 

وهو ما يعني أن الكثافة السكانية فيها تفوق 3000 نسمة في كل كيلومتر مربع (من أعلى الكثافات السكانية عالميا)، وتتجاوز بعشرة أضعاف متوسط الكثافة السكانية في اليابان.

التاريخ

يعود تأسيس هيروشيما إلى أواخر القرن السادس عشر الميلادي حين أقام أحد زعماء الفيوداليين قلعة عسكرية في المنطقة عند مصب نهر "أوتا"، وفي العقود اللاحقة ظل التطور العمراني والديمغرافي للقلعة محدودا جدا، ولم تعرف نهضتها العمرانية الأولى إلا في العهد المينجي (1860-1912).

وفي هذه الحقبة نهجت السلطات الإمبراطورية اليابانية سياسات تحديث واسعة النطاق، واعتمدت الانفتاح الاقتصادي والسياسي أسلوبا في التعاطي مع الجوار، وأحدثت قطيعة مع سياسة الانغلاق التي سادت اليابان طوال عشرة قرون وعُرفت بـ"سياسية ساكوكو"، رغم أنها مكنت من المحافظة على استقلال البلاد وإبقائها بعيدة عن الغزو الأجنبي.

وفي حلول القرن العشرين، كانت هيروشيما أهم المراكز التجارية والاقتصادية والصناعية في اليابان وآسيا، وشكلت دعامة رئيسية في مخططات التحديث التي وضعتها السلطات الإمبراطورية لمنافسة القوى الاستعمارية الغربية، ومواجهة نفوذها المتسع في شرق آسيا.

وحين اندلعت الحرب العالمية الثانية، كان عدد سكان هيروشيما يُقدر بأكثر من 340 ألف نسمة، وكانت المدينة تعتبر أهم المراكز الصناعية والعسكرية في البلاد، وثانية الحواضر اليابانية الكبرى، وتوجد فيها أهم القواعد العسكرية والجزء الأهم من القاعدة الصناعية العسكرية للبلاد.

حيث اوقعت القيادة العسكرية الأميركية الأختيارعلى هيروشيما لتكون هدف أول قنبلة ذرية تستخدمها الولايات المتحدة لحسم الحرب، وكسر عناد اليابان ودفعها إلى الاستسلام.

ففي 6 أغسطس 1945 أُلقت طائرة حربية أميركية القنبلة الذرية على مدينة هيروشيما ، فأحدثت دمارا واسعا تمثل في سقوط 70 ألف قتيل على الفور، ودمار كلي في دائرة شعاعها 1.6 كيلومتر، كما دُمر أكثر من 70% من مباني المدينة جراء الانفجار النووي.

خضعت المدينة لبرنامج شامل لإعادة الإعمار مكنها من استعادة مكانتها، لكنه لم ينجح في إزالة آثار التلوث النووي الذي لا تزال آثاره ماثلة في شكل تشوهات خلقية للمواليد، وتسمم إشعاعي للغطاء النباتي والمياه الجوفية.

وتضمنت مخططات إعادة الإعمار إقامة نصب تذكارية تعد من أهم معالم المدينة وتخلد هذه المأساة التي ترفض واشنطن تقديم اعتذار رسمي عنها حتي الأن.