رئيس مجلس الإدارة
د. رائد العزاوي

بعد الشهر الثالث من المعارك. كيف تأثر التراث الثقافي السوداني؟

نشر
الأمصار

تأثر التراث الثقافي السوداني بالاشبتاكات بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، على مدار 3 أشهر.

وتوجد  كتبا ثمينة في التراث الثقافي السوداني تم حرقها بالمكتبة العامة بالخرطوم، كما ظل المتحف القومي معزولا لأسابيع بسبب الاشتباكات، كما أصبح متحف آخر في دارفور عرضة لتسرب الأمطار الموسمية، داخله بعد أن أحدثت مقذوفات ثقوب في سقفه.

وأشارت  منظمة التراث من أجل السلام  إلى استهداف ما لا يقل عن 28 موقعا ثقافيا من التراث الثقافي السوداني، وأثريا في أنحاء السودان، وأنها تعرضت لأضرار جانبية.

ونوه إلى أن تقرير منظمة التراث من أجل الإنسان أكدت أن الاشتباكات في منطقة دارفور، ألحقت أضرارا بـ4 متاحف تحتوي على التراث الثقافي السوداني على الأقل، كما قضت النيران المشتعلة على أكثر من 50 كتابا نادرا في جامعة أم درمان الأهلية.

وأوضح أن الهيئة القومية للآثار والمتاحف في السودان، جمعت أموالا لدفعها رواتب لـ 50 حارسا للمتاحف، ليعودوا إلى مواقعهم، وأجرت عمليات تحويل أموال للتدريب على التعامل مع حالات الطوارئ، واتخاذ إجراءات لمنع التنقيب غير القانوني، وتعليم طلاب مدارس دافور بشأن أهمية التراث الثقافي.

تحدثت مصادر سودانية عن انهيار سرايا الشريف الهندي بمنطقة بري اللّاماب في الخرطوم جراء الاشتباكات والتي تعد أحد روائع  التراث الثقافي السوداني.

سرايا الشريف الهندي 

في عام 1905م اتهمت الحكومة الإنجليزية الشريف يوسف محمد الأمين الهندي بتكوين حركةٍ دينيةٍ تعدُّ العُدة للجهاد لمقاومة الإنجليز في حكم السودان، واعتقلته الحكومة في حلة (الربوة) – جنوب بركات بالجزيرة وأحضرته إلى الخرطـوم بعد تقديمه للمحاكمة في مدينة ود مدني، وأودع السجن العمومي بكوبر لمدة تزيد على 6 شهور، وعندما تكاثرت وفود المحبين والمريدين لزيارة الشريف اضطرت الحكومة للإفراج عنه، واستبدال سجنه بتحديد إقامته في منطقةٍ مجاورةٍ داخل مديرية الخرطوم، وتُرك له حق اختيار موقع ليسكن فيه، فاختار منطقة بري اللاماب شرق الخرطوم على ضفة النيل الازرق، وبنى فيها بيته هناك المعروف بسرايا الهندي، ويجاورها قبره الذي دفن فيه في العام 1942.

 وتعد سرايا الشريف الهندي بمنطقة بري مزارًا دينيًا مهمًا، حيث توجد أضرحة لعدد من القيادات الدينية والسياسية منهما الشريف حسين الهندي والشريف زين العابدين الهندي وتجاوز عمر بعضها المائة عام. 


السرايا 

وتتكون  سرايا الشريف الهندي بمنطقة بري من البوابة التي تفتح غربًا وتقود إلى المساحة الفاصلة بين المسيد والمزرعة، وهناك مدخل آخر للسرايا الكبيرة، وهي مبنى مكون من صالونات الضيافة والصالون الرئيسي مبني على شكل دائري من الجنبات، وهو معد لاستقبال كبار الزوار وضيوف الشريف أو الخليفه الموجود، وأيضا تقع الغرفة التى يستخدمها الأشراف (أي الخليفة) في غرب الصالون الكبير، وهي غرفة من الطوب العادى يستقبل فيها الخليفه زواره، وكانت هي مكان إقامة الشريف يوسف ومن بعده أبناءه الخلفاء، والآن هي مقر ومكان استقبال المريدين والحيران والاتباع والضيوف، كما يوجد الدهليز وهو البوابه الداخلية للسرايا الكبيرة، وهو على شكل قوس بجانبيها غرف لتخزين المؤن المستخدمة للتكية.

 وتحتوي سرايا الشريف الهندي بمنطقة بري على قصرين كبيرين للضيافة أحدهما خارجي مخصص لعامة الزوار (المريدين) ويتألف من طابقين يسمى بالسرايا البحرية، والآخر داخلي للخاصة من الضيوف الكبار والزعماء، كما يحوي أقساما أخرى عبارة عن مبان ومنافع لأغراض الحياة والدين المختلفة، كالتكية وهى مكان تحضير الطعام، ويوجد مدخل آخر بالقسم الخاص بالنساء، زوجة الشريف وكريماته، وهو مكان خاص جدًا كما توجد بالسرايا ساحة داخلية صغيرة خاصة بالمولد الذي يقام مرتين بالأسبوع، وساحة خارجية كبيرة لصلاة الأعياد. وعلى الجانب الشمالي الشرقي تقع المزرعة.

 التصميم 

وأكد الشريف عمر حسن الشريف يوسف الهندي أن خربطة السرايا صممها الشريف يوسف، وإنها نفذت بواسطة مصريين وأتراك، وقال إن السرايا البحرية التي تتكون من طابقين كانت خاصة بالضيوف.

وتشتمل سرايا الشريف الهندي بمنطقة بري على خمسة صوالين، منها صالون الصحابة بجانب الخلاوي التي درس بها جميع أبناء الأشراف والمريدين الذين يحضرون من كافة بقاع البلاد، وأشار عمر إلى أن السرايا استقبلت كبار الشخصيات من ضيوف السودان مثل الرئيس جمال عبد الناصر، ونائب القذافي أبوبكر يونس.

وخلال فترة احتلال الطليان للحبشه كانت السرايا البحرية منزلًا للامبراطور هيلاسلاسي طيلة فترة إقامته بالسودان، ورد الجميل بأن استقبل الشريف حسين الهندي هناك، وتقديم الدعم له. البئر المباركة وبالقرب من القبة تقع بئر يقدر عمرها بـ140 عامًا، وقال الشريف عمر إن المياه بالبئر تعتبر مباركة وشافية، لافتًا إلى أن البئر لم تنضب طوال تلك الفترة، بل إنها تزداد في فترة الأعياد، وأكد أن كل من وقع في البئر خرج سليمًا لم يصب بأى أذى.

متحف السودان القومي

كشفت مجلة “إلإسبيكتادور” الإسبانية، تفاصيل سيطرة قوات الدعم السريع على متحف السودان القومي، والتي نفت أيضا الاتهامات بتخريب المبنى الذي تشكل سلامته مصدر قلق كبير في مواجهة الصراع الذي يعصف بالبلاد.

“حقيقة أنه يقال أن المتحف قد تم تدميره وتخريبه هي كذبة ومعلومات مضللة”.. بتلك الكلمات ظهر الرائد مصطفى هلال من الدعم السريع  في شريط فيديو نشرته اليوم القوات شبه العسكرية التي تخوض صراعا مع الجيش السوداني منذ 15 أبريل، قائلًا "الآن نحن أمام المتحف وجنودنا يحمونه".

أظهر الفيديو واجهة متحف السودان القومي، الذي تم افتتاحه في الخمسينيات من القرن الماضي، والذي يضم مئات الآثار القديمة التي تعود في الغالب إلى النوبة القديمة ومصر القديمة، بالإضافة إلى قطع أثرية من العصر الحجري القديم أو الفن الإسلامي، وطالبت  المنظمات الذهاب إلى المتحف للتحقق من حالة القطع الأثرية.