رئيس مجلس الإدارة
د. رائد العزاوي

في الذكرى 103 لثورة العشرين.. تعرف على تاريخ استقلال العراقيين

نشر
الأمصار

يحيي العراقيون -اليوم الجمعة- ذكرى مرور 103 عام على اندلاع ثورة العشرين ضد الاحتلال البريطاني للمطالبة بالاستقلال، التي أخذت صداها وأصبحت نقطة لافتة في التاريخ الحديث، وتحولت إلى يوم وطني للأجيال اللاحقة يحتفل بذكراها من كل عام بوصفها ذكرى احتجاجية مشتعلة.

وكانت ثورة العشرين في العراق تجسيداً حيّاً وتعبيراً واقعيّاً عن اعتزاز العراقيين بحريتهم وسيادتهم، فقد تحركت العشائر العربية الأصيلة، بعد فتوى المرجعية في النجف الأشرف، لترسم طريق العراق نحو نيل حقوقه في الحرية والدستور، وعدم الخضوع للإرادة الخارجية أو الارتهان لها.

تاريخ ثورة العشرين

بدأت في بغداد في صيف 1920 بمظاهرات شعبية خرج فيها العراقيون، وشملت احتجاجات الضباط الساخطين من الجيش العثماني القديم، ضد الاحتلال البريطاني للعراق، كما حازت الثورة زخماً عندما امتدت إلى المناطق ذات الأغلبية الشيعية في الفرات الأوسط والأدنى وكان الشيخ مهدي الخليصي من أشهر القادة الشيعة للثورة.

وتعاون السنة والشيعة أثناء الثورة وكذلك التجمعات القبلية، سكان الحضر، والكثير من الضباط العراقيين في سوريا.

وكانت أهداف الثورة هي الاستقلال عن الحكم البريطاني وتأسيس حكومة عربية، وعلى الرغم من أن الثورة قد حققت بعض النجاح الأولي، في نهاية أكتوبر 1920، تمكن البريطانيون من قمع الثورة، وبالرغم من أن الثورة انتهت إلى حد كبير في نهاية 1920، إلى إنها استمرت جزئياً حتى عام 1922.

وأثناء ثورة العشرين، اندلع تمرد آخر ضد البريطانيين في شمال العراق قام به الأكراد، الذين حاولوا الحصول على الاستقلال. كان الشيخ محمد البرزنجي من أبرز قادة الثورة الكردية .

حيث شهد العراق في سنوات ما قبل الحرب العالمية الأولى اتجاهاً سياسياً رئيسياً وأساسياً في أوساط المثقفين المتعلمين والعاملين في الحقول السياسية والاقتصادية والاجتماعية وكان يطمح إلى الخلاص من الهيمنة العثمانية، وأن اختلفت مواقف القوى فيه وتوزعت على مجموعتين: إحداها كانت تسعى إلى الخلاص التام من الدولة العثمانية باعتبارها استعماراً تركيا مفروضاً على العراق وباقي الدول العربية الخاضعة بالقوة للهيمنة العثمانية، تلك الهيمنة التي بذلت أقصى الجهود من أجل تتريك المنطقة بأسرها وبضمنها العراق من جهة، وجماعة أخرى كانت تريد الحفاظ على العراق ضمن الدولة العثمانية "المسلمة"، خوفاً على فقدان الوحدة الإسلامية حتى من حيث الشكل والخشية من الوقوع تحت سيطرة "الكفار!" المسيحيين الإنگليز، مع ضرورة تمتع العراق بالحكم المستقل نسبياً أو الإدارة الذاتية من جهة أخرى. وإذا كان الاتجاه الأول قومياً عربياً إلى حدود ملموسة إذ لم يكن الوعي القومي، سواء العربي أم الكُردي قد تبلور حينذاك، فإن الاتجاه الثاني كان في الغالب الأعم دينياً إسلامياً متزمتاً، وكلاهما كان قد تأثر بشكل واضح بالاتجاهات الوطنية والقومية العربية والتأثيرات الدينية والسياسية المباشرة وغير المباشرة لحركات المعارضة السياسية في كل من إيران وتركيا.

العوامل السياسية المؤدية للثورة

تشير الدراسات التي تناولت هذه الفترة من تاريخ العراق المعاصر - وكذا المضابط والبيانات التي صدرت حينذاك، والصحف التي عالجت مهمات الثورة - إلى أن الهدف المركزي لثورة العشرين، تمثل في تطلع العراقيين إلى الاستقلال والحرية، وإلى التخلص من السيطرة الأجنبية البريطانية؛ أي في النضال من أجل إقامة الدولة العراقية المستقلة. وهي مفاهيم حديثة - بطبيعة الحال - لم تكن مألوفة في حياة العراقيين قبل ذلك التاريخ. فجلُّ ما كان يطرحه العاملون في الحقل السياسي حتى ذلك الوقت، كان مقتصراً على الحصول على الحكم اللامركزي في إطار الدولة العثمانية.

أكد حزب العهد العراقي في منهاجه السياسي، على العمل من أجل تحقيق: "استقلال العراق استقلالاً تاماً ضمن الوحدة العربية وداخل حدوده الطبيعية... " . في حين شددّت جمعية حرس الاستقلال على ما يلي: "تسعى الجمعية المذكورة وراء استقلال البلاد العراقية استقلالاً مطلقا." ولكن الجمعية ركزت من جديد على مسألتين مهمتين في هذا الإطار، وهما: الوحدة الوطنية لكل العراقيين أولاً، ثم تأمين العلاقة العضوية بين نضال العراق وبقية الأقطار العربية من أجل الوحدة العربية ثانياً. ولم تشذ الجمعية الوطنية الإسلامية عن هذا النهج السياسي؛ بل رفعت شعار استقلال العراق ومقاومة الاحتلال الأجنبي.

وبدلاً من الاستجابة لمطالب العراق، ومراعاة مشاعر الشعب، ورغبته في الحرية والاستقلال والسيادة الوطنية؛ أصدرت عصبة الأمم قراراً مجحفاً أثناء انعقاد مؤتمر سان ريمو بتاريخ 25 نيسان/إبريل 1920؛ وضع بموجبه العراق تحت الانتداب البريطاني. وكان هذا القرار بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير، وفجرت الثورة في يونيو من نفس العام. وقد جاء قرار المؤتمر هذا على ضوء ثلاث حقائق أساسية هي:

1- كانت عصبة الأمم، تمثل من حيث المبدأ مجموعة الدول التي انتصرت في الحرب العالمية الأولى، والتي سعت إلى تقسيم مناطق النفوذ فيما بينها؛ فكان لها بالتالي تأثير مباشر على قرارات عصبة الأمم، والمؤتمرات التي كانت تعقدها. ولاسيما بريطانيا التي كانت تعتبر الدولة الاستعمارية الأكثر قدرة وتأثيراً في الأحداث؛ والأكثر نفوذاً في عصبة الأمم حينذاك.

2- كانت المساومات فيما بين الدول الكبرى حينذاك، وبخاصة تلك التي دارت بشأن النفط الخام العراقي، قد سمحت لبريطانيا أن تمرر مشروع الانتداب على العراق من دون أن يلقى اعتراضاً من جانب الولايات المتحدة الأمريكية؛ وهي التي وافقت على توزيع أسلاب الدولة العثمانية، على الرغم من صدور إعلان المبادئ، أو شروط الرئيس الأمريكي في أعقاب الحرب العالمية الأولى؛ القاضي بمنح الشعوب التي كانت تحت الاحتلال، حق تقرير المصير. وتمكنت بريطانيا من خلال تلك المساومات إلى إرضاء فرنسا؛ فأصبحت سوريا ولبنان - وكانتا قبل ذاك مع فلسطين، جزءاً من ولاية الشام الخاضعة للدولة العثمانية - من نصيب فرنسا. أما العراق وفلسطين فأصبحا من نصيب بريطانيا.

3- ولا شك في أن سلطات الاحتلال البريطانية، لم تكن تعتقد بقدرة العراقيين على خوض النضال ضد القوات البريطانية المنتصرة والمعسكرة في العراق. ولم تكن تتوقع نشوب ثورات ضدها أصلاً؛ لأنّ قوى عراقية كثيرة كانت تقف إلى جانب بريطانيا، وتؤيد سياستها في العراق، وعلى رأسها نقيب أشراف بغداد عبد الرحمن الگيلاني. كما أن الاستقبال الحار الذي استقبلت به القوات البريطانية في البصرة، أعطى المسؤولين البريطانيين الانطباع وكأن العراقيين لا يرفضون الانتداب. علماً بأن المس بيل - وكانت المساعدة المباشرة للمندوب السامي البريطاني في العراق السير برسي كوكس - كانت تتوقع حدوث مشكلات كبيرة لبريطانيا في العراق. إن هي رفضت الاستجابة لتطلعات العراقيين في إقامة الدولة العراقية المستقلة.

لقد جاء قرار عصبة الأمم بشأن العراق حاسماً وجائراً. ورد في لائحة الانتداب ما يلي: "بناء على نص المادة "132" من معاهدة الصلح، الموقع عليها في سيفر في اليوم العاشر من شهر أغسطس 1920، التي بموجبها قد تنازلت تركية عن كل حقوقها وتملكها في العراق إلى الدول المتحالفة الرئيسية؛ وبناء على المادة 94 من تلك المعاهدة، التي بموجبها قررت هذه الدول الكبرى، وفقا للفقرة الرابعة من المادة 22 من الفصل الأول "عهد جمعية الأمم" بأن تعترف بالعراق دولة مستقلة، يشترط عليها قبول المشورة الإدارية والمساعد من قبل منتدب؛ إلى أن تصبح قادرة على القيام بنفسها وحدها، وأن تحديد تخوم العراق - سوى ما هو مقرر في المعاهدة المذكورة - واختيار المنتدب، تتفق عليه الدول الرئيسية المتحالفة. وبما أن الدول المتحالفة الرئيسية قد اختارت صاحب الجلالة البريطانية منتدباً من قبلها على العراق، …." .

وأوردت لائحة الانتداب شروط الانتداب، وحقوق بريطانيا على العراق، التي كانت بمثابة فرضٍ لهيمنة عسكرية وسياسية واقتصادية ومالية غير محدودة، وغير محددة بوقت معين. وقد جوبه هذا القرار، بالرفض الكامل من جانب المجتمع العراقي، في حين وافقت عليه بعض القوى – حين لم تجد في واقع الحال مخرجاً أو حلاً آخر لها - إذ كان عليها بحسب اعتقادها، أن تذعن للواقع الموضوعي القائم، إلى أن يقيض لها أن تعمل على التخلص التدريجي من تلك الهيمنة. ومن بين هؤلاء كان (فيصل بن الحسين) وكذلك العديد من الضباط العراقيين، الذين ساندوا (الحسين بن علي) شريف مكة في تحالفه مع بريطانيا في الحرب. إن حركة الاستقلال الوطني، التي انتعشت في تلك الفترة، انعكست بوضوح في البيانات والمضابط، التي رفعها رجالات الثورة، وفي الفتاوى التي أصدرها شيوخ الدين؛ تلك الرافضة للانتداب والاحتلال. جاء في المذكرة التي رفعها رجال الثورة إلى الحاكم السياسي البريطاني في النجف في 6 أغسطس 1920 ما يلي:

«لما طال انتظار الأمة العراقية لتحقيق وعود الحلفاء الرسمية، ولا سيما الحكومة المعظمة البريطانية، وتنفيذ وعودهم الدولية المقطوعة باستقلال البلاد التام، رأت أن السكوت عن المطالبة بحقوقها الصريحة لا يجوز لها بوجه من الوجوه، ولا يحسن بالأمة التي عرفت من نفسها الكفاءة على تسلم أزمّة البلاد، وإدارة شؤونها السياسية والاقتصادية، أن تغض النظر عن المجاهرة بمقاصدها الغالبة ورغائبها السامية... فقررنا... أن نطالب الحكومة المحتلة باستقلالنا التام، المؤيد في بياناتها الدولية، وأن تنفذ بسرعة المطاليب الآتية:
أولا- إننا نطالب أن يؤلف الشعب باختياره، مؤتمرا عراقيا قانونيا، يجتمع أعضاؤه في عاصمة البلاد بغداد، ومهمته تأليف حكومة عربية، مستقلة كل الاستقلال، عارية عن كل تدخل أجنبي، يرأسها ملك مسلم.

ثانيا- نطلب رفع الحواجز عن ارتباط الشعب العراقي، وتفاهمه مع الشعوب الأخرى، بحرية المواصلات، وكافة المنشورات والمطبوعات.

ثالثا- نطلب تمكين الأمة عن عقد مجتمعاتها وإقامة منتدياتها في سائر مناطق العراق". ويمكن أن يتلمس القارئ بوضوح، أن المسؤولين عن صياغة هذه المذكرة، كانوا يدركون تماماً العلاقة الوطيدة القائمة بين التحرر من السيطرة الاستعمارية وبين الحصول على الحرية والديمقراطية والصحافة الحرة. فضلاً عن أهمية إقامة علاقات مفتوحة ومستمرة مع الأقطار المجاورة؛ لتسهيل وصول الصحافة والثقافة للسكان، وكذلك لتسهيل طلاعهم على ما كان يجري في تلك البلدان، ولنشر المعلومات عن العراق في تلك الصحافة.

أحداث ثورة العشرين

واقعة الرميثة
في 25 يونيو رفعت عشيرة الظوالم وهي فرع من بني حجيم راياتها معلنة الحرب على الإنجليز وفي يوم 30 من نفس الشهر استُدعيَ الشيخ شعلان أبو الجون وهو رئيس عشيرة الظوالم إلى السراي الحكومي في بلدة الرميثة والتي تقع في جنوب العراق وقد لبى الشيخ شعلان طلب الاستدعاء وحضر إلى السراي في ظهر ذلك اليوم.

وقد أبدى الشيخ شعلان كثيرا من الشراسة في مقابلته مع المعاون الحاكم السياسي في الرميثة الملازم هيات مما دفع الأخير إلى حجزه وتوقيفه في السراي بقصد إرساله إلى مدينة الديوانية بواسطة القطار

وعند هذا التفت الشيخ شعلان إلى أحد مرافقيه الذي جاء معه طالبا منه إخبار ابن عمه الشيخ غثيث الحرجان بأنه في حاجة إلى عشرة ليرات عثمانية وإنها يجب أن ترسل إليه قبل موعد القطار ولما وصل الخبر إلى الشيخ غثيث عرف من إن الشيخ شعلان بحاجة إلى عشرة رجال أقوياء من العشيرة بدلا من الليرات العشر وبعث الرجال إلى السراي بغية تحرير الشيخ شعلان.

وبعد مهاجة السراي من قبل الرجال العشرة تم تحرير الشيخ شعلان وعاد هو إلى مضارب عشيرته سالما وكانت هذه الحادثة الشرارة التي اطلقت الثورة، وبعد هذه الحادثة حصلت عدة معارك في أهمها معركة البو حسان، العارضيات الأولى والعارضيات الثانية، وكما تم قصف بلدة الرميثة لأول مرة بالطائرات إثناء المواجهات.

وقد كانت هذه المواجهات بين كر وفر تارة للعشائر وتارة للإنجليز ولم تنجح جهود الوساطة التي بذلتها العشائر في المنطقة في حل هذه المشكلة بين الطرفين.

ومع استمرار المعارك بين العشائر الثائرة وما بين الإنجليز قرر آية الله السيد محمد تقي الشيرازي القيام بواسطة لوقف القتال وقد قرر هو بأن يرسل وفدا إلى مدينة بغداد لغرض مقابلة آرنولد ويلسون الحاكم السياسي للعراق المعين من قبل االإنجليز لغرض المفاوضة وقد اختار لهذا الغرض رجلين هما السيد هبة الدين الشهرستاني والمرزا محمد الخراساني.

وعند وصول الوفد المفاوض إلى مدينة بغداد إتصل بالقنصل الإيراني لكي يكون وسيطا لدى الحاكم السياسي آرنولد ويلسون غير أن ويلسون رفض الوساطة فعاد الوفد المفاوض إلى مدينة كربلاء بدون أية نتيجة تذكر.

 وقد كتب الشيخ فتح الله الأصفهاني برسالتين أحدهما إلى الحاكم السياسي البريطاني آرنولد ويلسون والأخرى إلى العشائر الثائرة في الرميثة وذلك في شهر تموز ولكن جهوده لم تفلح في حل المشكلة بين طرفي النزاع.

إعلان الثورة في المشخاب

القبائل تقطع الطريق أمام القوات البريطانية
في 11 يوليو اجتمع رؤساء العشائر في المشخاب في مضيف الشيخ عبد الواحد الحاج سكر وقرروا البدء بإعلان الثورة وفي اليوم التالي تم إعلان الثورة وتم رفع رايتها وتقدمت جموع العشائر نحوأبو صخير لمحاصرتها.

بدأ حصار أبو صخير في يوم 13 تموز واشتركت فيه عشائر آل فتلة، الغزالات ,آل شبل وآل إبراهيم وفي يوم 14 من نفس الشهر أرسل الإنجليز زورقا بخاريا يحمل عددا من الجنود وبعض مواد التموين وكانت الباخرة الحربية فاير فلاي تسير وراء الزورق لحمايته فحاولت العشائر الاستيلاء عليه وجرى تبادل شديد بالنيران بين الباخرة الحربية والعشائر.

انتشار الثورة في الفرات الأوسط

في 22 يوليو سقطت بلدة الكفل بأيدي المجاميع المسلحة من ثوار المنطقة. وفي يوم 24 يوليو حصلت معركة ما بين القوات الإنجليزية بقيادة الكولونيل لوكن وما بين المجاميع المسلحة من الثوار عبد الواحد الحاج سكر وقد حصلت هذه المعركة عند قناة الرستمية في منطقة الرارنجية والتي تبعد عن بلدة الكفل بمسافة ثمانية أميال وقد عرفت هذه المعركة باسم معركة الرارنجية.

حيث هاجم الثوار القوات الإنجليزية في عصر ذلك اليوم وقبيل غروب الشمس من ثلاث جهات جنوب، الشرق والغرب وقد استمرت المعركة قرابة ستة ساعات حقق الثوار نصرا كبير حيث غنموا مايقرب 52 رشاشا وعدد لا يحصى من الحيوانات والأعتدة والنقود.

 بينما قدر عدد قتلى الإنجليز في تلك المعركة حوالي 20 قتيلا وبلغ عدد الجرحى حوالي 60 جريحاً و318 مفقود.

وفي المنطقة القريبة من مدينة الديوانية وبالتحديد في شمال المدينة بمسافة 42 كيلومترا عند تفرع نهر الدغارة عن نهر الفرات كانت للمشاكل العشائرية دورها في اندلاع الثورة في تلك المنطقة حيث كانت للخلافات القائمة ما بين سعدون الرسن رئيس آل حمد من عشيرة الأقرع وعلوان الجحالي رئيس آل زياد وتحالف الأخير مع الإنجليز ضد سعدون الرسن دوره في إشعال نار الثورة في تلك المنطقة.

ومما زاد الأمر تعقيداً هو مقتل علون الجحالي بيد أفراد من آل حمد بعد وشاية علون الجحالي للإنجليز وقيام القوات الإنجليزية بإحراق ونهب مضيف سعدون الرسن بعد هذه الوشاية. وعندها تم إعلان الثورة حيث هاجم سعدون الرسن ومن معه من آل حمد بلدة الدغارة وتمكنوا من الاستيلاء على مخفر البلدة وبعد قرابة الثلاث أسابيع وبعد حدوث معركة الرارنجية أخذ الكثير من شيوخ المنطقة بالانضمام إلى الثورة ومساندة آل حمد في قتالهم ضد الإنجليز وبعدها تم الاستيلاء على بلدة عفك.

وبعد الانتصارات التي حققتها العشائر في عفك والدغارة ضد القوات الإنجليزية أبرق قائد القوات الإنجليزية في العراق الجنرال هالدين إلى قائد حامية الديوانية الجنرال كوننغهام يأمره بالانسحاب من المدينة إلى مدينة الحلة بواسطة القطار.

معركة الخضر
الخضر وهي قرية صغيرة تقع على الضفة اليسرى لنهر الفرات. في 30 يوليو وصل إلى هذه القرية السيد هادي المقوطر قادما من مدينة النجف ليحرض سكان القرية للانضممام إلى الثورة ضد الإنجليز، وقد تم له ما أراد إذ بدأت العشائر الساكنة في تلك المنطقة بتخريب خطوط سكك الحديد والتلغراف المارة بالمنطقة، وأمر قائد القوات الإنجليزية في العراق الجنرال هالدين القوات المتمركزة في محطة قطارات الخضر بالانسحاب فورا إلى مدينة الناصرية حيث قامت العشائر التي انضمت للثورة حينها بالهجوم على المحطة وكان ذلك في 13 أغسطس حيث كانوا يرمون المحطة بوابل من الرصاص وقد كان يوجد في المحطة قطار عادي وقطاران مدرعان ولكن سرعان ماحصل حادث للقطار المدرع الأول وأدى ذلك إلى مشكلة فخرجت القوات الإنجليزية بالقطار العادي فقط وقد وصل هذا القطار إلى محطة أور سالما في مساء نفس اليوم.

سقوط السماوة بيد الإنجليز

أرسل قائد القوات الإنجليزية في العراق برقية إلى الجنرال كونغهام والذي كان مشغولا بقمع التمرد في منطقة ديالى يطلب فيها منه العودة إلى بغداد وذلك في يوم 16 أيلول، حيث قام هالدين بإرساله إلى مدينة الناصرية وفي يوم 1 تشرين الأول تحرك الجنرال كونغهام بقواته من مدينة اور متجها نحو الشمال وفي يوم 6 من نفس الشهر وصل إلى بلدة الخضر حيث استطاع احتلالها بعدما لقي مقاومة من قبل الثوار المتواجدين فيها وقد قامت القوات الإنجليزية إثناء سيرها نحو مدينة السماوة بإحراق القرى الموجودة على ضفتي نهر الفرات الموجودة بالقرب من بلدة الخضر.

الضحايا والخسائر لثورو العشرين

400 قتيل

600 فقيد

1,100-1,800 مصاب

11 طائرة مدمرة

6,000-10,000 قتيل.