رئيس مجلس الإدارة
د. رائد العزاوي

قنابل موقوتة.. تفاصيل إطلاق استراتيجية الوطنية لمكافحة الألغام في العراق للأعوام 2023-2028

نشر
الأمصار

تعد المناطق الملغومة في العراق من أكثر المناطق تلوثًا في العالم، حيث يعاني العراق من التلوث الناتج عن الألغام والعبوات الناسفة بشكل خطير. وتعد الألغام والعبوات الناسفة واحدة من أهم الأسباب التي تؤدي إلى تلوث البيئة في العراق.

ويتسبب التلوث الناتج عن الألغام والعبوات الناسفة في تأثير سلبي على الصحة البشرية والحيوانية والنباتية، حيث يؤدي إلى تلوث التربة والمياه والهواء، ويؤثر على الحيوانات البرية والماشية والطيور ويقلل من التنوع الحيوي في المناطق الملغومة.

وتشير التقديرات إلى أن هناك أكثر من 10 ملايين لغم وعبوة ناسفة مزروعة في العراق، وتشمل هذه المناطق مناطق الحرب السابقة والحرب ضد داعش والأماكن التي تعرضت للنزاعات السابقة. ويعتبر جنوب العراق من بين المناطق الأكثر تضررًا، حيث يبلغ عدد الألغام والعبوات الناسفة في هذه المنطقة نحو 80% من إجمالي الألغام في العراق.

وتتخذ الحكومة العراقية العديد من الإجراءات لمكافحة التلوث الناتج عن الألغام والعبوات الناسفة، وتشمل هذه الإجراءات تدريب الفرق المختصة في التعامل مع الألغام وتوفير المعدات اللازمة لهم، وإزالة الألغام والعبوات الناسفة بشكل آمن وفعال، وتعزيز التوعية والتثقيف بمخاطر الألغام والعبوات الناسفة.


وفي سياق السعي لمعالجة هذا الملف النازف، صادقت اللجنة الوطنية العليا لشؤون الألغام على استراتيجية دائرة شؤون الألغام الوطنية للأعوام 2023-2028.


الاستراتيجية أنجزت بالتعاون بين دائرة شؤون الألغام ومركز جنيف الدولي لإزالة الألغام للأغراض الإنسانية GICHD، فضلا عن باقي الشركاء المحليين والدوليين، وفق بيان دائرة شؤون الألغام العراقية.


أهداف الاستراتيجية الوطنية

وتتمحور حسب المتحدث الرسمي باسم دائرة شؤون الألغام التابعة لوزارة البيئة العراقية، حول 4 أهداف رئيسية كالتالي:

أولا: تتضمن إطلاق الأراضي بعد تطهيرها من الألغام والمخلفات الحربية، وبما ينسجم مع عمليات إعادة إعمارها وإعادة الأهالي النازحين، وكذلك استثمارها ضمن مبدأ التنمية المستدامة بصورة فاعلة.

ثانيا: التوعية بمخاطر الذخائر والمواد المتفجرة وبما يسهم برفع الوعي بتلك المخاطر، ويؤدي إلى التغيير السلوكي بين شرائح المجتمع.

ثالثا: مساعدة ضحايا الألغام وتقديم الخدمات والفرص القائمة على الحقوق التي تراعي النوع الاجتماعي، وإعادة التأهيل والاندماج المجتمعي.

رابعا: التأكيد على الملكية الوطنية والتواصل والتنسيق ومشاركة المعلومات بشكل فعال، وبما يفضي لزيادة الوعي والشفافية والتعاون الفعال في هذا المجال.

وأضاف أن "إقرار الاستراتيجية الوطنية يهدف لدعم الجهود الإنسانية والانمائية للبلد وفق الرؤية الوطنية للتنمية المستدامة لعام 2030، وخطة التنمية الوطنية واستراتيجية الحد من الفقر، فضلا عن تعزيز التزام العراق بتنفيذ أهداف التنمية المستدامة والتزاماته بموجب اتفاقية حظر الألغام المضادة للأفراد، واتفاقية حظر الذخائر العنقودية، واتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الاعاقة واتفاقية الأسلحة التقليدية".


العبرة في التطبيق

 

ويرى مراقبون أن اعتماد هذه الاستراتيجية خطوة مهمة وفي الاتجاه الصحيح، لكن المطلوب تسريع وتيرة تطبيقها كونها تتعلق بمعالجة وطي ملف حساس وخطير للغاية وهو التلوث بالألغام والمخلفات المتفجرة.

يقول مدير المركز العراقي للدراسات الاستراتيجية غازي حسين، في حديث مع موقع سكاي نيوز عربية:

الحروب المتعاقبة التي شهدها العراق وخاصة الحرب مع إيران، خلفت تلوثا واسعا بالألغام في مختلف مناطق البلاد، ولا سيما الحدودية منها.

هذه الألغام لطالما شكلت مشكلة أمنية وبيئية مزمنة، حولت مناطق شاسعة لحقول موت وخراب ما انعكس سلبا على تنمية وتطوير تلك المناطق وحتى المحيطة بها والقريبة منها، ولهذا فإعلان هذه الاستراتيجية هو بالغ الأهمية والمحك يبقى في تنفيذها طبعا ودون تلكؤ.

ذلك أن تطهير البيئة من هذه الألغام والمتفجرات ومعالجة مخلفات اليورانيوم المنضب وغيرها من ملوثات تطال التربة والماء والهواء في مختلف مناطق العراق، هو ضرورة ملحة بل ووجودية ولا سيما في ظل تفاقم مفاعيل وتداعيات كارثة التغير المناخي والتلوث البيئي التي تضرب العراق، وفي ظل تواصل حصد تلك الألغام لأرواح العراقيين وبترها لأجزاء من أجسادهم.

حجم تلوث المتفجرات وتفاصيله

وكانت اللجنة الدولية للصليب الأحمر بالعراق، قد أكدت في أبريل الماضي بمناسبة اليوم العالمي للألغام أن:

العدد الدقيق لحوادث الذخائر المتفجرة غير معروف، لكن دائرة شؤون الألغام تفيد بأن عدد الضحايا نتيجة للألغام في العراق تجاوز 30 ألفا.

محافظة البصرة تعتبر من أكثر مدن العالم تلوثا بالأسلحة غير المنفجرة.

يبلغ معدل التلوث فيها 1200 كيلومتر مربع وتشمل الألغام الأرضية والذخائر العنقودية وغيرها من مخلفات الحرب، ويعود تاريخ معظم حقول الألغام المعروفة إلى حرب 1980-1988 مع إيران.

تعتبر المحافظات التي شهدت النزاعات الأخيرة والتي انتهت في العام 2017 من المناطق الملوثة بالأسلحة والمخلفات الحربية وعلى سبيل المثال المدينة القديمة في الموصل وصلاح الدين وكركوك.

معالجة مشكلة تلوث الأسلحة في العراق تتطلب موارد هائلة وجهودا منسقة لجمع المعلومات عن التلوث وآثار الأسلحة المتفجرة، وتعزيز إزالة الألغام وزيادة التوعية بالمخاطر، بالإضافة إلى تقديم المساعدة للضحايا والمتضررين.