رئيس مجلس الإدارة
د. رائد العزاوي

في الصميم

علي الزبيدي يكتب: عندما يباع الضمير!

نشر
الأمصار

عبارة سمعتها من كاتب عراقي كبير وهو ألان في ذمة الله  قالها عندما اضطرته ظروف الحصار الظالم إلى الوقوف خلف طاولة صغيرة وعليها مختلف أنواع السكائر مع أنها مهنة شريفة وأفضل مائة مرة من سرقة المال العام.
لم أكن اعرف أن هذا الكاتب الكبير قد وصل به حد العوز إلى بيع السكائر إلا صدفة حيث كنت راجعا إلى بيتي بعد نهاية الدوام وتوقفت لاشتري علبة سكائر فوجئت بأن من يقف وراء بسطية السكائر كاتبنا الكبير والمعروف والمؤلف لعدد من أهم الكتب في التاريخ السياسي  فقفلت راجعا ولم اشتري علبة السكائر خجلا منه ، وبعد يومين زارني احد الزملاء حاملا عتب زميلنا الكبير عليَ من عدم السلام عليه وشراء ما كنت ابغي من السكائر محمله رسالة بليغة  لي لازالت ترن في مسمعي رغم مرور أكثر من 23 سنة من ألان قال رحمه الله في رسالته الشفوية(أخي علي بيع السكائر ولا بيع الضمائر)! لله درك أيها الراحل الكبير و تغمدك الله برحمته الواسعة وأسكنك فسيح جناته لقد عشت أبي النفس وكأنك تتمثل قول احمد الصافي ألنجفي (أوصلتها لليوم وهي عزيزة اارخصها عند القليل الباقي)؟
فكم من زملاء المهنة من تمسك بقيم الشرف والمهنية والوطنية ولم يساوم على بيع قلمه أمام إغراءات أصحاب السلطة والسلطان؟
بكل تأكيد هناك الكثير وباستطاعتي أن اعدد أسماء لامعة في فضاء الصحافة والإعلام بقيت غنية النفس ولم تلهث مع اللاهثين ولم تطبل مع المطبلين وآثرت أن تكون كما كانت وفية للقلم ولشرف المهنة ولم تسع لتكون تحت مظلة فلان أو علان  لكنها بقيت تحت مظلة الوطن التي هي تتسع لجميع أبنائه المخلصين ، وبالمقابل هناك الكثير ممن لهث وراء السلطة والجاه الزائف وتواجد حول موائد السحت الحرام وكان يروج للفاسدين والسراق .ورحم الله زميلنا الراحل وكأني به اليوم يردد من جديد   (بيع السكائر ولا بيع الضمائر)   فهل من متعظ؟