رئيس مجلس الإدارة
د. رائد العزاوي

ماء الورد واستقبال بفوهات البنادق.. عجائب رمضان بالجبل الأخضر في عمان

نشر
الأمصار

تشكل العادات والتقاليد العمانية الأصيلة قاعدة مهمة وعاملاً مساهماً في تكوين المجتمع خاصة في رمضان بالجبل الأخضر ويظهر ذلك من خلال المناسبات الوطنية والدينية ومنها شهر رمضان المبارك، حيث يمتاز المجتمع العماني بعدد من العادات والتقاليد التي تمارس في الشهر الفضيل وتختلف من ولاية لأخرى ويمارسها المجتمع أو الأسرة بشكل منفرد داخل المنزل أو خارجه.

ومن العادات العمانية التي ما زال المجتمع العماني يحتفظ بها خاصة في  رمضان بالجبل الأخضر حتى يومنا هذا هي الافطار الجماعي سواء في المساجد او تجمع افراد العائلة في بيت اكبرهم سنّاً بحيث يلتقي الصغير والكبير على مائدة الافطار في حلقة واحدة، بالاضافة إلى ذلك، ان بعض القرى ما زالت تحافظ على الافطار الجماعي المعروف ب “السبلة” او المجلس.

استعداد أهالي الجبل الأخضر لشهر رمضان

يستعد أهالي الجبل الأخضر لشهر رمضان المبارك، بشد الرحال في شهر شعبان على ظهور الحمير نزولا من الجبل الأخضر إلى ولاية نزوى أو إزكي والبعض يتوجه إلى وادي بني خروص؛ لشراء الحاجات والمتطلبات من مأكل ومشرب من القمح والبر واللبن والتمر وهي من الأشياء الأساسية في رمضان، بالإضافة إلى شراء حاجة العيد من الملابس وغيرها، وعدم تركها لشهر رمضان.

وتستعد الأسرة لاستقبال رمضان، وذلك بمراجعة أعمالهم اليومية وتصفية العادات السيئة وتبديلها بأخرى جيّدة طمعا في الثواب المضاعف في الشهر المبارك، والحث على الإكثار من صلة الرحم وتقوية العلاقات الأسرية وتصفية القلوب المليئة بالضغينة قبل هذا الشهر حتى يتم حل جميع الخلافات والمشاكل الأسرية وبدء الشهر الفضيل بقلوب نظيفة صافية، وتشجيع الأبناء على الالتزام بالعادات، كالمداومة على الصلاة وتوضيح أهمية الزكاة والصدقة وقيام الليل، وتشجيعهم على صيام بعض الأيام من شهر شعبان".

هلال شهر رمضان

كان يجتمع أهالي الجبل الأخضر في عمان آخر يوم من شهر شعبان يجتمع أهالي القرية ويرشحون ثلاثة رجال منهم، ذوي كفاءة في البصر والرؤية البعيدة، وقبل غروب الشمس بساعتين يتجهز الرجال الثلاثة مصطحبين معهم التمر والماء والقهوة وبعض الزاد، حاملين بنادقهم على أكتافهم متوجهين إلى أعلى قمة الجبل منتظرين غروب الشمس موقدين النار لتعطيهم الضوء الكافي وتغمرهم مشاعر الفرحة والسرور وهم على شوق لرؤية هلال شهر رمضان، فإن رآه أحد من الرجال الثلاثة يخبر الاثنين إذ لا تصدق الرؤية إلا من ثلاثة رجال.

وكان إذا ثبتت رؤية هلال شهر رمضان المبارك يتم إطلاق الأعيار النارية من فوهات "البنادق" فرحاً واستبشاراً بدخول شهر رمضان وإسماع أهالي القرى البعيدة في الجبل لإخبارهم بدخول الشهر الفضيل.

وبعد ذلك يقوم الأهالي بأداء صلاة التراويح جماعة في المسجد، وبعد الصلاة يهنئون بعضهم البعض بقدوم شهر الرحمة والمغفرة وصلة الأرحام والتزاور فيما بينهم".

ماء الورد

يستقبل سكان الجبل الأخضر رمضان بالتقاليد الموروثة عن أجدادهم بصناعة ماء الورد، حيث يتم استخلاص ماء الورد من  5000 شجرة بمساحة اجمالية تقدر بـ 7 أفدنة، وتقدر كمية الإنتاج بـ4000 آلاف لتر للفدان الواحد، بات يعرف ماء ورد الجبل الاخضر بجودته ودقة تصنيعه، وهو يصنع بطريقة تقليدية.

تبدأ عملية تصنيع الورد في المصانع الخاصة ( الدهجان) عبر نار تتكون من  الخشب أو مكائن من الغاز، ثم يكون أعلى النار برم فخارية خاصة يوضع بداخلها كمية من الورد وفوقه قرص نحاسي يتقطر الورد بداخله من خلال عملية تبخر الورد، ثم مرحلة تجميعه. 

صلة الجار

 

يوجد لأهالي الجبل الأخضر عادات وتقاليد باقية ليومنا تشكل  رمضان بالجبل الأخضر، منها "صلة الجار" إذ يجتمع أهالي القرية بعد صلاة المغرب ويذهبون إلى زيارة كبار السن الذين لا يستطيعون الخروج إلى المسجد والاطمئنان على صحتهم وتسود المحبة الجلسة ويتم سرد قصص الماضي وتبادل الفكاهة".

وقبل صلاة المغرب بحوالي نصف ساعة يقوم الأصغر عمراً في البيت بحمل طبق من مأكولات الفطور ويذهب به إلى الجيران، وتستمر هذه العادة طوال شهر رمضان المبارك مما يقوي الألفة والمحبة والإخاء بين أهالي القرية ويجعلهم كأسرة واحدة.

السبلة

ومن العادات والتقاليد التي بقيت في  رمضان بالجبل الأخضر، أنه يتم تخصيص يوم معيّن في رمضان لإقامة إفطار جماعي تتم فيه دعوة أهالي القرية الذين أشغلتهم ظروف العيش وذهبوا إلى مختلف محافظات السلطنة ليكون رمضان فرصة للالتقاء والألفة مع بعضهم البعض مما يزيد الترابط والتلاحم بينهم.

وجبات الجبل الأخضر

وعن المأكولات في  رمضان بالجبل الأخضر، يفضل أهالي الجبل الأخضر بعمان، خلال شهر رمضان تناول التمر واللبن والقهوة والخوخ والمشمش، بالإضافة إلى المعجنات وغيرها، والأكلات الدسمة كالهريس والثريد، حيث مازالت تعد في كل بيت في شهر رمضان المبارك من الماضي وحتى اليوم".