رغم الإتفاق الإطاري.. أسرار تمديد العقوبات الدولية المفروضة على السودان
مدّد مجلس الأمن الدولي العقوبات الدولية المفروضة على السودان عاماً واحداً، متجاهلاً بذلك مناشدات الخرطوم لرفعها، رغم جهود أفريقية وعربية لرفعها
ودعت الخرطوم مراراً المجلس إلى إلغاء هذه العقوبات الدولية المفروضة على السودان ورفع حظر على الأسلحة فرض إبان الحرب التي اندلعت في إقليم درافور (غرب) في 2005.
والشهر الماضي تعهّد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف دعم المطلب السوداني.
لكنّ مجلس الأمن المؤلّف من 15 عضواً مدّد الأربعاء لغاية 12 مارس 2024 التفويض الممنوح للجنة الخبراء المكلّفة الإشراف على العقوبات وتطبيقها وعلى حظر الأسلحة،
وصوّت 13 عضواً لصالح تمديد العقوبات الدولية المفروضة على السودان فيما امتنعت روسيا والصين عن التصويت.
موقف السودان
وقال نائب السفير الصيني لدى الأمم المتحدة غينغ شوانغ إنّ العقوبات الدولية المفروضة على السودان "عفا عليها الزمن ويجب أن تُرفع لأنّ الأمور تشهد تحسّناً على الأرض".
وعلى إثر انتفاضة شعبية أطيح عمر البشير في العام 2019 بعدما حكم السودان مدى ثلاثة عقود عانت خلالها البلاد من عزلة دولية ورزحت تحت وطأة عقوبات أميركية صارمة.
وبعيد إطاحة البشير تمكّنت الحكومة الانتقالية برئاسة عبد الله حمدوك من شطب السودان من القائمة الأميركية للدول الراعية للإرهاب، ما أتاح تحرير ملياري دولار من المساعدات الدولية للبلاد.
وترى الخرطوم أنّ أسباب استمرار العقوبات الدولية المفروضة على السودان من قبل مجلس الأمن الدولي "انتهت"، وتتهم دولاً غربية بعرقلة رفعها.
وحول العقوبات، كان وزير الخارجية السوداني علي الصادق قد قال: إنّ "قرار العقوبات صدر حينما كانت هناك حرب في دارفور بين الحكومة والحركات المسلحة، وقد مرّ نحو (18) عاماً عليها".
وأضاف الصادق، في حوار مع صحيفة الوطن البحرينية في 27 شباط (فبراير) الماضي، أنّ "تحولات كبيرة حدثت على الأرض، وفي الساحة السياسية، تستدعي إلغاء هذا القرار، ورفع العقوبات المفروضة على السودان".
وتابع عن العقوبات الدولية المفروضة على السودان: "أوّلاً لم تعد هناك حرب في دارفور، وثانياً معظم اللاجئين عادوا إلى ممارسة حياتهم الطبيعية في قراهم، وثالثاً الذين قاتلوا الجيش السوداني في ذلك الوقت، هم الآن أعضاء في مجلس السيادة، ومنهم وزراء، وحكّام أقاليم".
وخلص الوزير السوداني إلى أنّ هناك تغييراً كاملاً في الحياة السياسية، الأمر الذي يستدعي ضرورة إلغاء هذا القرار.
وعن أسباب تأخر رفع العقوبات الأممية عن السودان، اتهم الصادق، خلال حواره، "(3) دول، وهي بريطانيا، وفرنسا، والولايات المتحدة الأمريكية، برفض رفع العقوبات".
اثنت وزارة الخارجية السودانية الخميس، على الدعم الذي وجده السودان من الإمارات ودول أخرى خلال التصويت الذي جرى الأربعاء لإنهاء عقوبات مجلس الأمن المفروضة على السودان بموجب القرار 1591.
الجديد في البيان
وقالت الوزارة في بيان إن مجلس الأمن وضع للمرة الأولى قيداً زمنيا لرفع العقوبات المفروضة على السودان بموجب القرار 1591 والخاص بالأوضاع في دارفور.
وفي العام 2005 أصدر مجلس الأمن الدولي قرارًا بالرقم 1591، طالب فيه جميع الدول باتخاذ تدابير لمنع تزويد الكيانات في إقليم دارفور بالأسلحة والمواد ذات الصلة، بما في ذلك التدريب والمساعدة التقنية.
كما قيّد القرار إمداد السودان بالأسلحة والعتاد، ما لم تقدم وثائق تحديد المستخدم النهائي، ويتضمن القرار حظر أشخاص من السفر وتجميد أصول وعليه شكل مجلس الأمن الدولي لجنة تمده بتقارير سنوية عن أنشطتها التي تشمل رصد تنفيذ تدابير الجزاءات والنظر والبت في طلبات الإعفاء من هذه التدابير.
ورفض مجلس الآمن مقترحا من الإمارات والدول الإفريقية بإسقاط العقوبات خلال 12 شهر، بغض النظر عن موقف الحكومة والتطورات التي يشهدها الإقليم، ومع ذلك صوتت هذه الدول لتمرير قرار العقوبات “حفاظا على روح التسوية ومن أجل الاعتراف بأن بعض التقدم تم إحرازه”.
وخلال جلسة الأربعاء صوتت 13 دولة بينها الإمارات لصالح تمديد العقوبات لمدة عام، ينتهي في 12 مارس 2024، فيما امتنعت روسيا والصين عن التصويت.
وأثار موقف ابوظبي استهجانا في وسائل التواصل الاجتماعي حيث انتقد ناشطون تصويت الإمارات لتمديد العقوبات رغم انها حليفة لعديد من الأحزاب السودانية كما يتمتع قادتها بعلاقات وشيجة مع الحكام العسكريين في السلطة علاوة على انها تمثل احد أضلاع الآلية الرباعية التي تنشط لحل الأزمة السياسية في البلاد بجانب السعودية والولايات المتحدة وبريطانيا.
وتعليقا على قرار مجلس الأمن أبدت الخارجية السودانية ارتياحا للخطوة قائلة إنها كانت نتاجا للتحركات الدبلوماسية السودانية طوال الشهرين الماضيين.
الإقتراح الأفريقي
وأوضحت في بيان صحفي أن موقف السودان وجد دعما قويا من مجموعة البلدان العربية ” 22 ” دولة والمجموعة الأفريقية 54 دولة ودول منظمة التعاون الإسلامي 57 دولة، كما تعاطفت معه مجموعة حركة عدم الانحياز ، فضلاً عن دعم الدول الإفريقية الأعضاء بمجلس الأمن الغابون ، غانا ، موزمبيق ، إضافة إلى العضو العربي الإمارات وأصدقاء السودان بمجلس الأمن.
وقال البيان “تبنّى مجلس الأمن ظهر الأربعاء 8 مارس الجاري القرار رقم “2672” الذي وضع قيداً زمنياً لرفع هذه العقوبات مدته ثمانية عشر شهراً، لأول مرة منذ فرض هذه العقوبات قبل 18 عاماً”.
وأفادت أن ممثلي دول الغابون، غانا، موزمبيق، الإمارات، روسيا، الصين، والبرازيل أشاروا خلال جلسة الاعتماد إلى أن عقوبات مجلس الأمن التي فرضت بسبب النزاع المسلح في دارفور لم تعد تلائم واقع الحال في دارفور اليوم.
ونوّهت هذه الدول حسب الخارجية بالجهود التي تبذلها حكومة السودان من أجل تحسين الأوضاع في دارفور، وبالأخص التوصل إلى اتفاقية جوبا للسلام ووقف إطلاق النار بالإقليم وتطبيق الخطة الوطنية لحماية المدنيين وإجراء السلم والمصالحات الأهلية، مما يستدعي رفع هذه العقوبات غير العادلة والتي أصبحت معوقاً لإقامة السلم وحفظ الأمن في دارفور.
واعتبرت الدول الإفريقية الأعضاء بالمجلس والإمارات والبرازيل ما تحقق “إنجازاً كبيراً للسودان ويمكن بموجبه العمل على إنهاء العقوبات بعد إدخال فقرة المهلة الزمنية للقرار”.