رئيس مجلس الإدارة
د. رائد العزاوي

بعد المقاطعة العربية لاجتماع وزراء العرب.. إلى أين يتجه الموقف العربي لليبيا؟

نشر
الأمصار

استمرارًا لحالة الانقسام التي تعيشها ليبيا بين دعم حكومة الدبيبة وحكومة باشاغا، برزت دعوة لمختلف الدول العربية لانعقاد اجتماع الوزراء العرب التابع لجامعة الدول العربية بطرابلس، وكانت وزارة خارجية حكومة الوحدة الوطنية بليبيا هي من دعت لعقد المؤتمر بكونها رئيس مجلس الجامعة العربية على المستوى الوزاري للدورة 158.

وبعد انتهاء الاجتماع، ترك وراءه أثرًا واضحًا في المشهد السياسي الليبي على صعيديه الداخلي والخارجي.

ورغم أن طبيعة الاجتماع التشاوري لا تلتزم الدول الأعضاء في جامعة الدول العربية بالحضور، إلا أن انعقاده في طرابلس في ظل الانقسام وحساسية الأوضاع في المشهد الليبي كان له أثره في مستوى تمثيلية الدول وحضورها أو غيابها، فمن شارك فيه ترك بصمته ومن غاب عنه أيضًا.

ومن بين الدول التي شاركت في الاجتماع، دولتي تونس والجزائر على مستوى وزيري خارجيتهما، بينما أوفدت قطر وزير الدولة للشؤون الخارجية سلطان بن سعد المريخي، وحضرت دول السودان وسلطنة عمان وفلسطين وجزر القمر بتمثيل دبلوماسي أقل، بالإضافة إلى ممثلين عن الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي، مع غياب بقية الدول العربية عن الاجتماع، فضلًا عن غياب الأمانة العامة لجامعة الدول العربية.

ليبيا تفتقد التضامن العربي منذ سنوات 

وخلال كلمتها في افتتاح الاجتماع، أعربت وزيرة خارجية حكومة الوحدة الوطنية الليبية، نجلاء المنقوش، عن أسفها لمواقف من تغيب من الوزراء والموفدين العرب، وانزعاجها من افتقاد بلادها التضامن العربي منذ سنوات.

وأشارت إلى دعوات تأجيل تعرضت لها دعوة ليبيا لانعقاد الاجتماع التشاوري، ومحاولات لثني وزراء خارجية دول عربية عن المشاركة والقدوم لليبيا، دون أن تسمي من وراءها، في إشارة قد يرى البعض أنها موجهة لدولة مصر التي سبق أن أبدى وزير خارجيتها، سامح شكري، اعتراضا على ترؤس خارجية حكومة الوحدة لمجلس الجامعة نظر لـ"انتهاء ولايتها".

وعقبت انتهاء الاجتماع، هاجمت المنقوش، خلال مؤتمر صحفي، أمانة الجامعة العربية، معتبرة أن غيابها عن الاجتماع "وضع الكثير من الدول في حرج الاصطفاف"، بل واتهمها بأنها "أقحمت نفسها بالانحياز الواضح لإحدى الدول العربية".

وقالت إن الأمانة العامة للجامعة وضعت شرطا مخالفا لمواثيق الجامعة يقضي بضرورة موافقة 14 دولة على الاجتماع التشاوري، ووصفت هذا الشرط بـ"البدعة"، متهمة أمانة الجامعة بـ"محاولة تعطيل الاجتماع".

وشددت المنقوش على "حق ليبيا في رئاسة" مجلس وزراء خارجية الدول العربية"، واتهمت دولا عربية، لم تسمها، بالحديث بالوكالة عن ليبيا في أزمتها، وأشارت إلى أن المشكلة الملف الليبي تكمن في أنه "يناقش بعيدا عن الليبيين"، مشددة على رفض أسلوب الوكالة أو النيابة عن ليبيا.

ولم يصدر عن الأمانة العامة للجامعة العربية، ولا عن أي من الدول المقاطعة للاجتماع في طرابلس أي موقف حتى الآن، لكن المنقوش علقت على هذا الصمت بتغريدة، جاء فيها أن "اجتماع طرابلس أعاد تذكير الرأي العام العربي، كيف أن الحُلم العربي لم يتحقق ويواجه تحديات خطيرة، وقد عجزت جامعة الدول العربية عن تحقيق أقل مستويات التضامن العربي مع بلدي من وسط عاصمته".

وأضافت: "أعلنا إصرارنا أننا في طريق الاستقرار، ولن نتنازل عن حقوق شعبنا، ويدعمنا الأوفياء من أشقائنا العرب".

باشاغا يشكر الدول المتغيبة عن الاجتماع

وفي هذا السياق، وجه رئيس الحكومة الليبية المكلفة من مجلس النواب، فتحي باشاغا، رسالة شكر إلى الدول العربية والإسلامية وعلى رأسها مصر والسعودية والإمارات والجامعة العربية.

وأشاد باشاغا، بامتناع هذه الدول عن المشاركة في المسرحية التي حاولت الحكومة المنتهية الولاية تسويقها، للادعاء بأنها الجهة المعترف بها دوليًا ( الاجتماع التشاوري لوزراء الخارجية العرب في طرابلس)، داعيًا الأشقاء العرب لدعم وحدة البلاد والمصالحة بين الليبيين ودعم التسوية الليبية التي ستدفع إلى وجود سلطة منتخبة تمثل إرادة الشعب الليبي.

كما دعا باشاغا، الجيران في دولتي الجزائر وتونس إلى إعادة النظر في سياستها الخارجية تجاه ليبيا، وأن لا ينجرو وراء أهواء حكومة انتهت ولايتها القانونية والإدارية من قبل السلطة التشريعية وفقا لأحكام الإعلان الدستوري والاتفاق السياسي.

أسباب انقطاع الدول عن الاجتماع

يرى عدد من المحللين والمتخصصين، أن غياب غالبية الدول العربية عن الاجتماع التمهيدي بطرابلس جاء نتيجة رفضها "الانقسام الداخلي الليبي"، مشيرين إلى أن جامعة الدول العربية لا تريد "تأصيل الانقسام الليبي" بعدما دعا للاجتماع جانب واحد من السلطات الليبية "لا يحظى بتوافق جميع الليبيين".

ويشير المحللين، إلى أن الغياب العربي "إيجابي" لتشجيع الأطراف الليبية على "نبذ القبلية" والعودة إلى ليبيا الموحدة تحت علم واحد وتشكيل حكومة تحظى بتوافق الجميع.

ويرى البعض الأخر، أن المقاطعة كانت مهمة حتى لا ينفرد طرف واحد بالحكم في ليبيا، ولتشجيع إجراء "انتخابات حرة نزيهة" لاختيار حكومة "تمثل كل الليبيين".