رئيس مجلس الإدارة
د. رائد العزاوي

العميد يعرب صخر يكتب: الإسلاموية والإسلاموفوبيا نتيجتهما يمين غربي متطرف

نشر
الأمصار

علينا قبل كل شيء أن نعيد الكلمة لأصلها التي إشتقت منه التسميات المراد تأطيرها وتفسيرها، وبتتابع موجز:
الإسلام: هو أحد الأديان السماوية الثلاث، يدين به مليار ونصف مسلم (ربع تعداد البشرية).
المسلم: معتنق الدين الإسلامي. يتعايش مع باقي الأديان، ويتأقلم في كل البيئات والمجتمعات وقوانينها. 
الإسلامي: المؤمن قطعياً أن لا دينَ إلا الإسلام، لكنه لا يلزم به إلا نفسه، ولا يقاتل المختلفين عنه. 
المُتَمَسْلِم: مسلم بالهوية، لكن ممارساتِه تتعارض مع مباديء الدين، ومقاصده تشويه صورة الإسلام.
الإسلاموية: سعي بعض الأفراد والجماعات للوصول إلى السلطة، وفرض الدين الإسلامي كنظام حكم سياسي وإقتصادي وإجتماعي وقضائي.
الإسلاموفوبيا: هي الخوف المتولّد عن فرض الدين الإسلامي كشريعة حياة في كل المناحي. أو هي حالة الرهبة والخوف الناتجة عن الإسلاموية.
في تعريف "الإسلاموية": ظهر هذا المفهوم لأول مرة في قاموس أكسفورد عام 1747، ولكنه في مطلع القرن العشرين، وبالتحديد عندما أكمل المستشرقون الموسوعة الإسلامية، اختفى هذا المفهوم من اللغة الانجليزية. وفي اللغة العربية لا دلالة على لفظ "إسلاموي"، ولكن استخدامه يعود بالأساس للقرن الثامن عشر، للفظ فرنسي " Islamiste " حيث تم التفريق بينه وبين لفظ "Islamique". ثم عاد هذا المفهوم وانتشر في سبعينات القرن العشرين في الفرنسية، وما لبث أن انتقل إلى الإنجليزية في منتصف الثمانينات من القرن ذاته(113).
تعددت تعريفات الإسلاموية، فيعرفها الكاتب التركي "ممتاز أرتوركونة" على أنها "محاولة لجعل الإسلام يسود ويسيطر على جميع مجالات الحياة، من الفكر إلى السياسة والإدارة والقانون، والسعي لإيجاد حلول لمشكلات البلدان النامية الإسلامية في مواجهة الغرب من خلال إنشاء اتحاد وتكامل بين المسلمين"، ويعرفها "مارتن كرايمر": تشير إلى الإسلام كأيديولجية حديثة وبرنامج سياسي، وعرفها  "فريد هيلاداي": "الاتجاه السياسي المنظم الذي تعود أصوله الحديثة إلى تأسيس جماعة الإخوان المسلمين في مصر عام 1928، والتي تسعى إلى حل المشكلات السياسية المعاصرة بالرجوع إلى النصوص الإسلامية"(114).
«الإسلاموفوبيا» اصطلاح شاع  للتعبير عن ظاهرة الخوف المرضي من الاسلام في الغرب، الذي استُعير في جزءٍ منه من علم الاضطرابات النفسية للتعبير عن ظاهرة الرهاب أو الخوف المرضي من الإسلام(115). تلك الظاهرة تضرب بجذورها عميقاً في تاريخ قديم حافل بمسلسل طويل من العلاقات المضطربة بين الغرب والإسلام، لكنها تصاعدت حدتها في عالم اليوم، وبخاصة في دول الغرب بعد تفجيرات 11أيلول عام 2001، التي أسندت إلى تنظيم القاعدة، والتفجيرات المتنقلة التي ضربت أوروبا حديثاً، وتبنتها الدولة الإسلامية (داعش).
أسباب الإسلاموفوبيا  Islamophobia: هنالك أسباب عديدة لهذه الظاهرة نركز على أهمها :
التراكم التاريخي لوقائع الصراع بين الغرب والمسلمين يعد عنصرًا رئيسًا في تكوين هذه الظاهرة
الجهـل بالإســلام: الناس أعداء ما يجهلون، وهذا ما يفسر خوف الكثيرين من الإسلام وميلهم إلى معاداته والنفور منه، لأن هناك جهلاً صارخاً  في الغرب بحقيقة الإسلام، ويستقي معلوماته عنه من مصادر تفتقر غالباً للموضوعية والنزاهة والتجرد، أو الإحاطة الكافية بحقيقته وجوهره.
الخلط بين الدين الإسلامي وواقع المسلمين: الأمة الإسلامية تعاني منذ قرون عديدة واقعاً مأزوماً على مختلف الأصعدة والمستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية. وهو ما ينعكس في وقوف تلك الأمة في ذيل سائر أمم الدنيا على صعيد الإسهام الحضاري والمشاركة في ارتقاء الإنسانية وتقدمها: فسياسياً، عصفت الحروب والنزاعات المسلحة وما تزال بأرواح الآلاف من أبناء العالم الإسلامي . والأنظمة الحاكمة الديكتاتورية لا تؤمن بالديموقراطية والتعددية السياسية. إقتصادياً: أكثر من نصف مليار مسلم يعيشون تحت خط الفقر، على الرغم من كل ما تتمتع به دول العالم الإسلامي من ثروات بشرية وطبيعية هائلة. إجتماعياً: اتساع الفجوة بين الأغنياء والفقراء، وإضعاف مكانة المرأة، وبطالة الشباب وتهميش دورهم.
تبني صورة نمطية سلبية للمسلمين: يتم تحميل الإسلام مسؤولية السلوك المنحرف الصادر عن بعض المسلمين. وبالإضافة إلى الجهل بحقيقة الإسلام، فإن من مصلحة الكثيرين استغلال السلوك السيء للمسلمين للنيل منهم ومن دينهم، وإثبات صحة الصور النمطية المرتسمة في أذهان الكثيرين من أبناء الغرب عنهم.
سوء تطبيق البعض للإسلام من الجماعات التي تتبنى تيار التشدد والعنف والقتل والذبح …..الخ، وجاءت التفجيرات المدوية على أهداف مدنية في أوروبا وأميركا، التي تبنتها جماعات تزعم انتماءها للإسلام، لتصب في تيار تصعيد المخاوف من الإسلام، ولتعطي للمتربصين بهذا الدين المزيد من المبررات لمحاربته وتضييق الخناق عليه، بحجة مسؤوليته المباشرة عن توليد الإرهاب والإرهابيين.
الدور الإعلامي اللاحيادي: يقوم بدور كبير في إذكاء الفوبيا من الإسلام بتضخيم الأحداث واستقاء المعلومات من مصادر غير حيادية. ويُلاحَظ أن مضمون التغطيات الإخبارية ولغة التقارير الإعلامية تميل غالباً للتركيز على ما يطبع مفاهيم سلبية عن الإسلام، لتُسهم في تكوين الآراء عن الإسلام والمسلمين في العالم الغربي، وهو ما يقود إلى الخوف المرضي من الإسلام أو “الإسلاموفوبيا”.
لقد تعمّدنا سَوق ظاهرتي الإسلاموية والإسلاموفوبيا، لنبيّن أنهما المؤديان الأقويان في تنامي ظاهرة اليمين المتطرف الأوروبي والأميركي.

تابع فقرة ثانية متصلة:
تنامي اليمين المتطرف اوروبيا" وأميركيا".

هناك خط واضح يربط بين صعود تيارات اليمين المتطرف في أوروبا وأميركا في الآونة الأخيرة، لا سيما بعد تصلعد العمليات الإرهابية في أوروبا وأميركا ومنطقة الشرق الأوسط وأبرزها خلال ٢٠١٥ - ٢٠١٦ والتي وجدت هذه التيارات على اثرها فيها ملجأ" ومتنفسا" لتقديم نفسها، ما زاد في شعبيتها في السنوات الخمس الأخيرة، وتجسد في صعود أسهمها في العديد من دول أوروبا ثم في أميركا (ترامب). قوة وشعبية هذه التيارات بلغت مبلغا" أصبح يطغى على ميول الوسط (بيساره ويمينه) الذي ميز الديمقراطية الغربية لعقود طويلة.

الفرق بين اليمين واليسار في السياسة:

استخدم مصطلحا اليمين واليسار كوسيلة مختصرة لوصف الأفكار والمعتقدات السياسية والمواقف الأيديولوجية للسياسيين والأحزاب والحركات السياسية المختلفة. وعادة ما يتم التعامل مع اليمين واليسار بوصفهما يعبران عن القطبين أو اللونين الرئيسيين للطيف السياسي، وهو ما يمكِّن المحللين من الإشارة إلى " يسار الوسط centre –! left وأقصى اليمين far right. و يُعد التمثيل الخطي للمجال السياسي من اليمين إلى اليسار إحدى أكثر التطبيقات انتشاراً لمفهومي اليمين واليسار، حيث تقع في أقصى اليمين الخط المتصل بالفاشية، والأيديولوجية المحافظة، والليبرالية، ثم إلى اليسار تقع الاشتراكية والشيوعية.
ويشير مصطلح (اليمين) إلى القوى المحافظة التي ترفض تغيير النظام السياسي والاجتماعي وتعمل على المحافظة على الأوضاع السائدة،  بينما يشير مصطلح (اليسار) إلى القوى التي تنادي بتغيير الواقع السياسي والاجتماعي. وبين قوى اليمين واليسار، تقع قوى الوسط التي تنادي بالإصلاحات التدريجية للنظام السياسي والاجتماعي. لاحقاً ومع ظهور جماعات سياسية جديدة، انبثقت مسميات جديدة من مثل يمين متطرف ويسار متطرف، وضمن هذه الاشتقاقات تم تصنيف القوى العنصرية كقوى يمين متطرف، فيما تم اعتبار الاحزاب الشيوعية ضمن قوى اليسار المتطرف. وصار مصطلح يسار الوسط يشير للأحزاب الشيوعية الديمقراطية .فيما يشير يمين الوسط للأحزاب الليبرالية والمحافظة. 
إن جميع الدول الديمقراطية المستقرة في عالم اليوم تحكمها في الغالب قوى من يسار الوسط او يمين الوسط، ويندر وصول اليسار المتطرف او اليمين المتطرف الى السلطة في ظل الأنظمة الديمقراطية المستقرة. واذا حدث فانه يتم عبر تحالف هذه القوى مع أحزاب تنتمي الى تيار الوسط .وتعد دول أوروبا الغربية وخاصة منها فرنسا المكان الأكثر ملاءمة لتطبيق هذه التصنيفات على القوى السياسية الموجودة فيها.