رئيس مجلس الإدارة
د. رائد العزاوي

بين الخطر والأمل.. جورجيا ميلوني تسطر بداية غامضة للسياسة الإيطالية

نشر
الأمصار

يبدو أن إيطاليا، على مقربة من بداية عهد جديد بعد إجراء انتخابات حرة بين كل الطوائف المتواجدة في ايطاليا، ولعل القدر سيجعل تلك الانتخابات بداية جديدة من جميع الجهات.  

جورجيا ميلوني

خاصة بعدما أعلنت الصحفية السياسية جورجيا ميلوني، فوزها، وفقًا لما أبرزته صحيفة "الجارديان" البريطانية، إذ قالت إن جيورجيا ميلوني، أعلنت فوزها في الانتخابات الإيطالية العامة قبل إعلان النتيجة الرسمية، ووعدت بالحكم لصالح جميع الإيطاليين، بعد أن أعطت استطلاعات الرأي ائتلافها اليميني أغلبية واضحة، مما جعلها في طريقها لتشكيل أكثر حكومة يمينية منذ نهاية الحرب العالمية الثانية.

وبعد إعلان النتائج الرسمية،  من المقرر أن تصبح زعيمة إخوان إيطاليا أول إمرأة تتولى رئاسة الوزراء في إيطاليا، لتصبح بذلك نموذج للأحزاب القومية في جميع أنحاء أوروبا حيث تترأس إحدى الدول الأعضاء الست الأصلية في الاتحاد الأوروبي.

وأظهر الاستطلاع الذي أجرته هيئة الإذاعة الإيطالية "راي"، أن تحالف اليمين حصل على 41٪ -45٪ مقابل 25.5٪ -29.5٪ لكتلة اليسار، بينما حصلت حركة الخمس نجوم الشعبوية على 13.5٪ -17.5٪.

وقالت هيئة الإذاعة البريطانية "بى بى سى"، إنه في حال تأكد النتائج المُعلنة، بشكل نهائي، ستصبح أول امرأة تتولى منصب رئيس الوزراء في تاريخ البلاد.

واعتبرت أن فوز اليمين بالانتخابات الإيطالية، وهي ثالث أكبر اقتصاد في القارة، يشكل رسالة تحذير لأوروبا، في الوقت الذي تتصاعد فيه تبعات الحرب الروسية الأوكرانية.

وقالت ميلونى متحدثة للصحفيين في روما "لقد أرسل الإيطاليون رسالة واضحة لصالح تشكيل حكومة يمينية بقيادة "إخوان إيطاليا".

وحسب استطلاعات الرأي، التي أجرتها تلفزة رأي الإيطالية، فإن ميلوني ستحصل على ما يتراوح بين 22- 26 بالمائة، من أصوات الناخبين، يليها أقرب منافسيها، إنريكو ليتا، من يسار الوسط.

هذه السيطرة التي أشار إليها استطلاع رأي قناة رأي، ستعطي ميلوني أكثر من ربع أصوات الناخبين في الغرفة العليا في البرلمان، وقد اعتمد الاستطلاع على نتائج ملموسة إلى حد كبير من الناخبين بعد إدلائهم بأصواتهم، كما صوت الناخبون لاختيار أعضاء الغرفة الدنيا في البرلمان.

ويتطلع تحالف ميلوني الذي يضم حزب رئيس الوزراء الأسبق سيلفيو بيرلسكوني، "فورزا إيطاليا"، وحزب الرابطة اليميني المتطرف بزعامة ماتيو سالفيني، إلى السيطرة على غرفتي البرلمان مع توقعات الاستطلاعات الأولية عن حصوله على نسبة 42.2 في المئة من التصويت على مجلس الشيوخ.

وقبل الحديث عن ماهية تعامل الدول مع إيطاليا في حالة الإعلان الرسمي بفوز جورجيا ميلوني، دعونا نتحدث عن بعض المعلومات عنها.  


من جورجيا ميلوني؟ 

جورجيا ميلوني

ولدت جورجيا ميلوني، في روما عام 1977، وعاشت طفولة صعبة في ضواحي العاصمة الإيطالية بعدما تخلى عنها والدها الذي سافر إلى جزر الكناري، لتترعرع على يد والدتها، وهي من اليمين المتطرف.

وتُعتبر "ميلوني"، سياسية وصحفية إيطالية، دخلت العمل السياسي منذ سن المراهقة، فعملت سابقًا كوزيرة للشباب في حكومة برلسكوني الرابعة، وكانت مساعدة لحزب "إخوة إيطاليا"، وأصبحت عضوة في مجلس النواب الإيطالي وأصغر نائب لرئيس المجلس.

وفي عام 1995،أصبحت عضوة في "حزب التحالف الوطني" وهو الحزب ذو التوجه الفاشي، وفي عام 2009، اندمج حزبها مع حزب " فورزا إيطاليا" ليتوحدا تحت اسم "شعب الحرية". 

وفي عام 2012، وبعد انتقادها لبرلسكوني والمطالبة بالتجديد داخل الحزب، انسحبت وأسست حركة سياسية جديدة سميت "إخوة إيطاليا".  

تعتبر ميلوني داعماً قوياً لحلف شمال الأطلسي، وأقامت علاقات مع الأحزاب ذات التفكير المماثل في أوروبا، كحزب فوكس الإسباني وحزب القانون والعدالة البولندي، كذلك سافرت إلى الولايات المتحدة لمخاطبة الجمهوريين.

وتقود ميلوني حزبًا له جذور فاشية ومعاديًا للهجرة، واتهمت الاتحاد الأوروبي في أكثر من مناسبة بالتوطؤ في تنفيذ نظرية "الاستبدال العظيم"، وهي من المعجبين بفيكتور أوربان رئيس الوزراء المجري المحافظ.

وفي العام الماضي، أطلقت كتابها "أنا جورجيا"، وشددت فيه على أنها ليست فاشية، لكنها متعاطفة مع إرث موسوليني بقولها: "لقد حملت على عاتقي مسؤولية تاريخ 70 عاماً".

إلى جانب التخفيضات الضريبية، يريد تحالفها إعادة التفاوض بشأن خطة التعافي الضخمة للاتحاد الأوروبي من جائحة كورونا وانتخاب رئيس إيطاليا عن طريق التصويت الشعبي. ولتكون قادرة على تغيير الدستور، ستحتاج إلى أغلبية ثلثي أصوات البرلمان.

وتتمسك بشعار قديم مثير للجدل وهو: "الله والوطن والعائلة" وتقوم بحملات ضد المثليين، وتدعو إلى فرض حصار بحري على ليبيا وحذرت مراراً من المهاجرين المسلمين.

كما أنها تسعى إلى تبني "موقف إيطالي مختلف" تجاه الهيئة التنفيذية للاتحاد الأوروبي وتقول: "هذا لا يعني أننا نريد تفكيك الاتحاد الأوروبي أو مغادرته أو القيام بأشياء مجنونة".

والسؤال الذي يطرح نفسه هنا.. هل سيسيطر اليمين على أوربا؟

جميع التوقعات واستطلاعات الرأي تقول إن اليمين المتطرف الإيطالي "التحالف الثلاثي" الذي تقوده ميلوني سيحقق نصراً تاريخياً في الانتخابات التشريعية، أضف إلى ذلك النجاح الذي حققه الديمقراطيين السويديين الأسبوع الماضي، والنتائج غير المتوقعة التي حصلت عليها مارين لوبان في فرنسا في الانتخابات، مؤشرات على أن الدول الأوربية تتجه نحو اختيار أحزاب اليمين المتشددة.

وقال تقرير لمجلة "إيكونومست"، إن على أوروبا أن تحترم قرار إيطاليا الديمقراطي في حال اختيارها جورجيا ميلوني، وطمأن التقرير الاتحاد الأوروبي، أن حكومتها ستكون مقيدة بالسياسة والأسواق والمال. 

ورجح التقرير أن ميلوني لن تستطيع الوفاء بتعهداتها التي قطعتها خلال الحملة الانتخابية، حيث ستصطدم بالرئيس الإيطالي ورئيس المحكمة الدستورية وهما من الوسطيين المعتدلين.

طبيعة علاقة ميلوني بروسيا؟  

جورجيا ميلوني

سلطت مجلة "نيوزويك" الأمريكية، الضوء على فوز الصحفية والسياسية جورجيا ميلوني، رئيسة حزب "إخوة إيطاليا" اليميني المتطرف بمنصب رئيس وزراء إيطاليا، والذي من المرجح أن يكون فوزًا مُرحبًا به للغاية من قبل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
وأشارت المجلة إلى أن ميلوني، التي في طريقها لتكون أول رئيسة وزراء لإيطاليا وأول يمينية متطرفة تشغل المنصب منذ الحرب العالمية الثانية، تعتبر أحد المعجبين بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
ورأت المجلة أن نتيجة الانتخابات تنذر بنقطة تحول في مسار إيطاليا التي كان آخر قائد لها رئيس الوزراء ماريو دراجي، وهو شخصية مؤسسية ومن المعارضين بشدة للعملية العسكرية الروسية في أوكرانيا.
ولفتت المجلة إلى أنه رغم توصية ميلوني، بإرسال المساعدات العسكرية إلى أوكرانيا لدعمها في مواجهة العملية العسكرية الروسية، إلا أنها دافعت أيضا عن روسيا كـ"جزء من نظامنا الأوروبي للقيم"، وذلك العام الماضي في مذكراتها.

ترحيب أمريكي

جاء ترحيب الولايات المتحدة الأمريكية من خلال وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، الذي أعلن أن بلاده تتطلّع إلى العمل مع الحكومة الايطالية الجديدة، بعد فوز زعيمة اليمين المتطرّف جورجيا ميلوني في الانتخابات، لكنه شدّد على ضرورة احترام حقوق الإنسان.

وكتب بلينكن على تويتر: ”نحن حريصون على العمل مع حكومة إيطاليا على أهدافنا المشتركة، مثل دعم أوكرانيا حرّة ومستقلّة، واحترام حقوق الإنسان، وبناء مستقبل اقتصادي مستدام“.

وحتى الآن تبدو الأمور هادئة ولن يتضح الامر بخصوص المواقف والعلاقات بين مختلف البلاد لا سيما القوى العظمى والحكومة الإيطالية الجديدة، فهل سيدوم هذا الترحيب أم سيكون هناك موقف مغاير سيظهر في الأيام القادمة.