رئيس مجلس الإدارة
د. رائد العزاوي

خسائر السياحة بالوطن العربي.. الوجه الآخر للحرب الأوكرانية

نشر
الأمصار

مثلت خسائر السياحة بالوطن العربي، أحد أبرز الآثار السلبية للحرب الأوكرانية، حيث تكبد القطاع مليارات الدولارات بعد الحرب، وتوقفت مئات من فرص العمل للعاملين في قطاع السياحة في الدول العربية الجاذبة للسائحين.

تبدأ أولى خسائر السياحة بالوطن العربي في ظل الحرب الروسية – الأوكرانية، هو ما تفرضه من تحديات تشغيلية لقطاع الطيران العالمي، من المُرجح أن تتواصل خسائر الشركات العاملة في قطاع الطيران بمنطقة الشرق الأوسط والتي بدأت مع جائحة كورونا، لتبلغ نحو 6.8 مليار دولار، و4.6 مليار دولار في عامي 2021 و2022 على التوالي، وفقاً لتقديرات اتحاد النقل الجوي الدولي (إياتا).

السياحة في تونس

وأيضاً قبل كورونا، شكل الروس رابع أكبر سوق سياحي بتونس في سوق السياحة بالوطن العربي بعدد يقارب 633 ألف سائح؛ أي ما يمثل حوالي 7.5% من إجمالي الحركة السياحية في البلاد عام 2019، ويأتون بعد السياح القادمين من الجزائر وفرنسا وليبيا، على الترتيب. 

واستقبلت تونس مليونين و400 ألف سائح سنة 2021 بعد أن كانت التقديرات تساوي 3.7 مليون سائح في السياحة بالوطن العربي، متأثرة بانتشار فيروس كورونا وبطء حملة التلقيح التي عرفت ارتفاع نسقها في الأشهر الأخيرة من السنة.

وبعد أن شهد عام 2020 تراجعاً كبيراً في عدد الوافدين الذي لم يتجاوز مليونين مقارنة بـ2.7 مليون سائح كانت وجهتهم المغرب، و3.5 مليون اتجهوا إلى مصر، و15.8 مليون إلى تركيا.

ووضعت وزارة السياحة استراتيجية تسعى إلى الرفع من مردودية القطاع، وتنمية القدرة التنافسية للوحدات السياحية في عام 2022، من خلال تحسين صورة تونس كوجهة سياحية متميزة في ضفاف المتوسط، وتعزيز الموقع التنافسي في المنطقة، وذلك استناداً إلى إمكانية عودة نشاط أسواق الجوار الجزائرية والليبية وأسواق أوروبا الشرقية، إضافة إلى السوق الفرنسية والألمانية التقليديتين.

وتبلغ تقديرات موسم 2022 وفق المخطط المذكور 5.7 مليون سائح بعائدات قيمتها 3.5 مليار دينار (1.2 مليار دولار)، وتسعى إلى استعادة 60 في المئة من نشاط سنة 2019، التي اعتبرت جيدة باستقبال 9.4 مليون سائح وبعائدات بلغت 5.62 مليار دينار (1.95 مليار دولار)، بينما لم تتجاوز مداخيل القطاع 2.5 مليار دينار (868 مليون دولار) سنة 2021، وملياري دينار (694 مليون دولار) سنة 2020، وفق وزارة السياحة.

قدر وزير السياحة التونسي حجم خسائر القطاع خلال مدة تفشي الجائحة في البلاد بسبعة مليارات دينار تونسي (2.4 مليار دولار)، بينما توقع هذا العام استعادة نصف مداخيل 2019 مع بداية انتعاش تدريجي على الرغم من الغموض الذي يلف السوق الروسية.

السياحة في مصر

بدأت تتجلى تداعيات الحرب الروسية على أوكرانيا  وتلقي بظلالها "القاتمة" على القطاع السياحي في مصر، وخصوصاً في مدينتي شرم الشيخ والغردقة

فإن السياحة الروسية كانت تسهم بنحو 3.2 مليار دولار سنوياً، عبر أكثر من 3 ملايين سائح سنوياً، وذلك قبل حادث تحطم الطائرة الروسية "متروجيت" فوق سماء جنوب سيناء، ثم بعث استئناف حركة الطيران مع موسكو الأمل في القطاع السياحي المصري العام الماضي، قبل أن ينتكس مجدداً تحت وطأة الحرب.

من جهتها، أشارت السفارة الأوكرانية بالقاهرة، في تصريحات رسمية، إلى أن عدد السائحين الأوكران بمصر في السياحة بالوطن العربي وقت اندلاع الحرب بلغ أكثر من 20 ألف سائح، وبحسب اللواء خالد فودة، محافظ جنوب سيناء، فإن الأوكران يمثلون 60 في المئة من السياحة الوافدة لمدينة شرم الشيخ.

احتل السياح الأوكرانيين، المركز الثاني في حركة السياحة الوافدة إلى مصر خلال عام 2019، قبل جائحة كورونا، ومثلوا حوالى 21% من إجمالي سوق السياحة في مصر، خلال 2020.

حيث استقبلت المدن السياحية المصرية نحو 1.6 مليون سائح أوكراني، بنسبة ارتفاع تقدّر بـ 32% عن عام 2018. 

وأعلنت السفارة الأوكرانية لدى القاهرة أن أكثر من 727 ألف أوكراني زاروا الأراضي المصرية بهدف السياحة عام 2020، وقد أدّت جائحة كورونا إلى انخفاض العدد الإجمالي من الأوكرانيين الذين سافروا إلى خارج بلادهم للاستجمام خلال عامي 2020 و2021 بنسبة 81%، وفي المقابل انخفض عدد السياح الأوكرانيين الذين سافروا إلى مصر بنسبة 5.48%عام 2020 مقارنة بعام 2019. 

وهكذا خسرت مصر ما لا يقل عن خمسة مليارات دولار سنوياً منذ عام 2016، بسبب انقطاع الإيرادات السياحية الروسية والأوكرانية، والتي يُتوقع عدم استعادتها طوال السنوات الثلاث المقبلة حتى يصل أطراف النزاع الدولي الجاري في أوروبا إلى اتفاق تسوية يرتّب دعائم نظام الأمن المتبادل في أوروبا. 

السياحة في المغرب

وبالنسبة للمقاصد السياحية الأخرى في المنطقة مثل المغرب، يساهم السياح الوافدون من روسيا أو أوكرانيا بحصة ضئيلة في الحركة السياحية بالبلاد، ولم يكونا ضمن الأسواق العشرة الأولى المُصدرة للسياحة في المغرب خلال السنوات القليلة الماضية. وقبل الجائحة، بلغ أعداد السياح الروس الوافدين إلى المغرب نحو 11 ألف سائح في عام 2019، وبنسبة أقل 1% من إجمالي السياح الوافدين إليها في العام نفسه.