رئيس مجلس الإدارة
د. رائد العزاوي

بهاء خليل يكتب: إمكانيات الردع العربي المتاح لمواجهة الخطر الإيراني

نشر
الأمصار

ما زال التمدد الإيراني في الشرق الأوسط يثير الكثير من المخاوف المتعلقة بالأمن القومي للدول العربية وهذا الأمر ينطبق أيضاً على الكيان الصهيوني في الوقت الراهن صحيح أن التاريخ يذكر حجم التآمر الكبير الذي مارسه الكيان الصهيوني وإيران سويا على المنطقة وخصوصاً دول الخليج , لكننا اليوم أمام صراع جديد بدأت ملامحه تتضح منذ احتلال العراق وسقوط النظام السابق الذي كان داعماً كبيراً للفلسطينيين بشكل عام والفصائل الفلسطينية المسلحة بشكل خاص ,
اختلف الدعم الآن حيث تحول من العراق إلى إيران وأصبحت إيران هي من تسلح وتدعم الفصائل الفلسطينية ليس حباً بالأقصى كما تدعي ولكن لدفع الدول العربية على نبذ القضية الفلسطينية والتوجه للتطبيع مع إسرائيل واعتبار الخطر الإيراني هو الأكثر تهديداً للمنطقة العربية .
هذا الأمر جعل الكثير من الدول العربية وخصوصاً الخليجية منها تتجه نحو التطبيع مع الكيان الصهيوني للتفرغ لمواجهة إيران وتوغلها المزعزع لأمن المنطقة وهذا ما استفادت منه إسرائيل في هذا التوقيت بالذات وعملت على التقرب أكثر من الدول العربية لتشكيل تحالف شرق أوسطي هدفه الوحيد هو التصدي للنفوذ الإيراني ومع دعم أمريكي كامل خصوصاً بعد أن أصبحت المفاوضات النووية مع إيران بحكم المنتهية نتيجة التعنت الإيراني ومحاولة خلط الملفات للخروج بتنازلات كبيرة من المجتمع الدولي لصالحها وهذا ما رفضته الإدارة الأمريكية وعلى لسان وزير خارجيتها والكثير من المسؤولين في البنتاغون .
أمريكا قررت عدمإشراك جنودها على الأرض منذ الخروج من العراق عام 2011 لذلك تعتمد اليوم على جيوش المنطقة وخصوصاً الدول المتضررة من التوغل الإيراني , أما بالنسبة لإسرائيل فهي لا تمتلك القدرة العسكرية على تدمير الأهداف الإيرانية لبعد المسافة بينها وبين المواقع النووية والعسكرية لذلك تحتاج لأمرين.
الأول أن تمتلك قاذفات استراتيجية وهذا الأمر غير ممكن في الوقت الراهن لأن الإدارة الامريكية ما زالت تعول على نجاح المفاوضات واستخدام الضغط الدبلوماسي والعقوبات لإجبار إيران على التوقيع والأمر الثاني هو اشراك الدول العربية لاستخدام أراضيها كقاعدة لانطلاق الهجمات نحو ؟إيران.
أما الدول العربية وخصوصا السعودية أصبحت لا تثق في الإدارة الأمريكية خصوصاً إدارة بايدن التي اتخذت الكثير من المواقف التي تسببت بضرر كبير للسعودية من الناحية الأمنية منها رفع منظومات الباتريوت من السعودية ورفع جماعة الحوثي من قوائم الإرهاب مما أسهم بشكل كبير في إطالة حرب اليمن.
القمة المرتقبة بين قادة دول العربية وأمريكا وإسرائيل  قد تخلق شرق أوسط جديد كلياً عن ما شهدناه منذ عام 1948 وهذا الأمر قد ينعكس إيجابيا على أمن المنطقة وسلبياً على القضية الفلسطينية بسبب الموقف العربي من الفصائل الفلسطينية التي ارتمت بأحضان إيران.
يبقى العراق هو الطرف الأكثر تضرراً من الهيمنة الإيرانية وفي نفس الوقت من الصعب بل ومن المستحيل أن يشارك في هذه القمة خصوصاً أنه لا يمتلك حكومة حتى الآن بعد مضي 8 أشهر على الانتخابات الأخير ومن غير الممكن تشكيل حكومة في الوقت الراهن مع الصراعات المستمرة بين الاطار والتيار الصدري المستقيل من البرلمان بالإضافة إلى أن البرلمان الجديد أقر قبل أقل من شهر قانون تجريم التطبيع مع الكيان الصهيوني وهذا ما قد يشكل عقبة كبيرة إمام أي حكومة سواء حكومة تصريف الأعمال أو الحكومة القادمة أن تشكلت.
أمريكا والدول العربية يهمها كثيراً مشاركة العراق لأنه سيكون خط الصد الأول في وجه إيران كما كان منذ سيطرة الإسلاميين على السلطة في إيران كذلك من المهم لتك الدول تحجيم وأنها الفصائل المسلحة في العر اق؛ لأنها شكلت ومازالت تشكل الخطر الأكبر الذي يتهدد امن الدول الخليجية وخصوصاً السعودية لما تمتلك من تسليح ولما تملكه من صفة رسمية متمثلة بالحشد الشعبي.
الموقف يبدو معقداً في العراق لكن الأكيد أن هنالك أساليب ضغط كبيرة قد تمارسها الإدارة الأمريكية لإجبار العراق  على الدخول في الحلف المزمع تشكيله لمواجهة إيران ومنها العقوبات التي قد تطيع بكل الأحزاب الحاكمة في العراق إذا ما تسببت بزيادة معاناة الشعب العراقي وتعجل  بخروج الشارع ضد العملية السياسية.
الأمر الأكيد حتى الآن هو أن هنالك رغبة حقيقية لتحجيم إيران من الدول العربية وأميركا وهي قادرة على ذلك إذا عرفت كيف تستخدم الأوراق المتاحة لها.