رئيس مجلس الإدارة
د. رائد العزاوي

بعد تأخر الحسم العسكري.. 4 دول لعبوا دور الوسيط بالمفاوضات الروسية الأوكرانية

نشر
الأمصار

لعبت العديد من دول العالم دور الوسيط بالمفاوضات الروسية الأوكرانية، من أجل إنهاء الحرب المستعرة ولكن دول قليلة هي التي نجحت نتيجة علاقتها بالطرفين أن تنجح في الوساطة.

مفاوضات بيلا روسيا

كانت الجار الأقرب بين أوكرانيا وروسيا هي دولة بيلاروسيا، والتي اتهمها الغرب بالانخراط في الحرب إلى جانب روسيا، ولذلك لعبت دور الوسيط بالمفاوضات الروسية الأوكرانية، وفي قرار اتخذ بعد وساطة من الرئيس البيلاروسي ألكسندر لوكاشنكو، أعلنت الرئاسة الأوكرانية  موافقتها على إجراء محادثات مع روسيا وستعقد على الحدود مع بيلاروسيا قرب تشيرنوبيل "دون أي شروط مسبقة".

وفي تصريحات سابقة، أكد الناطق باسم الكرملين دميتري بيسكوف أن الاجتماع عقد في منطقة غوميل في بيلاروسيا بدون إعطاء تفاصيل إضافية.

في ختام الجولة الثالثة من المفاوضات الروسية الأوكرانية، أعلن الأوكرانيون تحقيق "بعض النتائج الإيجابية" حول الممرات الإنسانية، فيما رأى الروس أنها لم تكن "بمستوى التطلعات".

وكتب العضو في الوفد الأوكراني مستشار الرئاسة ميخايلو بودولياك على تويتر: "حصلنا على بعض النتائج الإيجابية بشأن لوجستية الممرات الإنسانية".

وأضاف: "سيتم إدخال تغييرات، وسنقدم مساعدة أكثر فعالية لمن يعانون من عدوان الاتحاد الروسي".

الوساطة التركية

بينما كان موقف تركيا في الأزمة حتى اللحظة يحظى برضى كل من روسيا وأوكرانيا وكذلك بعض الدول الداعمة لأوكرانيا في الحرب من باب أنها تبقي مساراً للحديث مع موسكو والتأثير عليها، بل إن المعارضة التركية في مجملها تمتدح أداء حكومة بلادها في الأزمة منذ بدايتها حتى الآن، ولذلك لعبت تركيا دور الوسيط بالمفاوضات الروسية الأوكرانية.

لا يشترط في الوساطة الناجحة بين دولتين متنازعتين أن تأتي بالضرورة من قوة عظمى يمكنها فرض الحل عليهما، بل قد يكفي أحياناً علاقة جيدة مع طرفَيْ النزاع وثقتهما في الطرف الوسيط وبعض الأوراق الإضافية لإحداث اختراق ورسم مسار الحل. وهذا ما حدث إلى الآن في الحرب الروسية-الأوكرانية، إذ وقع الاختراق الأكبر على يد أنقرة التي استطاعت جمع وزيرَيْ خارجية البلدين على طاولة واحدة، وتأمل في البناء على هذا المسار وصولاً إلى حل يرضي الطرفين.

فرضت الحسابات الدقيقة لتركيا في الأزمة عليها موقفاً في غاية التعقيد. فهي الدولة، العضو في حلف شمال الأطلسي (الناتو)، التي تملك علاقات أكثر من جيدة مع روسيا في السنوات الأخيرة، وهي التي تُشاطِئُ أو تُجاورُ البلدين المتحاربَين في حوض البحر الأسود، وهي التي تملك علاقات تقترب من التحالف مع أوكرانيا بما في ذلك الدعم العسكري وصفقات السلاح الدفاعي وخصوصاً الطائرات المسيّرة بدون طيار، وهي التي نسجت عدة تفاهمات مع روسيا إثر انخراطها معها في أكثر من نزاع، وهي التي تملك مفتاح البحر الأسود من خلال المضايق وبالتالي إمكانية تجنيبه التحول إلى إحدى جبهات الحرب بما تمنحه إياها اتفاقية مونترو للمضايق 1936.

 

وقد هدفت أنقرة من خلال هذا الموقف المركّب، الذي يمكن وصفه بالحياد النسبي، إلى تحقيق عدة أهداف في مقدمتها التوازن النسبي بين مختلف الأطراف، ودعم الانجرار للانخراط في الحرب بأي مستوى، وتجنب ارتدادات الحرب في المجالات العسكرية والاستراتيجية قدر الإمكان، وتحصين مناطق النزاع الأخرى مثل سوريا وليبيا وجنوب القوقاز تجاه أي ردات فعل روسية محتملة، وكذلك الإبقاء على مساحة للتوسط بين الجانبين.

 

أبدت أوكرانيا موافقتها منذ اللحظة الأولى لعرض الوساطة التركية بما في ذلك عقد قمة تجمع الرئيسين بوتين وزيلينسكي، لكن روسيا لم تُبْدِ نفس الحماسة، ورغم أن بوتين أعلن نيته زيارة أنقرة إلا أنه كان أقرب إلى الاعتذار اللبق منه إلى نية حقيقية للزيارة في ذلك الوقت إذ علق الكرملين الأمر بـ"ظروف عمل الرئيس وظروف جائحة كورونا".

ورغم ذلك، فقد ساعدت العوامل سالفة الذكر والتفصيل، إضافة لإبقاء تركيا قنوات التواصل مع روسيا مفتوحة وفاعلة، على فرصة قائمة ولو لاحقاً للوساطة التركية، وهو ما حدث. ذلك أن عدم حسم روسيا الحرب بالسرعة التي كانت تخطط لها وتتوقعها، والعقوبات الاقتصادية الشاملة التي تعرضت لها، والمقاومة التي أبدتها أوكرانيا مع الدعم العسكري الذي قدم لها، رغم محدوديته، أسهمت كلها في تليين الموقف الروسي برأينا، ما دفع موسكو للتجاوب مع مبادرة أنقرة، حتى ولو من باب مواجهة البروباغندا الغربية التي أظهرتها متعنتة ورافضة للحلول السلمية.

ورغم أن اللقاء خرج دون اتفاق ما، وهو ما كان متوقعاً بالتأكيد، فإن تصريحات لافروف وكوليبا الإيجابية بعد اللقاء الثلاثي أوحت بإمكانية البناء عليه.

وفي الـ 18 من الشهر الجاري، قال الناطق باسم الرئاسة التركية إبراهيم قالن إن تقدماً قد أحرز في مواقف الطرفين بخصوص أربع من أصل ست مواد رئيسة يتفاوضان حولها، وهي حياد أوكرانيا أي عدم انضمامها إلى الناتو، ونزع سلاحها وفق "النموذج النمساوي" وإجراءات الأمن المتبادلة، وما تسميه موسكو "تطهير أوكرانيا من النازية"، وإلغاء القيود على الاستخدام الواسع للغة الروسية في البلاد.

الوساطة الإسرائيلية

تأتي من بين الجهود، رحلة رئيس الوزراء الإسرائيلي إلى روسيا للتوسط من أجل السلام، ولعب دور الوسيط بالمفاوضات الروسية الأوكرانية

وذكر التقرير أن نفتالي بينيت، الذي وصفه بأنه لا يتمتع بخبرة على صعيد الساحة الدولية، سافر يوم السبت الماضي إلى موسكو.

وأضاف أن لقاء بينيت بالرئيس الروسي استغرق ثلاث ساعات وهو ما جعله وسيط سلام غير متوقع، ومنذ تلك الزيارة ظل يمارس دبلوماسية نشطة شهدت تواصلا مع بوتين والرئيس الأوكراني وحلفاء أوروبين.

وتقول التايمز إنها علمت أن بينيت بدأ مهمته الدبلوماسية إثر اقتراح من المستشار الألماني أولاف شولتس، بعد أن توقف بوتين عن الرد على اتصالات شولتس في أعقاب انضمام برلين للدول التي فرضت عقوبات على روسيا.

 

ويقول منتقدو قيام بينيت بهذه المهمة بأنها حملة علاقات عامة واضحة، ولكن مع فشل المفاوضات بين الروس والأوكرانيين هذا الأسبوع، يبدو أن وساطة بينيت هي الفرصة الوحيدة للتوصل إلى حل.

الوسيط الفرنسي

في تصريحات لافتة قوبلت بغضب أوكراني عارم، أكد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، على لعبه دور الوسيط بالمفاوضات الروسية الأوكرانية، مبينًا  أنه من الضروري ألا تتعرض روسيا للإهانة حتى يمكن التوصل لحل دبلوماسي عندما تنتهي الحرب في أوكرانيا، مشيرا إلى أن باريس ستلعب دور الوساطة لإنهاء الصراع الأوكراني، وأنه في سبيل إنهاء الحرب التي يشنها يجب بناء السلام من دون إذلال روسيا.

 

وقال خلال مؤتمر صحفي في البرلمان الأوروبي: "غدا سيكون لدينا سلام نبنيه، دعونا لا ننسى ذلك أبدا، سيتعين علينا القيام بذلك مع أوكرانيا وروسيا حول الطاولة، لكن ذلك لن يحصل من خلال رفض أو استبعاد بعضنا بعضا، ولا حتى بالإذلال".

وقبل ذلك بقليل، قال ماكرون في كلمة له: "عندما يعود السلام إلى التراب الأوروبي، سيتعين علينا بناء توازنات أمنية جديدة" من دون "الاستسلام أبدا للإغراء أو الإذلال، ولا لروح الانتقام، لأنها أمعنت في تدمير طرق السلام في الماضي".

كما صرح ماكرون في حديث لوسائل إعلام فرنسية، السبت: "يجب ألا نهين روسيا حتى نتمكن في اليوم الذي يتوقف فيه القتال من إيجاد مخرج عبر الوسائل الدبلوماسية، أنا مقتنع بأن دور فرنسا هو أن تكون قوة وسيطة".