رئيس مجلس الإدارة
د. رائد العزاوي

بهاء خليل يكتب: حرب السيطرة 2022

نشر
الأمصار

اتذكر اني كتبت مقالة استخدمت المصطلح المكتوب في العنوان عام 2015 ويومها كانت مقالتي تتكلم عن حزب الدعوة الارهابي وذكرت فيها ان قناة العالم الايرانية كانت تسمي حرب احتلال العراق بهذا الاسم ( حرب السيطرة ) . كان البعض يتابع هذه القناة لأنها الوحيدة التي كان يمكن ان يلُتقط بثها الارضي في كل مكان في العراق تقريباً اثناء الحرب , لم يكن الكثيرين يعلمون  ان التسمية التي اطلقتها ايران على تلك الحرب تعني السيطرة على العراق من قبل ايران وليس امريكا .
وكأن التاريخ يكرر نفسه عام 2022  لكن بوضع مختلف هذه المرة , صحيح ان طرفي المعركة مختلفين الان  بعد ان كانوا متحدين على دعم احتلال العراق وتدميره ومؤيدين لحرب السيطرة على العراق , لكن اوجه الاختلاف الان تكمن في الصراع بين أيدولوجيات دينية  وليست سياسية كما يظن البعض . 
ان الصراع الدائر الان بين الاطار التنسيقي والتيار الصدري ليس صراعاً سياسياً او مادياً بقدر ما هو صراع حول مستقبل العراق الديني والسياسي في الوقت ذاته , فالكثير من القوى المنضوية تحت مسمى الاطار التنسيقي تدين بالولاء الديني والعقائدي للولي الفقيه في ايران , بينما التيار لا يعترف بحكم الولي الفقيه وهي مشكلة عقائدية وجوهرية في اصل الصراع بين الشيعة منذ ثورة الخميني سيئة الصيت . 
فشيعة العراق لا يتعرف اغلبهم بنظام الولي لفقيه وليس فقط التيار الصدري وهذا ما يجعل محاولة فرضه على ارض الواقع في العراق امراً في غاية الصعوبة بالنسبة لإيران , لذلك تعمد على فرضه بقوة سلاح ميليشياتها وتسعى لقمع أي صوت معارض لهذا النظام الذي يتيح لها السيطرة العقائدية المطلقة على الشيعة في العراق بشكل عام . 
هذا من ناحية ايران والاطار , اما بالنسبة للصدر فعلى الرغم من الكوارث والجرائم التي ارتكبها اتباعه منذ احتلال العراق مازال مفضلاً لدى الكثير من الرافضين لنظام الولي الفقيه ويرون فيه القوة القادرة على دحر المشروع الايراني في العراق طالما ان المرجعية صامته وتكتفي بالمراقبة من بعيد ولم تبدي أي رأي في هذا الصراع الذي ظاهره سياسي وباطنه عقائدي . 
ان اصرار الصدر على تشكيل حكومة اغلبية وطنية هو الطريق الوحيد نحو اقصاء اتباع ايران من الحكم في العراق وأضعاف السيطرة الايرانية عليه بل ويستطيع اذا تمكن من تحقيق ذلك ازاحة جميع الخصوم السياسيين وقادة المليشيات بقصاصة ورقية من المشهد بشكل كلي ,  خصوصاً انه يحملهم مسؤولية الفشل السياسي في ادارة العراق منذ عام 2003 وحتى الان . 
بالإضافة الى ما سبق فأن السيطرة على الحكم من خلال حكومة الاغلبية السياسية  فيه منافع كبيرة للصدر ولأتباعه , اولها انه سيكون الحاكم الاوحد في العراق خصوصاً بعد ان يزيح اتباع ايران , وثانياً ان أي انجاز سيتحقق على مختلف الاصعدة سيحسب له ولتياره والاهم من كل ذلك بالنسبة له هو امكانية ان يصبح مرجعاً دينياً في المستقبل بعد ان تتهيأ الظروف المناسبة لذلك وأعني بالطبع وفاة المرجع الحالي علي السيستاني .  
ان مشكلة العراق الحقيقية اليوم تكمن في تحمل الشعب مرغماً تبعات هذه الصراعات الدينية والسياسية وهذا الصمت قد لا يدون طويلاً , صحيح انهم اختبروه عام 2019 في ثورة تشرين لكن يبدوا انهم غير مدركين ان ما حصل في تشرين لم يكن سوى قطرة من بحر ما يمكن ان يحدث لو نفذ صبر الشعب هذه المرة , وأنا على يقين ان العاصفة القادمة لن تستثني منهم احدا .