رئيس مجلس الإدارة
د. رائد العزاوي

د. عبدالحفيظ محبوب يكتب: مكافحة الإرهاب وتمويله وكذلك أنشطة أذرع إيران

نشر
د. عبد الحفيظ
د. عبد الحفيظ

اتصل بايدن بخادم الحرمين الشريفين في 9/2/2022، وهو الاتصال الثاني في هذا العام، حيث شدد خادم الحرمين الشريفين على أهمية استمرار وتعزيز التعاون الأمني المشترك مع الولايات المتحدة في مجال مكافحة الإرهاب وتمويله، وأشار الملك سلمان إلى دعم المملكة جهود الإدارة الأمريكية الرامية لمنع امتلاك إيران السلاح النووي، وضرورة العمل المشترك لمواجهة الأنشطة الهدامة لأذرع إيران في المنطقة، مؤكدا في الوقت نفسه حرص المملكة على نزع جميع أسباب التصعيد في المنطقة ومواصلة الحوار، كما أعرب خادم الحرمين الشريفين عن حرص المملكة على الوصول إلى حل سياسي شامل في اليمن، وسعيها لتحقيق الأمن والنماء للشعب اليمني، وهذا الاتصال اعتراف بأهمية السعودية كدولة مهمة جدا في محاربة الإرهاب بجميع أشكاله دون تفرقة وعلى رأسها مليشيات الحوثيين في اليمن ومليشيات حزب الله في لبنان الذين يقاتلون بالوكالة عن إيران لتهديد أمن المنطقة التي هي مركز أمن الطاقة العالمية.

تدرك السعودية أننا نعيش في عالم لم يتبلور حتى الآن، ولم تستقر قواعده، وحتى أنماط علاقاته وتفاعلاته بين أطرافه، فبعد نهاية زمن الحرب الباردة، وبداية القطب الأوحد التي انفردت الولايات المتحدة بقيادة النظام العالمي، لكن كانت تكاليفه عالية جدا، لذلك رحبت الولايات المتحدة بعودة روسيا الاتحادية، وكذلك بالصين الشعبية لمشاركتها في تكاليف إدارة العالم، ولكن على مضض، وعلى حذر، وأن تكون هذه العودة في الإبقاء على هيبتها وهيمنتها، ولابد أن تكون تلك القوى تحت مظلتها، بدلا من أن يكون لها دور موازي ومنافسا للدور الأمريكي على الصعيد الدولي، أو بعناوين استراتيجية أخرى تختلف عن زمن الحرب الباردة، ما جعل السعودية تستثمر هذه المرحلة، وتجعل القوى الكبرى تتسابق على المشاركة في تصنيع السلاح داخل السعودية، للتحول إلى دولة مصنعة للسلاح العسكري، بل ومصدرة له.

فاتصال بايدن بالملك سلمان في التزام أمريكا في منع إيران امتلاك سلاح نووي، فهل هذا التعهد من أجل وقف التوازن الردعي الذي تسعى له السعودية بالتعاون مع الصين في تصنيع صواريخ بالستية ونووية إذا حصلت إيران على السلاح النووي ولم تتوقف عن تصنيع الصواريخ البالستية التي تهدد بها المنطقة؟.

رغم اهتمام السعودية بالشراكة الاستراتيجية مع أمريكا، ولا يمكن أن تحل محلها لا الصين ولا روسيا، لأن الصين انتشرت عبر انتشار الولايات المتحدة، ولا ترغب في الصدام مع الولايات المتحدة، ولن تستطيع وقف إرهاب إيران عبر مليشياتها التي تحارب بالوكالة في المنطقة.

وإن كانت تدرك السعودية ان النظام الغربي أصيب بالوهن، مع تغير الأولويات الذي أعاد خلط الأوراق لدرجة كبيرة، أدى ذلك إلى مرونة وسيولة في العلاقات الدولية التي بلورت جغرافيا سياسية واقتصادية جديدة.

رغم ذلك جعلت السعودية القوى الكبرى الولايات المتحدة والصين وروسيا تتسابق لكسب موقف السعودية في صفوفها، بفتح الباب للفوز بالتسليح، خصوصا بعدما أظهرت أمريكا استجابة ضعيفة لتسليح السعودية، في ظل التحديات التي تمر بها المنطقة، وأزمة أوكرانيا جعلت السعودية سيدة الطاقة في العالم، كما تدرك السعودية أن الصين فيما يخص الصراع السعودي الإيراني التي لن يجعل الصين تتخلى عن مصالحها مع إيران لصالح السعودية.

لذلك فإن الانفصال التام عن أمريكا لن يصب في مصلحة السعودية، بل إن السعودية ستستفيد من الصين في تنويع اقتصادها، وتستفيد من العلاقة الوظيفية والأمنية مع الولايات المتحدة، ولا تستطيع إزاحة أمريكا عن المنطقة كفاعل أمني، ولا تستطيع الصين ملئ هذا الفراغ، بل إن الصين تستفيد من الانتشار الأمريكي في المنطقة، ولا تريد الاصطدام بأمريكا، وهي أقل التزاما بأمن المنطقة.

كما تدرك السعودية أن إدارة بايدن منذ مجيئها الى البيت الأبيض لا تود إزعاج إيران، وبرهنت لإيران من أنها رفعت الحوثيين أحد أذرعها من قائمة الإرهاب، وهو يسير على خطى باراك أوباما الذي اختزل أزمات الشرق الأوسط والخليج في الملف النووي الإيراني، ولم يرى إرهابا سوى الإرهاب السني، فيما يرى أوباما أن ممارسات إيران وسلوك مليشياتها وأذرعها التابعة للحرس الثوري الإيراني مجرد ردة فعل على الإرهاب السني، ولم يعترف من أن أذرع إيران في المنطقة هو سلوك إيران من أجل تحقيق توسع إقليمي على حساب الدول العربية.

يرى أوباما أنه إذا دخلت إيران في النظام المالي العالمي يمكن أن تتوقف عن زعزعة الأمن الإقليمي، لكنها كانت مجرد أوهام قد يخفي أوباما خلفها مشاريع أمريكية لتفتيت المنطقة لإنهاء اتفاقية سايكس بيكو على يد مليشيات إيران، الذين أصبحوا أحباء أمريكا، رغم أن مليشيات إيران يظهرون العداوة لأمريكا ظاهريا، بسبب أن أمريكا لن تجد أفضل من الحوثيين وحزب الله في لبنان، والحشد الشعبي في العراق لقتل السنة تحت ثارات الحسين، والقتل على المذهب.

فالحوثيون حققوا لأعداء الإسلام ما لم تحققه إسرائيل، فالحوثيون هدموا المساجد ومدارس تحفيظ القران، ولم يهدموا السفارة الأمريكية، حتى أصبحوا محتكرين الجريمة، وزرعوا الألغام من خلال الأفارقة، حيث نزع مركز الملك سلمان مسام نحو 2 مليون لغم، ووظفوا 30 ألف طفل في الجبهات، ويرفضون أي حوار، لكنهم الآن بعد الانكسارات التي أوجعتهم في شبوة ومأرب وفي صنعاء، وتم فتح جبهات جديدة بعد شبوة ومأرب، في تعز وحجة وصعدة والجوف.

نتيجة ذلك خسروا قيادات كبيرة جدا، خصوصا من الحرس الثوري الإيراني، ومن حزب الله الذين كانوا يطلقون الصواريخ البالستية والمسيرات على السعودية ودولة الإمارات وداخل اليمن في المناطق المحررة، فهم وإيران الآن علت صرخاتهم في المطالبة بالحوار والسلم في اليمن، بعدما رفضوا كل المبادرات التي تبناها المبعوث الأممي مارتن غريفيث الذي عين في 2018، وقاد اتفاق استكهولم في 13 ديسمبر 2018، لكن لم يلتزم بهذا الاتفاق الحوثيون، بل استثمروا توقف القتال، وتم تحشيد الخبراء من الحرس الثوري الإيراني ومن حزب الله اللبناني وتهريب الصواريخ البالستية والطائرات المسيرة إلى الصومال ثم نقلها إلى الحديدة عبر قوارب صيد صغيرة، وراهنوا على الاستيلاء على مأرب بعد مقدم بايدن، ورفع الحوثيين من قائمة الإرهاب.

ما جعل مارتن غريفيث يرسل إلى مجلس الأمن في مارس 2021 يفيد مجلس الأمن بالوضع المأساوي في اليمن بسبب الهجوم الذي شنه الحوثيون على محافظة مأرب، وفتح جبهات في حجة وتعز، بعدها استقال وعين في 6 أغسطس 2021 السويدي هانس غروندبرغ، بجانب المبعوث الأمريكي تيموثي ليندكينغ.

ما جعل السعودية تعرض مبادرة سعودية استجابة مع الوضع العالمي الجديد في مارس 2021، لكن رفضت هذه المبادرة من قبل الحاكم العسكري للحرس الثوري الإيراني حسن أورولو حيث لا يمتلك الحوثيون أي قرار سيادي.

وراهنوا على الاستيلاء على مأرب النفطية وتقديمها ورقة في التفاوض النووي مع الغرب، لكنهم لم يقتنعوا أن التحالف بقيادة السعودية وضعت خط أحمر في مأرب، لكن إيران لم تكترث بهذا الخط الأحمر، واستهانت بقوة السعودية.

فالزيدية التي ينتمي إليها الحوثيون لم يكونوا يؤمنون بولاية الفقيه، فقط يؤمنون بولاية الشيخين أبا بكر وعمر رضي الله عنهما، لكن بعدما تلقى بدر الدين الحوثي دروسه في قم الإيرانية تبنى الولاية لعلي رضي الله عنه، حتى أصبحوا يتمسكون بولاية الفقيه،ويستشهدون بآيات يؤولونها تأويلا فاسدا مثل آية ( إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون)، على غرار الإخوان المسلمين الذين يستشهدون بآية ( إنما المؤمنون إخوة ).

فالحوثيون والخميني والإخوان المسلمين اختزلوا الآيات الكريمات، ووظفوها لصالحهم، بل إن آية ( ولتكن منكم أمة ) كما في كتاب الخميني، وكعادة شيعة الملالي يحرفون الآيات،فاعتبر الخميني الأمة معناها في الآية الأئمة، فأفردت لهذه الجماعات القداسة، بل إنهم يرفضون تسليم السلاح للدولة، ويعتبرون أن حزب الله حمى لبنان من إسرائيل، ولولا حزب الله لأصبحت لبنان دولة محتلة من قبل إسرائيل، وكذلك يروج الحوثيون أنهم حموا اليمن من حكم أمريكا.

فمعركة اليمن لم تكن معركة حوثية فقط، بل هي معركة لمحاصرة السعودية من الجنوب، يقود هذه المعركة مستشارين من الحرس الثوري الإيراني ومن حزب الله، وهناك تدريبات مكثفة للحوثيين في أريتريا بالتعاون مع أفراد من الموساد الإسرائيلي، ولا يستبعد أن ترضخ إيران، وتطالب بحوار مع السعودية لفك هذا الحصار، ويتم تهريب الأسلحة عبر الصومال في زوارق صيد ليسهل تهريب الأسلحة وبشكل خاص الصواريخ والمسيرات المفككة التي يتم تركيبها من قبل المستشارين في اليمن، لذلك هناك شخصيات ومستشارين محاصرين في حرض، ولأهمية المستشارين المحاصرين تم بعث ست كتائب لفك هذا الحصار، لكنه فشل بعدما تم استهدافهم من قبل صقور السعودية.

لذلك طالب الملك سلمان بايدن بضرورة العمل المشترك لمواجهة الأنشطة الهدامة لأذرع إيران في المنطقة، وهو دعم لمطالبات الجمهوريين، وبعض الديمقراطيين في الكونغرس، الذين يطالبون بايدن بمواجهة سلوك إيران في المنطقة، حتى لا تخسر أمريكا حلفاءها التقليديين في المنطقة، وكيف تعمل إيران إذا أفرجت أمريكا عن الأموال؟، وهناك تصريحات من قبل رئيس الأركان الإيراني محمد باقري في 7/2/2022 أنه إذا رفعت العقوبات فستصبح إيران أكبر المصدرين للأسلحة في العالم، وهناك تصريح لمحمد باقري نفسه في يناير 2019 أن القوات المسلحة الإيرانية انتقلت من الاستراتيجية الدفاعية إلى الهجومية للدفاع عن المصالح القومية.

نتيجة هذا الضغط بعدما أرسل الحوثيون، صواريخهم البالستية إلى دولة الإمارات عنما قررت السعودية التحكم بسيناريو اليمن قيادتها هجوم كاسح بعدما كانت إيران تطمح في الاستيلاء على مأرب والتحكم في نفطها وموقعها الاستراتيجي، حيث يعتبر اليمن بلد جيوسياسي كانت تطمع بريطانيا منذ 300 عام السيطرة على اليمن لأنه يسيطر على أهم الممرات المائية في العالم ويربط بين آسيا وأوروبا وأفريقيا.

على غرار الضغط الذي مارسه التحالف بقيادة السعودية في 2018 عندما كاد يتم  تحرير الحديدة، فبضغط دولي تم وقف التحالف في تحرير الحديدة، واستبدال هذا التحرير باتفاق استكهولم، لكن هذا الاتفاق أعطى ذراع إيران الحوثيين بالتقاط أنفاسهم، والحصول على دعم عسكري مكثف، بجانب استقدام خبراء من الحرس الثوري الإيراني ومن حزب الله إلى اليمن مكنهم من استهداف أمن السعودية ودولة الإمارات، لكن الظروف الدولية اختلفت، وأخذت مسارات متعددة، خصوصا وأن في الداخل الأمريكي هناك تضجر، ليس فقط من قبل الجمهوريين، بل أيضا من الديمقراطيين المنزعجين من اختزال بايدن الأزمة مع إيران في الاتفاق النووي الإيراني، وترك السلوك الإيراني، خصوصا وأن هناك انتخابات أمريكية في نوفمبر 2022 يمكن أن يخسر الديمقراطيون الأكثرية في مجلسي الكونغرس، وتعتبر نهاية إدارة بايدن قبل انتهاء ولايته الرئاسية مطلع السنة 2025، لذلك وافق بايدن على إرسال المدمرة يو إس إس كول إلى الخليج من أجل حماية أمن دولة الإمارات، وأيضا الموافقة على إرسال طائرات إف 22 المتطورة، وعقد صفقات أسلحة مع السعودية ودولة الإمارات والأردن.

حتى الآن ترفض الولايات المتحدة أن تعترف بأن الملف النووي ليس سوى وسيلة لابتزاز أمريكا من أجل التغطية على سلوكها الإقليمي، لكن ماذا عن الصواريخ التي تطوق المنطقة من كل مكان؟.

بدأت إيران تفقد صوابها وتفقد مكاسبها في العراق بعد اليمن، فبعد أربع زيارات قام بها قااني إلى العراق، لم يجد من الصدر سوى إصرار على حكومة أغلبية وطنية، فقد اجتمع إسماعيل قااني بالصدر في 7/2/2022 في الحنانة بالنجف وذكره بورقة عودة تنظيم داعش في ظل انقسامات العراقيين، وإمكانية حصول اجتياح جديد لداعش، يبدو أنه يذكره بعام 2014 عندما كان يعارض الصدر المالكي عندما كان رئيسيا للوزراء، وهدد قااني الصدر بعبارة أن الخطر أكبر مما يتصوره البعض إذا لم يشرك الصدر الإطار التنسيقي، فيما يشترط الصدر إقصاء نوري المالكي الذي كان سببا في ترك داعش تحتل الموصل، وقيس الخزعلي، ويريد الصدر تخطي الثلث المعطل الذي تلعب عليه إيران في لبنان، بل وحزب الله يلعب دورا في حلحلة الأوضاع في العراق، وتزامنت هذه الضغوط مع اغتيال الشاب كرار أبو رغيف من أتباع الصدر، وهي رسالة للصدر إن لم يستجيب لهذه الضغوط، بإعادة داعش إلى العراق، لكن يبدو أنها لعبة لم تعد مجدية كما كانت في عام 2014.

وهنا الفرق بين السعودية التي تكافح الإرهاب وإيران التي تهدد بداعش، فيما السعودية تحارب كل التنظيمات والجماعات المتطرفة، وهي التي عانت من الإرهاب، ومنذ منتصف الستينات من القرن الماضي قام العلماء بجهود جبارة في علاج الفكر المنحرف، بالكتابة، والمناظرة، والخطابة.

حيث تعتبر السعودية أن العلاج العلمي من قبل العلماء الربانيين هو الأصل والخطوة الأولى في علاج الغلو والتطرف والتكفير، ثم يأتي العلاج الأمني، ومولت وأنشأت المركز العالمي لمكافحة التطرف ( اعتدال )، وكذلك مركز الحرب الفكرية التابع لوزارة الدفاع، تمكن من تدمير الخلايا الإرهابية، كما نجح في إحباط عدد كبير من العمليات الإرهابية الوشيكة سواء داخل السعودية أو خارجها، منقذة بذلك آلاف الأرواح البريئة، وأنشأت مركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني لنشر ثقافة الحوار بين مختلف أطياف المجتمع وقيامه في عام 2016، بإعداد استراتيجية شمولية لمواجهة الفكر المتطرف وتقوية اللحمة الوطنية، بجانب إنشاء تحالف عسكري يتكون من 41 دولة عام 2015 لمحاربة التطرف، ومكافحة غسل الأموال، وتطبيق قوانين لحماية أموال المؤسسات الخيرية، والتصديق على اتفاقية تمويل الإرهاب، ما جعل وكيل الأمين العام للأمم المتحدة لشؤون مكافحة الإرهاب فلاديمير فورونكوف يزور السعودية في 2019 ويطلع على الاستراتيجيات التي اتبعتها السعودية في مكافحة الإرهاب لإتباعها في الأمم المتحدة ومطالبة السعودية مساعدة الأمم المتحدة في محاربة الإرهاب.

تدرك السعودية أن الرسول صلى الله عليه وسلم أخبر بظهور الخوارج أولا، واستمرار تكرر خروجهم حتى قيام الساعة، فالخوارج الذين ظهروا في أيام الخليفة الإمام علي رضوان الله عليه يكفرون بالكبيرة، لكن داعش والقاعدة والنصرة وغيرهم يكفرون بما هو أقل من الكبيرة كالذنب والمباح والمستحب أحيانا، وصفاتهم انهم يقتلون المسلمين، والجهل، وحسن كلامهم مع سوء أفعالهم، مصداقا لحديث الرسول صلى الله عليه وسلم سيخرج في آخر الزمان قوم أحداث الأسنان سفهاء الأحلام يقولون من قول خير البرية يقرؤن القران لا يجاوز حناجرهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية فإذا لقيتموهم فاقتلوهم، لكن المشكلة الأكبر في توظيف هذه الجماعات من قبل دول مثل إيران، مما يزيد من خطورة هذه التنظيمات والجماعات، وعندما زار ترمب أول زيارة خارجية إلى السعودية بعد وصوله إلى البيت الأبيض، صرح وزير الخارجية آنذاك تيليرسون من أن زيارة ترمب لمواجهة إرهاب إيران.

تعتبر الحروب الصليبية سياسية وتوسعية تجارية، كما هو واقع اليسار الديمقراطي الأمريكي الذي في أساسه تجاري، من أجل استثمار موارد طهران الغازية بشكل خاص لكسر احتكار روسيا في توريد الغاز إلى أوربا.

كذلك واجهت السعودية بعد انهيار الاتحاد السوفيتي نظريتي هنتجتون وفوكوياما حول صراع الحضارات وهي في أساسها اقتصادي ورأسمالي في الوصول إلى احتكار الأسواق، لكن السعودية واجهتها بالتركيز على القيم الإنسانية، وتتويج اللقاء التاريخي بين الملك عبد الله بن عبد العزيز رحمه الله والبابا بنديكتوس السادس عشر في 2007 بعد قرون من القطيعة، وسوء التفاهم، وتشكيل لوبي كقوة فاعلة لتعزيز ثقافة الحوار والتعاون، والتخلص من جميع القناعات الخاطئة ومقر هذا اللوبي في عاصمة النمسا، منطلقة السعودية من قول الله سبحانه وتعالى ( يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم)، نتج عنه إعلان مدريد عام 2008 برعاية الأمم المتحدة الذي يركز على القيم الإنسانية، ولم تكتف السعودية بذلك بل تم إنشاء مركز الملك عبد الله بن عبد العزيز للحوار بين أتباع الأديان والثقافات وليس بين الأديان حتى لا يعارض هذا الحوار المتطرفون في عام 2012.

تدرك السعودية أن أركان مثلث الإرهاب التعصب والتطرف والعنف، وأضلاع مثلث الإرهاب هي الفكر المتطرف المعتمد على التأويل الفاسد ولي أعناق النصوص أو بترها أو عدم فهمها ووضعها في السياق الصحيح أو إعادتها إلى النصوص المحكمة، والضلع الثاني هو التمويل والثالث الرعاية.

وقد قيض الله سبحانه وتعالى لهذه الدولة بحكم موقعها وأن الوحي نزل على أرضها، وتحتضن الحرمين الشريفين، وهي وجهة للمسلمين كافة من جميع أنحاء العالم، ومنذ تأسيسها عام 1727 إلى اليوم ترتكز على التوحيد وتتبع الوسطية مهما قيل عنها، واحتضنت جميع الهاربين من استبداد الحكومات والدول سياسيا ودينيا، وهي مسؤولة عن حماية هذا الدين من التشويه والتشويش، وأكثر ما تعرض للتشويه الجهاد الذي فهم فهما خاطئا من قبل كثير من الإسلاميين، فقد اعتمدت التنظيمات الجهادية على فتوى لابن تيمية فهما خاطئا عندما أفتى بن تيمية تسمى بالفتوى الماردينية فقط من أجل تبرير هذه التنظيمات الجهادية الإرهابية عملياتها القتالية التي قتلت من المسلمين أكثر مما قتلت من غير المسلمين رغم أن الماء جميعها معصومة.

فيما فتوى بن تيمية صدرت عندما استولى التتار على مدينة ماردين وأغلب أهلها من المسلمين ويحكمها التتار، لكن بعد سبعة قرون تصدى علماء السعودية لهذه الفتوى التي فهمت فهما خاطئا واجتمع علماء السعودية في 2010 واعتبروا أن فتوى بن تيمية ليست مستمسكا، وأكثر ما اعتمدت هذه التنظيمات على مبادئ الحاكمية والبراء والولاء وفق نصوص ظنية وليست يقينية، مثل آيات ( لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء) أي تتخذونهم حلفاء ضد المسلمين الذين لم يعتدوا عليكم ولم يقاتلونكم، ( يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء تلقون إليهم بالمودة ) ( وقاتلوا الذين يلونكم من الكفار) لكن يتجاهلون أو لا يرجعون هذه الآيات إلى آيات محكمة ( وقاتلوا الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين) ( لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين، إنما ينهاكم الله عن الذين قاتلوكم في الدين وأخرجوكم من دياركم وظاهروا على إخراجكم أن تولوهم، ومن يتولهم فأولئك هم الظالمون) ( يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين لله شهداء بالقسط ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى واتقوا الله إن الله خبير بما تفعلون ).

فيما أن الرسول صلى الله عليه وسلم عقد وثيقة المدينة وفيها اليهود وغيرهم من المشركين، وعقد معهم تحالف للدفاع المشترك عن المدينة بل عن سبب فتح مكة نقض قريش عهدها عندما اعتدت قبيلة بني بكر حليفة قريش على بن خزاعة حليفة الرسول صلى الله عليه وسلم على حلفاء الرسول صلى الله عليه وسلم، ولم يكونوا مسلمين بل كانوا على الكفر، وكان في صلح الحديبية من أراد من قبائل العرب الدخول في حلف الرسول صلى الله عليه وسلم فليدخل، فدخلت خزاعة التي كانت يومها على الشرك، ودخلت قبيلة بكر مع قريش، وبذلك نقضت صلح الحديبية ففتح الرسول صلى الله عليه وسلم مكة في العام الثامن للهجرة من 20 رمضان، ودخلها سلما بدون قتال.

وهناك فتوى لابن تيمية رحمه الله في المتطرفين منذ ذلك الوقت حيث قال (لم يكن أحد شرا على المسلمين منهم لا اليهود ولا النصارى، فإنهم كانوا مجتهدين في قتل كل مسلم لم يوافقهم، مستحلين لدماء المسلمين وأموالهم، وقتل أولادهم، مكفرين لهم، وكانوا متدينين بذلك لعظم جهلهم وبدعتهم المضلة).