رئيس مجلس الإدارة
د. رائد العزاوي

رحلة الموازنة العامة الليبية.. ما بين رفض البرلمان وتجاهل الحكومة لملاحظات تعديلها

نشر
الأمصار

أعلن المتحدث باسم حكومة الوحدة الوطنية الليبية، محمد حمودة، اليوم الاثنين، في تصريحات صحفية أن الحكومة لن تحضر جلسات البرلمان هذا الأسبوع.

 

وأوضح “حمودة” أنه تم التواصل مع رئاسة مجلس النواب والاتفاق على عقد الاجتماع في موعد لاحق بحضور واسع للحكومة.

 

وكان من المقرر أن تنعقد جلسة مجلس النواب غدًا الثلاثاء، بحضور رئيس الحكومة، لمناقشة مشروع الميزانية العامة للدولة، والذي رفضه البرلمان أكثر من مرة.

 

ويرى مراقبون أن إلغاء جلسات مجلس النواب ترجع لسببين الأول زيارة الدبيبة الخارجية، والثاني انتظار ما ستسفر عنه جلسات ملتقى الحوار الليبي الذي يعقد في مدينة جنيف بسويسرا اليوم، وينتهي في الأول من يوليو/تموز.

 

واعتبروا أن التوافق في تلك الجلسات سيؤدي إلى إعطاء دفعة قوية، لتمرير مشروع الميزانية، الذي يتضمن أحد بنوده تمويل الانتخابات القادمة التي سيحسم الملتقى قاعدتها الدستورية.

 

سافر أمس رئيس مجلس الوزراء الليبي، عبدالحميد الدبيبة، إلى المغرب، لمناقشة التعاون بين البلدين، وسبل التأسيس لتعاون أمني وعسكري مع المملكة، بغرض الاستفادة من خبراته لتأهيل وتطوير مؤسسات ليبيا.

 

وتعد هذه هي الزيارة الأولى من نوعها للدبيبة إلى المغرب منذ تسلمه منصبه في وقت سابق من العام الجاري، وفي أعقاب زيارة سابقة لوزيرة خارجتيه نجلاء المنقوش، ورئيس مجلس النواب عقيلة صالح.

 

أسباب رفض الموازنة 

رفض مجلس النواب في جلسة 25 مايو الماضي، وبحضور 102 نائب الموافقة على الموازنة العامة، وأرجع الرفض إلى عدم أخذ الحكومة بعين الاعتبار ملاحظات المجلس عليها، خصوصاً فيما يتعلق ببند زيادة الرواتب لعدد من القطاعات مثل المعلمين والشرطة والمتقاعدين، وعدم تخصيص ميزانية محددة للقيادة العامة للجيش الليبي بالإضافة إلى ملف المناصب السيادية للدولة، التي لا تزال تثير الخلافات بين أطراف الحوار الليبي ولم تتوصل إلى اتفاق نهائي بشأنها حتى اليوم.

 

وكانت الميزانية المعدلة المقدمة من الحكومة تم تخفيضها إلى 93 مليار دينار ليبي (21 مليار دولار أميركي)، بعد أن رفض المقترح الأول بشأنها المقدر بنحو 97 مليار دينار (نحو 22 مليار دولار)، وتعتبر هذه الميزانية الأضخم في تاريخ ليبيا، وتبلغ ضعف ميزانية العام الماضي، وقد ثار جدل كبير حولها في البلاد بسبب ضخامتها، مقارنةً بالفترة القصيرة المتبقية للحكومة التي لا تتعدى ستة أشهر.

 

وردًا على الانتقادات الشعبية بأن البرلمان يعرقل مرور الموازنة العامة، برر النائب الأول لرئيس مجلس النواب، فوزي النويري، رفض المجلس الموازنة، “أنه مارس حقه الطبيعي في منح الثقة للحكومة كما يحق له أيضاً ممارسة دوره الرقابي عليها”، وأكد أن “مجلس النواب ليس ضد المواطن وليس ضد إقرار الموازنة، لكن البنود المقدمة في مسودتها غير متضمنة لقوانين زيادة العاملين في عدد من القطاعات بينها التعليم والشرطة”.

 

وطالب الحكومة بأن تلتزم بتقديم قانون موازنة واضح للمصادقة عليها، ودعا إلى أن يقر المجلس البنود الواضحة في مقترح الميزانية العامة فقط من دون البنود غير الواضحة.

 

وقال أيضًا عضو مجلس النواب، سالم قنيدي، إن رفض الموازنة العامة بشكلها الحالي حفاظاً على المال العام من الفساد والعبث، موضحًا، أن كل الأبواب في الموازنة محل شك وتم إرجاعها سابقاً بعد أن وضع عليها ملاحظات، ولم تلتزم الحكومة بها، مشيراً إلى أن قيمة الموازنة لا تزال كبيرة جداً، حتى بعد تخفيضها بالنسبة للأشهر المتبقية في عمر الحكومة، مشدداً على ضرورة تركيز الموازنة على بنود مقننة مثل إصلاح الوضع الاقتصادي والأمني قليلاً، ومنح مبالغ محدودة للتعليم والصحة والانتخابات، أي للحاجات الضرورية، لتقع الميزانية بحدود 50 إلى 60 مليار دينار (نحو 10 إلى 12 مليار دولار).

 

تضخم الميزانية

من جانبه أكد الديبية، أن الحكومة تعمل على تضمين جميع ملاحظات مجلس النواب على مشروع قانون الميزانية، وأن هذه الميزانية هي للشعب ووفقاً لاحتياجاته، موضحاً أن تضخم الميزانية ناتج عن التغير في سعر الصرف في ليبيا.

 

وأكد أن مشروع الميزانية أخذ في الاعتبار أيضًا، خطة التنمية الشاملة لكل مناطق ليبيا، لاستكمال المشاريع المتوقفة والتي بلغت نسب إنجازها مستويات عالية وليس لتغطية مشاريع وتعاقدات مستقبلية، بحسب تعبيره.

 

وقال “الدبيبة” إن النقاش والخلاف حول الميزانية التي تأخر إقرارها، أمران طبيعيان، مضيفًا أن الآراء متعددة بشأن بنود الميزانية، والأفكار مختلفة، وأن الحكومة مستعدّة للذهاب إلى البرلمان في طبرق والإجابة عن كل التساؤلات.

 

وأوضح أن هذه الميزانية تم إعدادها وفق النمط المتعارف عليه في قانون الميزانية العامة للدولة وبعد معاينتها وفق سعر صرف الدينار الليبي أمام الدولار.

 

بند المرتبات

وفيما يتعلق ببند المرتبات، قال الناطق باسم حكومة الوحدة الوطنية، إنها تستهلك نسبة 32٪ من الميزانية دون اعتبار لأي زيادة في أي قطاع، وهو حجم كبير لا يمكن تضمينه أي زيادات في الأجور إلا بقانون من مجلس النواب، أما بند التنمية فإن ما رصد لها لا علاقة له بأي مشاريع جديدة وإنما هو استكمال للمشاريع التي فاقت نسبة إنجازها 70٪ ومنها فاق 90٪ ومن غير المقبول إبقاؤها على تلك الحال وقيمتها تتآكل.

 

وبعد جلستين رسميتين، لم يعتمد البرلمان سوى البند الأول من مشروع الميزانية المخصص للمرتبات، في حين أعاد بقية بنود الميزانية للحكومة بعد خلافات، امتدت صداها إلى ملف المناصب السيادية، الذي طالب بعض النواب بحسمه أولا، قبل إقرار الميزانية.

ضغوط دولية 

وواصلت عدة أطراف دولية ضغطها على البرلمان الليبي؛ لإقرار الموازنة العامة للدولة بأسرع وقت، حيث أكد الرؤساء المشاركون لمجموعة العمل الاقتصادية، بما في ذلك منسق بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، على ترابط المسارات الاقتصادية والسياسية والأمنية لعملية برلين وأهمية إحراز التقدم بشكل متوازٍ في جميع المسارات، كما أكدوا أهمية الإسراع في اعتماد الموازنة الوطنية لعام 2021″.

 

وفي بيان لبعثة الأمم المتحدة، اتفق جميع المشاركين على أهمية الحفاظ على الزخم الذي تحقق في المسار الاقتصادي، بما في ذلك مواصلة وضع السياسات الحيوية ومواءمتها والمضي قدماً في توحيد المؤسسات المالية والاقتصادية الليبية.