تصعيدات مستمرة.. كيف تهدد إيران أمن الخليج العربي؟

تعد التهديدات الأمنية لدول الخليج العربي تهديد للأمن القومي العربي ككل وذلك باعتبار دول الخليج ذات موقع استراتيجي مهم والذي يكون حساسًا بسبب علاقة الجوار مع إيران، وهو ما دفع الدول الخليجية للترابط بإنشاء مجلس التعاون الخليجي كأكبر المنظمات الظغقليمية في العالم العربي انضباطًا، وأصبحت إيران هى سبب القلق الخليجي بحكم أنها تمثل أكبر التحديات الأمنية بسب التقارب الجغرافي بينها وبين دول الخليج ولذلك يتم ملاحظة تشابه التحديات الأمنية في المحيط الجيو استراتيجي لمنطقة الخليج العربي، ومن ثم يدفعها إلى اتباع سياسة أمنية تتناسب مع حجم التهديدات الآنية والمستقبلية، وفي هذا السياق يناقش التقرير التالي التحديات التي تواجه أمن الخليج العربي كالتالي:
إيران والأمن الخليجي
تهدد إيران دول الخليج أمنيًا عبر عدة أشكال تتمثل في:
- البرنامج النووي الإيراني يُعد واحدًا من أكثر التهديدات الأمنية لدول الخليج العربي خصوصًا مع أن لإيران مصالح تتعارض مع مصالح دول المنطقة أولها أن إيران تسعى بطرق غير سلمية لتعزيز دورها في المنطقة عبر الطاقة النووية ولذا فإن العلاقات الإيرانية الخليجية تتسم بنمط كبير من التشابك والتعقيد، علاوة على ذلك ازدياد المخاوف الخليجية من إمكانية نشوب صراع عسكري بين إيران والأطراف المعنية بالملف النووي يؤثر بالطبع على أمن المنطقة الخليجية، كما أن هذا البرنامج النووي يهدد دول الخليج بيئيًا من حيث حدوث تسريبات نووية أو التخلص من النفايات النووية في مياه الخليج.
- أطماع إيران في المنطقة وتدخلاتها الأجنبية في الدول العربية كالعراق واليمن وسوريا ولبنان وهذا يجعل دول الخليج محاطة بالمخاطر الكبيرة كوجود حزب الله والحوثيين وهذا دفعها للتدخل في الأزمة اليمنية وتشكيل التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية.

تصعيدات متتالية
ثمة وجود الكثير من المخاطر الإيرانية التي تهدد الدول الخليجية من حين لآخر وهذا يكون دافعًا لتلك الدول لأن تسعى لتوفير أقصى قدر من الحماية لها وهو ما يمكن توضيحه فيما يلي:
1-بخصوص البرنامج النووي الإيراني: تُجرى في هذه الفترة محادثات فيينا بين إيران والاتحاد الأوروبي بشأن البرنامج النووي والعودة لاتفاق عام 2015 وذلك بمشاركة غير مباشرة من الولايات المتحدة الأمريكية، وهذا دفع الدول الخليجية لإطلاق تصريحات كبيان مجلس التعاون الخليجي بشأن تأكيد الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي نايف الحجرف لمسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب : ” أهمية التوصل إلى اتفاق نووي مع إيران يضمن استقرار المنطقة، مع ضرورة أن يتضمن أي اتفاق نووي مع طهران “السلوك الإيراني” في المنطقة”، معربًا عن أمله في “انخراط إيران بشكل إيجابي وبنّاء مع جهود المجتمع الدولي لتعزيز الأمن والاستقرار”، وذلك في سياق إعلان وزارة الخارجية الإيرانية : “أن هناك اختلافات مهمة في محادثات فيينا النووية، بالإضافة إلى بطء المفاوضات ما يشكل مصدر قلق”.
فدول الخليج ترقب مفاوضات فيينا لأنها تدرك أن عدم التوصل لشكل نهائي مع الولايات المتحدة سيكون له تداعيات خطيرة على أمنها، فهى تعد طرفًا في تلك المفاوضات لأنها متأثر رئيسي من البرنامج النووي.
2-بخصوص التهديدات من لبنان: فدول الخليج وعلى رأسها أعلنت أكثر من مرة أن حزب الله في لبنان منظمة إرهابية تابعة لإيران وأنها لن تتعامل مع لبنان في ظل وجود حزرب الله كمكون رئيسي في الفصائل السياسية اللبنانية.
3-وبالنسبة إلى اليمن: وجود الحوثيين في اليمن مهدد خطير للأمن الخليجي فقد تدخلت دول الخليج وعلى رأسها السعودية والإمارات في اليمن عبر عملية “عاصفة الحزم” 2015 استجابة لدعوة الرئيس اليمني ومحاولة لطرد الحوثيين من اليمن، وفي هذا السياق يتم التركيز على نقطة مهمة وهى أن الوجود الخليجي في اليمن دفع إيران لإطلاق تهديدات على السعودية والإمارات، حيث:
- أولًا- بالنسبة إلى الإمارات: فبعد عملية اليمن السعيد التي أجرتها الإمارات العربية في اليمن في الأيام الأخيرة والتي أخرجت الحوثيين من شبوة والسيطرة بنسبة كبيرة على مأرب بعدها تعرضت الإمارات لهجوم على مناطق ومنشآت مدنية وأثار هذا العمل الإرهابي ردود فعل حاسمة على المستوى المحلي والإقليمي والدولي تمثل في :
- على المستوى المحلي الإماراتي: كانت هناك العديد من الإدانات حيث وزير خارجية الإمارات، الشيخ عبدالله بن زايد بخصوص استهداف ميليشيا الحوثي الإرهابية لمناطق ومنشآت مدنية على الأراضي الإماراتية، أكد: “دولة الإمارات تحتفظ بحقها في الرد على تلك الهجمات الإرهابية وهذا التصعيد الإجرامي الآثم”، واصفًا تلك الهجمات بأنها “جريمة نكراء أقدمت عليها ميليشيا الحوثي خارج القوانين الدولية والإنسانية”.
مضيفًا في السياق ذاته: “هذه الميليشيا الإرهابية تواصل جرائمها دون رادع في مسعى منها لنشر الإرهاب والفوضى في المنطقة في سبيل تحقيق غاياتها وأهدافها غير المشروعة”.

وعلى هذا الضوء أكد مستشار الرئيس الإماراتي أنور قرقاش :” أن الجهات المعنية في دولة الإمارات تتعامل بشفافية ومسؤولية تشكر عليها بخصوص الاعتداء الحوثي الآثم على بعض المنشآت المدنية في أبوظبي”، مضيفًا: “عبث الميليشيات الإرهابية باستقرار المنطقة أضعف من أن يؤثر في مسيرة الأمن والأمان الني نعيشها”.
- على المستوى العربي: ثمة العديد من الإدانات العربية حيث أدانت السعودية ومصر وسلطنة عمان والجزائر والبحرين والكويت وقطر والأردن والعراق وتونس والمغرب والسودان قيام ميليشيا الحوثي الإرهابية بإطلاق عدد من الطائرات المسيرة المفخخة باتجاه إمارة أبوظبي، كما كان لجامعة الدول العربية رد على ذلك الهجوم بتأكيده الوقوف إلى جانب الإمارات.
- على المستوى الإقليمي : فإن منظمة التعاون الإسلامي قد أعلنت إدانتها الهجوم الإرهابي الذي استهدف مطار أبو ظبي، منددة بتمادي ميليشيا الحوثي في عملياتها الإجرامية باستهداف المنشآت المدنية في انتهاك صارخ للقوانين والأعراف الدولية.
- على المستوى الدولي: وتمثل في إدانة الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي وبريطانيا وألمانيا وفرنسا واليونان وروسيا للهجوم الذي تعرضت له أبو ظبي.
- ثانيًا-بالنسبة إلى السعودية : فقد أعلنت هى الأخرى عقب عملية “حرية اليمن السعيد” تعرضها لهجمات إرهابية من قبل الحوثيين بمجموع (8) طائرات مسيّرة مفخخة استهدفت المدنيين والأعيان المدنية بطريقة متعمدة وممنهجة، وقد نجحت قوات التحالف بالتصدي لها، وكانت هناك العديد من التصريحات التي تعكس دور السعودية حيث:
- تقديم المملكة السعودية العديد من المبادرات السياسية للوصول إلى حل سياسي شامل يجمع الأطراف اليمنية كافة، إلا أن ميليشيا الحوثي واصلت تعنتها بتنفيذ الهجمات الجبانة على أراضي المملكة والإمارات، واستهداف خطوط الملاحة الدولية وتعطيل المساعدات الإنسانية، مواصلة بذلك انتهاكها الصارخ لجميع القوانين والأعراف الدولية.
- تأكيد وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان: ” أن الاعتداءات التي قامت بها ميليشيا الحوثي الإرهابية على المملكة ودولة الإمارات العربية المتحدة تشكل تهديدًا للأمن والاستقرار في المنطقة، وتؤكد أن هذه الميليشيا أصبحت مصدراً رئيسياً لتهديد الأمن والاستقرار الإقليمي والدولي”.
- استمرار تأكيد التحالف العربي والسعودية على دعمهم للجهود الأممية والدولية لإحلال السلام في اليمن.
ثالثًا- رد التحالف العربي على الهجمات الحوثية على المنشآت الاقتصادية في السعودية والإمارات وذلك باتخاذ الإجراءات العملياتية اللازمة لردع هذه السلوكيات للميليشيا الحوثية ضد المدنيين والأعيان المدنية والمنشآت الاقتصادية بالمملكة والإمارات استجابة للتهديد وتحقيقاً لمبدأ الضرورة العسكرية لحماية المدنيين والأعيان المدنية ضمن دور ومهام قيادة القوات المشتركة للتحالف وإسهاماتها لحفظ الأمن الإقليمي والدولي لليمن والمنطقة وبما يحقق الأمن الجماعي لمصالح المجتمع الدولي.
تهديدات سابقة
ليست المرة الأولى التي يتعرض الخليج لها لهجوم حيث شهد سلسلة من الهجمات السابقة على منشآت الشحن والنفط آخرها في الثاني من يناير الجاري باحتجاز جماعة الحوثي السفينة الإماراتية “روابي” قبالة مدينة الحديدة غرب اليمن ورفضت الجماعة دعوة الأمم المتحدة بالإفراج عنها، والأمر أيضًا بالنسبة للسعودية التي تعرضت لهجمات سابقة من الحوثيين.
خلاصة القول: تهدد إيران دول الخليج بشكل مستمر سواء عبر برنامجها النووي أو عن طريق التدخل في الدول العربية وأهمها اليمن وبالتالي تُشكل خطرًا على أمن البحر الأحمر وخليج عدن ومضيق باب المندب، وبحر عُمان ومضيق هرمز، فلن تهدأ الأوضاع إلا بعد أن تقف إيران عن تدخلاتها في الدول العربية فخروج الحوثيين من اليمن هو بمثابة استقرار كبير للدول الخليجية، وعلى صعيد آخر فهجمات تلك الحوثيين المستمرة تعكس أنهم في مأزق وجودي فيجب على المجتمع الدولي أيضًا أن يُعيد تصنيف جماعة الحوثيين كمظمة إرهابية، فالتحالف العربي يسعى لوقف الحوثيين حفاظًا على أمن اليمن وأمن الخليج العربي؛ لأن تلك الميليشيات دوافعها إيديولوجية في المقام الأول وتسعى لتنفيذ مصالح طهران في المنطقة .