قدم مجلس القضاء الأعلى العراقي، اليوم الاثنين، رؤية تحليلية لمقال رئيس مجلس القضاء، فائق زيدان، فيما أشار إلى أنه أكد الحاجة لإصلاح دستوري متزن لا يمس جوهر النظام الديمقراطي.
وجاء في الرؤية التحليلية لمجلس القضاء الأعلى حول تصريحات القاضي فائق زيدان، تلقتها وكالة الأنباء العراقية (واع)، ان "تصريحات رئيس مجلس القضاء الأعلى، القاضي فائق زيدان، تأتي في لحظة سياسية ودستورية دقيقة تسبق الانتخابات النيابية، لتفتح باباً واسعاً للنقاش حول دور القضاء في صيانة المسار الديمقراطي وضمان نزاهة الانتخابات"، مبينة ان "كلمات زيدان لم تكن عابرة، بل بدت محسوبة بدقة لتؤكد أن القضاء حاضر بقوة، لا وصاية له ولا عليه، وأن القانون هو المرجعية الوحيدة التي تُحتكم إليها مؤسسات الدولة".
وأوضحت الرؤية انه "خلال قراءته لدور القضاء بالعملية الانتخابية، حرص زيدان على رسم حدود واضحة بين الرقابة القضائية والاستقلال المؤسسي للمفوضية العليا المستقلة للانتخابات، فهو يرى أن القضاء يمارس رقابته حين ترد اعتراضات أو طعون من المرشحين، لكنه لا يتدخل في قرارات المفوضية إلا في حدود ما يتيحه القانون، وهذه المقاربة الدقيقة تعكس سعي رئيس مجلس القضاء الأعلى إلى تثبيت التوازن بين سلطة القضاء واستقلال المفوضية، في وقت تتصاعد فيه الاتهامات بالتسييس أو التدخل السياسي، وقد كان حاسماً في نفي أي ضغوط سياسية تتعلق بقرارات استبعاد المرشحين".
وأكد زيدان، بحسب الرؤية، أن "تلك القرارات تستند حصراً إلى المعايير القانونية التي أقرها مجلس النواب، وأن زيادة عدد المستبعدين لا تعني انحيازاً، بل نتيجة طبيعية لتزايد عدد المرشحين أنفسهم، وإنها رسالة طمأنة، ولكن أيضاً دفاع عن استقلال المؤسسات الانتخابية من الشكوك والتأويلات".
أما على الصعيد الدستوري، فقد شدد زيدان على "ضرورة احترام المدد الدستورية في تشكيل الحكومة بعد الانتخابات، مؤكداً أن المحكمة الاتحادية العليا ستصادق على النتائج فور استيفائها الشروط القانونية"، منوها بأن "انتخاب رئيس الجمهورية يجب أن يتم بأغلبية الثلثين كما نص الدستور، في تلميح واضح إلى أن التفاهمات السياسية لا يمكن أن تحل محل النصوص الدستورية، وفي هذه النقطة، بدا زيدان كمن يوجه نداءً إلى الطبقة السياسية مفاده أن الشرعية تُستمد من الدستور لا من التوافقات، وأن الدولة لا تستقيم إلا بمرجعية قانونية واحدة".
وأشار الى أن "الدستور، الذي وُضع عام 2005 في ظروف استثنائية، كشف تطبيقه العملي عن ثغرات تستحق المراجعة أو التفسير، وهي إشارة ذكية إلى الحاجة لإصلاح دستوري متزن لا يمس جوهر النظام الديمقراطي، وفي أكثر رسائله وضوحاً"، مؤكدا أن "اختيار رئيس الوزراء المقبل سيكون قراراً وطنياً خالصاً بعيداً عن أي تأثير خارجي".
وتابع ان "هذا المبدأ يحظى بإجماع داخلي، وإن كلامه في هذا الجانب بدا بمثابة تجديد للتأكيد على استقلال القرار العراقي، ليس فقط في السياسة، بل في العدالة أيضاً، كما شدد على أن القضاء العراقي لا يخضع لأي سلطة سوى القانون، وأن لا أحد فوقه، ولا حصانة لأي شخص أمام أحكامه، ليضع بذلك القضاء في موقع الضامن الحقيقي للدولة وهيبتها".
واختتمت الرؤية "في المحصلة، تبدو رسائل القاضي فائق زيدان مزيجاً من الهدوء والحزم، بين تأكيد استقلال القضاء، والدفاع عن نزاهة الانتخابات، والدعوة إلى احترام الدستور بوصفه حجر الزاوية في النظام الديمقراطي، ويجمع عليها بوصفها رسائل تبعث على الثقة بأن العراق مقبل على استحقاق انتخابي تحكمه القواعد القانونية لا الحسابات السياسية، وأن الدولة التي يحمي دستورها قضاء مستقل، قادرة على تجاوز كل التحديات مهما كانت معقدة".