دراسات وأبحاث

ضغوط تجارية أمريكية تهز أوروبا.. تراجع في الصادرات بسبب الرسوم الجمركية

الجمعة 17 أكتوبر 2025 - 10:24 م
عمرو أحمد
ضغوط تجارية أمريكية
ضغوط تجارية أمريكية تهز أوروبا

في تطور يعكس تصاعد التوتر التجاري بين الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي، شهدت الصادرات الأوروبية إلى السوق الأمريكية تراجعًا حادًا خلال شهر أغسطس الماضي، وذلك في أعقاب قرار الرئيس الأمريكي فرض رسوم جمركية جديدة على السلع والواردات الأجنبية، ما أحدث هزة واضحة في العلاقات الاقتصادية عبر ضفتي الأطلسي.

الصادرات الأوروبية إلى السوق الأمريكية تشهد تراجعًا حادًا 

وبحسب البيانات الصادرة عن مكتب الإحصاء الأوروبي "يوروستات"، انخفضت صادرات الاتحاد الأوروبي إلى الولايات المتحدة بنسبة 26% على أساس شهري لتسجل 32.9 مليار يورو، فيما تراجعت بنسبة 22% مقارنة بالشهر نفسه من العام الماضي.

ويأتي هذا الانخفاض بعد اتفاق تم التوصل إليه في أواخر يوليو الماضي بين الجانبين، نص على فرض تعريفات جمركية بنسبة 15% على أغلب الواردات المتبادلة، في خطوة قيل إنها تهدف إلى إعادة التوازن التجاري، لكنها تسببت فعليًا في إرباك حركة الصادرات الأوروبية.

وأشارت البيانات إلى أن إجمالي صادرات الاتحاد الأوروبي تراجع بنسبة 1.2% خلال أغسطس مقابل انخفاض في الواردات بنسبة 2.1%، ما يعكس تباطؤًا عامًا في النشاط التجاري عبر الحدود. 

وتعد الولايات المتحدة أحد أهم الشركاء التجاريين لأوروبا، إذ بلغت قيمة الصادرات إليها 503.8 مليار دولار في عام 2023، أي ما يعادل نحو 19.7% من إجمالي الصادرات الأوروبية، ما يجعل أي اضطراب في العلاقة التجارية بين الجانبين ذا تأثير واسع على الميزان الاقتصادي الأوروبي.

ومن عمّان، قالت الدكتورة مها الشيخ، أستاذة سلاسل التوريد والدعم اللوجيستي، إن الأزمة الحالية تمثل "إعادة تشكيل لخريطة سلاسل التوريد العالمية"، موضحة أن الرسوم الجمركية الجديدة لم تؤثر فقط على التبادل التجاري بين أمريكا وأوروبا، بل دفعت الشركات إلى البحث عن أسواق بديلة وتعزيز الإنتاج المحلي.

وأضافت أن ما يحدث الآن هو انكماش اقتصادي واضح ينعكس على تباطؤ النمو وفقدان القدرة التنافسية الأوروبية، مشيرة إلى أن التعقيدات في سلاسل التوريد أدت إلى ارتفاع التكاليف وصعوبة تدفق البضائع، وهو ما جعل الشركات الأوروبية تواجه تحديات في تلبية الطلب الأمريكي بسبب ارتفاع الأسعار.

وتابعت الشيخ: "الاقتصاد الأوروبي يعاني اليوم من تباطؤ في التصنيع وارتفاع في التضخم، مع اتجاه البنك المركزي الأوروبي إلى تثبيت أو رفع أسعار الفائدة لمواجهة الغلاء، ما يضيف أعباء جديدة على الشركات المنتجة".

وأشارت إلى أن تداعيات الأزمة لا تقتصر على أوروبا فقط، بل تمس الاقتصاد العالمي وسلاسل التوريد الدولية، مؤكدة أن حل الخلافات التجارية بين واشنطن وبروكسل "سيحتاج إلى سنوات طويلة"، وأن الأسواق الأوروبية ستضطر إلى إعادة تقييم سياساتها الاقتصادية والتجارية للحفاظ على تنافسيتها.

واختتمت الشيخ حديثها بالقول: "تراجع الصادرات الأوروبية إلى الولايات المتحدة بنسبة 26% شهريًا مؤشر خطير على تحول جذري في موازين التجارة العالمية، يستدعي تحركًا سريعًا لإعادة الثقة والاستقرار إلى سلاسل التوريد والاقتصاد الدولي".