دراسات وأبحاث

الذكاء الاصطناعي من المحادثات إلى توجيه الإعلانات.. المستخدم بين الدهشة والقلق

الجمعة 03 أكتوبر 2025 - 12:55 م
عمرو أحمد
الذكاء الاصطناعي
الذكاء الاصطناعي من المحادثات إلى توجيه الإعلانات

لم يعد الذكاء الاصطناعي مجرد أداة تقنية للبحث أو إجراء محادثات سريعة، بل تحوّل خلال السنوات الأخيرة إلى لاعب رئيسي في صياغة تجربتنا الرقمية اليومية. 

كيف يحول الذكاء الاصطناعي اهتماماتنا إلى خوارزميات تسويقية؟

ومع التطورات المتسارعة في أدوات مثل المساعد الرقمي لشركة "ميتا"، باتت أبسط الأسئلة التي نطرحها حول عطلة أو هواية ما تتحول إلى إشارات دقيقة تقود الخوارزميات لاختيار محتوى وإعلانات موجّهة على منصات مثل فيسبوك وإنستغرام. 

هذا التداخل المتنامي يثير جدلًا واسعًا حول مستقبل الخصوصية الرقمية، وما إذا كانت الحدود بين ما نبوح به طوعًا للمساعدات الذكية وما يظهر لاحقًا أمامنا من محتوى تجاري، قد أصبحت شبه منعدمة.

تزايد حضور الذكاء الاصطناعي في الحياة اليومية

بات الذكاء الاصطناعي يتداخل بشكل متسارع مع تفاصيل حياتنا اليومية، ولم يعد مقتصرًا على كونه مجرد تقنية للمحادثة أو الإجابة عن الأسئلة، فمع مرور الوقت، تتحول هذه التفاعلات إلى إشارات رقمية يتم تحليلها بدقة متناهية.

من الحوار إلى خوارزميات "ميتا"

تشير التقارير إلى أن شركة "ميتا" المالكة لفيسبوك وإنستغرام بدأت في توظيف محادثات المستخدمين مع مساعدها الرقمي "Meta AI" لتحويل الاهتمامات الشخصية إلى محتوى وإعلانات موجهة.

 أي أن السؤال البسيط حول عطلة أو نشاط ترفيهي قد يصبح مدخلًا لخوارزميات الإعلانات لتقديم عروض سفر أو مقاطع فيديو مرتبطة بالموضوع.

من الملاحظة إلى الاستهداف المباشر

يلاحظ كثير من المستخدمين أن ما يسألون عنه سرعان ما يظهر أمامهم في شكل إعلان أو فيديو قصير، وهو ما كان يثير الاستغراب في السابق. لكن التفسير التقني يؤكد أن الكلمات المفتاحية التي يتلفظ بها المستخدم تتحول إلى خيط مباشر يقود الخوارزميات لاختيار ما يُعرض لاحقًا.

جدل الخصوصية وتوسع النفوذ الرقمي

هذه التطورات تطرح أسئلة متزايدة حول حدود الخصوصية الرقمية، ومدى شفافية الشركات في الإفصاح عن كيفية استخدام بيانات المحادثات في صياغة تجارب المستخدم. ويبدو أن الجدل سيظل قائمًا بين من يعتبر الأمر تحسينًا لتجربة الاستخدام، ومن يراه اختراقًا مباشرًا لحرية الاختيار.

يشير خبراء التكنولوجيا إلى أن هذه العملية أشبه بخيط خفي؛ إذ تبدأ من كلمة واحدة يتفوه بها المستخدم ثم تتحول إلى سلسلة من الترشيحات. 

هذه الترشيحات قد تظهر على شكل إعلانات سفر، أو فيديوهات قصيرة على "ريلز"، أو حتى مقالات مقترحة ترتبط بنفس الاهتمام.

دور "ميتا" في تحويل الاهتمامات إلى محتوى

المساعد الرقمي "Meta AI" لا يكتفي بالإجابة، بل يعمل على ترجمة الاهتمامات الشخصية إلى محتوى موجّه

فمثلاً، الحديث عن "اللياقة البدنية" قد يفتح الباب أمام المستخدم لمشاهدة مقاطع تدريبية أو عروض لمنتجات رياضية في وقت لاحق، وهو ما يجعل الحوار مع الذكاء الاصطناعي جزءًا من استراتيجية تسويق متكاملة.

دهشة المستخدمين وتفسير الخبراء

الكثير من المستخدمين يعبرون عن استغرابهم حينما يسألون عن أمر معين ثم يجدونه يظهر بشكل مباشر في الإعلانات أو الفيديوهات المقترحة. 

غير أن التفسير التقني يوضح أن الأمر ليس صدفة، بل نتيجة عمل منظم لخوارزميات تستند إلى كلمات مفتاحية تم تحليلها مسبقًا وربطها بقواعد بيانات ضخمة.

الخصوصية في قلب النقاش

هذا الواقع يفتح نقاشًا أوسع حول أبعاد الخصوصية الرقمية، فبينما ترى بعض الشركات أن تخصيص المحتوى يعزز من تجربة المستخدم، يحذر خبراء الخصوصية من خطورة استغلال المحادثات الخاصة في أغراض تجارية. 

ويؤكدون أن غياب الشفافية الكاملة حول كيفية جمع وتحليل البيانات يزيد من المخاوف لدى الرأي العام.