في تحول لافت داخل أروقة السلطة البريطانية، تتصاعد الضغوط على رئيس الوزراء كير ستارمر من داخل حكومته ذاتها، حيث انضم ثلث الوزراء - بينهم شخصيات بارزة كنائبة رئيس الوزراء ووزير الصحة- إلى حملة تطالب بـ"الاعتراف الفوري" بدولة فلسطين.
وبينما تُعقد اجتماعات طارئة لمجلس الوزراء وسط العطلة البرلمانية، يرتفع الصوت البرلماني والشعبي في وجه التردد السياسي، تزامنًا مع إعلان مرتقب للرئيس الفرنسي ماكرون في الأمم المتحدة.
بريطانيا، التي ساهمت تاريخيًا في رسم ملامح الصراع، تجد نفسها الآن أمام لحظة حاسمة: الاعتراف بدولة فلسطينية ليس مجرد قرار دبلوماسي.. بل اختبارٌ أخلاقي وتاريخي.
حيث انضم وزير الطاقة البريطاني، إد ميليباند إلى ثلث وزراء الحكومة الذين يضغطون على رئيس الوزراء البريطاني، كير ستارمر من أجل "الاعتراف الفوري" بدولة فلسطين.
وقالت صحيفة "تليجراف" البريطانية إن الوزير انضم كذلك إلى عدد من أعضاء البرلمان الذين يضغطون على السير كير ستارمر لاتخاذ هذه الخطوة في أسرع وقت ممكن.
ويعقد رئيس الوزراء اليوم اجتماعًا عاجلاً لمجلس الوزراء بشأن غزة، وسيكشف في وقت لاحق من هذا الأسبوع عن خطته لـ الاعتراف رسميًا بالدولة الفلسطينية.
وأوضحت الصحيفة أن خطوة السير كير بالاعتراف رسميًا بالدولة الفلسطينية تأتي بعد أن أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أنه سيفعل ذلك في سبتمبر.
وخلف الكواليس، يضغط وزراء الحكومة، بمن فيهم أنجيلا راينر، نائبة رئيس الوزراء؛ ويس ستريتنج، وزير الصحة؛ وليزا ناندي، وزيرة الثقافة، على السير كير لاتخاذ هذه الخطوة.
ويدعم ميليباند هذه الخطوة أيضًا، وقد صوّت لصالحقيام دولة فلسطينية عندما كان زعيمًا لحزب العمال عام 2014.
وفقًا لصحيفة التايمز، يُطالب ثلث أعضاء حكومة السير كير باتخاذ المملكة المتحدة إجراءات سريعة للاعتراف بفلسطين كدولة.
ويأتي هذا الضغط من مجلس الوزراء قبل أن يكشف رئيس الوزراء عن خطته الأكثر تفصيلًا حتى الآن للاعتراف رسميًا بفلسطين كدولة في وقت لاحق من هذا الأسبوع.
لكن من المتوقع أن يظل الاعتراف بالدولة مشروطًا بتحقيق وقف إطلاق النار، وربما إطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين المتبقين لدى حماس، على حد قول الصحيفة.
وسيجتمع الوزراء في اجتماع طارئ نادر لمجلس الوزراء بعد ظهر الثلاثاء، في منتصف العطلة البرلمانية الصيفية، لمناقشة الوضع في غزة.
وصوّت ميليباند لصالح الاعتراف بفلسطين كدولة إلى جانب إسرائيل في تصويت في مجلس العموم عام 2014، عندما كان زعيمًا لحزب العمال، وكذلك فعلت ناندي.
كما صوّتت هيلاري بن، وزيرة شؤون أيرلندا الشمالية، لصالح هذا الاقتراح قبل أكثر من عقد.
ووقّع 135 نائبًا من حزب العمال يوم الجمعة، رسالةً تدعو إلى "الاعتراف الفوري" بالدولة الفلسطينية، في حين يواصل رؤساء بلديات حزب العمال والقيادة الاسكتلندية للحزب ضغوطهم.
وأصبح ماكرون أول زعيم لدولة من مجموعة الدول السبع الكبرى يعلن عن نيته اتخاذ هذه الخطوة الأسبوع الماضي.
ومن المتوقع أن يعلن ذلك رسميًا في الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر.
وفي حديثه للصحفيين يوم الاثنين أثناء زيارته لدونالد ترامب في اسكتلندا، قال السير كير إن صور المجاعة القادمة من غزة أثارت "شعورًا بالاشمئزاز لدى الرأي العام البريطاني".
وقد دعا أكثر من 220 نائبًا في البرلمان البريطاني، من بينهم عشرات ينتمون إلى حزب العمال الحاكم، الحكومة إلى الاعتراف الرسمي بدولة فلسطين، في خطوة تضيف مزيدًا من الضغط على رئيس الوزراء كير ستارمر.
وجاءت هذه الدعوة في رسالة مشتركة وقعها نواب من تسعة أحزاب سياسية، وذلك بعد أقل من 24 ساعة من إعلان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عن نية بلاده الاعتراف بدولة فلسطين رسميًا خلال الجمعية العامة للأمم المتحدة المقررة في سبتمبر المقبل.
وفي حال تنفيذ هذا الإعلان، ستكون فرنسا أول دولة من مجموعة السبع، وأبرز قوة أوروبية حتى الآن، تتخذ هذه الخطوة، ما أثار اعتراضات من جانب إسرائيل والولايات المتحدة.
ويواجه ستارمر ضغوطًا متزايدة، محليًا ودوليًا، بشأن الاعتراف بدولة فلسطين، وسط تصاعد الغضب تجاه استمرار الحرب في قطاع غزة والمخاوف من حدوث مجاعة جماعية في ظل الحصار المفروض على القطاع.
وجاء في نص الرسالة التي وقعها 221 نائبًا: "نحضكم على الاعتراف رسميًا بدولة فلسطين خلال المؤتمر المقبل"، في إشارة إلى مؤتمر الأمم المتحدة الذي سيُعقد يومي 28 و29 يوليو في نيويورك برئاسة مشتركة من فرنسا والسعودية.
وأضاف النواب: "ندرك أن بريطانيا لا تملك وحدها القدرة على تحقيق دولة فلسطينية حرة ومستقلة، لكن اعترافها الرسمي سيشكل خطوة رمزية مؤثرة".
وأشار الموقعون، من بينهم نواب من حزب المحافظين والديمقراطيين الليبراليين وأحزاب إقليمية من اسكتلندا وويلز، إلى "الروابط التاريخية التي تربط بريطانيا بالقضية الفلسطينية، وعضويتها الدائمة في مجلس الأمن الدولي"، بالإضافة إلى دور بريطانيا في نشأة إسرائيل من خلال "وعد بلفور" عام 1917.
واختتمت الرسالة بالتأكيد على أن الاعتراف بدولة فلسطين "يعكس دعمنا الدائم لحل الدولتين، ويُعد تجسيدًا لمسؤوليتنا التاريخية تجاه الشعب الفلسطيني".