دراسات وأبحاث

السودان على مفترق خطير.. حكومة موازية بقيادة حميدتي تكرّس الانقسام وتُنذر بالتقسيم

الأحد 27 يوليو 2025 - 07:02 م
عمرو أحمد
الحكومة الموازية
الحكومة الموازية في السودان

في تطور وصفه مراقبون بالأخطر منذ اندلاع الحرب في السودان في أبريل 2023، أعلن ائتلاف مدني–عسكري بقيادة قوات الدعم السريع تشكيل حكومة موازية يرأس مجلسها الرئاسي قائد الميليشيا محمد حمدان دقلو "حميدتي"، مما يمثل تحولًا نوعيًا من الصراع المسلح إلى انقسام سياسي مؤسسي يُنذر بتقسيم فعلي للبلاد.

ولادة كيان سياسي جديد من رحم الحرب في السودان:

الخطوة التي وصفت بأنها "ولادة كيان سياسي جديد من رحم الحرب"، جاءت مدفوعة بترتيبات سياسية وتحركات ميدانية شملت تأسيس هياكل إدارية محلية، خاصة في إقليم دارفور ومناطق من كردفان، حيث تفرض قوات الدعم السريع سيطرتها منذ أشهر. 

ويمثل إعلان الحكومة الجديدة، وفقًا لمراقبين، رسالة مباشرة للمجتمع الدولي تطلب الاعتراف بها كسلطة سياسية بديلة، في تحدٍ واضح لحكومة مجلس السيادة بقيادة الفريق عبد الفتاح البرهان.

انقسام مزدوج: سياسي وجغرافي

مع هذا الإعلان، يتحول السودان فعليًا إلى مشهد دولتين متوازيين: الأولى في الخرطوم وبقايا المركز السياسي التقليدي تحت نفوذ المؤسسة العسكرية، والثانية تتمدد في الغرب والجنوب وبعض المناطق الحدودية تحت سيطرة قوات الدعم السريع وحلفائها. 

ويصف محللون الوضع الحالي بأنه "انفصال غير معلن"، مدعوم بالوقائع: حكومتان، جيشان، عاصمتان، وتعامل دولي حذر مع الطرفين.

حميدتي: من الجنجويد إلى رأس كيان سياسي

يشكل صعود حميدتي إلى رئاسة المجلس الرئاسي للحكومة الموازية محطة مفصلية في تاريخه، إذ ينتقل من كونه زعيمًا ميليشيويًا متهمًا بارتكاب انتهاكات جسيمة، إلى موقع سياسي يطرح نفسه كبديل للسلطة القائمة. 

وقد اتسم خطابه الأخير بمرونة نسبية وتحالف مع قوى مدنية معارضة سابقة، ما يكشف عن محاولة لإضفاء شرعية سياسية على تحركاته العسكرية.

مستقبل قاتم أم فرصة للمراجعة؟

في المقابل، يُنذر هذا التحول بتداعيات كارثية على السودان، وسط انهيار متواصل في الخدمات الأساسية ونزوح ملايين السكان، وتزايد الأصوات المطالبة بضرورة تدخل دولي وإقليمي عاجل لمنع مزيد من التشظي.

ويشير مراقبون إلى أن إعلان الحكومة الموازية يُعيد إلى الأذهان تجربة انفصال جنوب السودان في 2011، لكن بفارق جوهري، يتمثل في غياب أي إطار قانوني أو استفتائي، مقابل فرض واقع جديد بالسلاح والهيمنة الميدانية.

دعوة لإنقاذ السودان من التفكك

ويخلص التقرير إلى أن إعلان حكومة حميدتي لا يمكن فصله عن مسار الحرب والانهيار، لكنه يمثل أيضًا منعطفًا قد يؤدي إلى تقسيم دائم، ما لم تُبذل جهود وطنية ودولية جادة لإعادة تعريف الدولة، واستعادة الشرعية من خلال مشروع وطني جامع يستند إلى إرادة الشعب، لا إلى شرعية السلاح.

الحكومة السودانية ترفض “حكومة حميدتي الموازية” وتتهم الإمارات برعاية الانقسام

رفضت الحكومة السودانية بشدة إعلان "الدعم السريع" عن تشكيل حكومة موازية، ووصفت الخطوة بأنها محاولة لإضفاء شرعية وهمية على ميليشيا متمردة، مدعومة خارجيًا بهدف اختطاف الدولة السودانية.

وقال الباحث السياسي السوداني، إن هذه الخطوة تأتي باستخدام نفس الأدوات القديمة، موضحًا أن "الميليشيا المتمردة"، إلى جانب قوى سياسية مثل "قحت" التي تحوّلت لاحقًا إلى "تقدُّم" ثم إلى "تأسيس وصمود"، تحاول من جديد تنفيذ أجندة غير وطنية بتمويل خارجي، مشيرًا إلى أن الإمارات لعبت دورًا محوريًا في دعم هذه الميليشيات بالسلاح والعتاد، ما جعل هذه الخطوة ممكنة.

وأكد أن التوقيت لم يكن عفويًا، بل يأتي قبل انعقاد اجتماعات رباعية في واشنطن نهاية الشهر الجاري، تشمل الولايات المتحدة ومصر والسعودية والإمارات، معتبرًا أن "الهدف هو التشويش على هذه الاجتماعات، وخلق انطباع بوجود كيان موازٍ".

أما عن رد الحكومة السودانية الرسمي، فقال إن بيان وزارة الخارجية عبّر بوضوح عن موقف الدولة، وأكد أن هذه الخطوة مرفوضة شكلاً وموضوعًا، ولا يمكن لأي دولة محترمة أن تعترف بها. وشدد على أن "القوات المسلحة السودانية تمضي بثبات وفق استراتيجية ناجحة لتحرير البلاد من الميليشيا"، مشيرًا إلى أنها استعادت السيطرة على الخرطوم والجزيرة والنيل الأزرق ومناطق أخرى.