رئيس مجلس الإدارة
د. رائد العزاوي

مصطفى النعيمي يكتب : عسكرة بحر الصين الجنوبي والمواجهة مع الولايات المتحدة

نشر
الأمصار

أرسلت جمهورية الصين سربا من طائراتها إلى تايوان، في خطوة متقدمة تأتي استكمالًا لعزم تايبيه الانضمام إلى اتفاقية المحيط الهادئ والتي تضم إحدى عشرة دولة.

ويضم “حلف المحيط الهادئ” 12 بلدًا مطلًا على المحيط الهادئ، تمثل 40 بالمئة من الاقتصاد العالمي، ويضم كل من الولايات المتحدة وأستراليا وكندا واليابان وماليزيا والمكسيك ونيوزيلندا والبيرو وسنغافورة وفيتنام وتشيلي وبروناي.

تشير المعلومات الأولية إلى أن الصين تقدمت بطلب رسمي للانضمام إلى الحلف المشكل لمواجهة التحديات المحتملة.

بالمقابل أعلنت وزارة الدفاع التايوانية في بيان لها، أنها قد نفذت دوريات جوية في محيط مياهها الإقليمية، وتأتي التحركات التايوانية ردًا على استفزازات متعمدة تمثلت في تحليق طائرات صينية بالقرب من مياهها الإقليمية إضافة إلى تعقب بعض أنظمتها للدفاع الجوي الصينية.

إضافة إلى أن الوزارة قد رصدت تحليق سرب من الطائرات الصينية تضمن 12 طائرة من طراز “جيه 16” وطائرتان “جيه 11” إضافة إلى قاذفات إستراتيجية مدعمة بطائرات مضادة للغواصات.

بالمقابل أعلنت تايوان عبر وسائل إعلامها الرسمي، أنها تقدمت بطلب رسمي للانضمام إلى “اتفاقية الشراكة الشاملة والتقدمية عبر المحيط الهادئ”، وهذا المتغير من المحتمل أن يؤدي إلى إحداث أزمة مضافة مع الصين، لكن تبعاتها ستكون بعيدة المدى إذا ما أخذنا بعين الاعتبار الدعم اللوجستي المقدم من قبل الولايات المتحدة لتايوان، إضافة إلى توافد القطع البحرية المشكلة حديثا لمراقبة تحركات الصين.

وفي ظل تلك الظروف والتصعيد العسكري بين طرفي الصراع (التايواني والصيني) تتنامى الأزمة بين البلدين على خلفية إرسال الولايات المتحدة سفنًا حربية إلى المنطقة، وعللت الولايات المتحدة ذلك المتغير إلى أن تلك التحركات تندرج ضمن “حرية الملاحة” وذلك من أجل الوصول إلى طرق الملاحة البحرية والجوية الآمنة.

ولتوظيف الأزمة تجاه المصالح الصينية، اتهمت بكين الولايات المتحدة بعسكرة بحر الصين الجنوبي، وجيشت الفلبين ضد تلك التحركات واصفة إياها بسوء تقدير الموقف، وحذرت الفلبين من مواجهة مفتوحة بالقرب من أراضيها فيما لو ازداد معدل التحرش الأمريكي بالسفن الصينية.

وهنا لابد تسليط الضوء على اتفاقية الشراكة الشاملة والتقدمية عام 2019، لإزالة الحواجز التجارية بين 11 دولة، تمثل نحو 500 مليون مستهلك في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، في محاولة لمواجهة النفوذ الاقتصادي المتزايد للصين. والتي انسحبت منها الولايات المتحدة في ظل إدارة ترامب، لكن المؤشرات اليوم تدلل على عودة قيادية لواشنطن لقيادة الحلف وذلك من خلال توظيف تلك الأزمة لصالحها، والخروج منها بأقل الخسائر، دون الحاجة إلى الحرب المفتوحة مع الصين رغم الدعم المتواصل للحلف في مواجهة مخاطر النمو الصيني، ومحاولته دخول العالم الجديد كقطب فاعل ومسيطر على العالم عبر البوابة الاقتصادية التي تتربع على عرشها في الوقت الراهن.

ويعود هذا الصراع إلى ما قبل الحرب الأهلية في عام 1947، لكن موقف الإدارة الصينية الرسمية ما زال يعتبر أن تايوان هي جزءًا من أراضيها، وتعارض بكين مشاركة تايوان في الهيئات الدولية وفقا لخطاب نظام الحكم القائم، وتنطلق المعارضة من مفهوم أحقية عود جزيرة تايوان إلى السيطرة الصينية باعتبارها جزءًا من مشروعها التوسعي لما قبل الحرب الأهلية.

ويتنامى الصراع الأمريكي الصيني في ظل ترتيب أولويات الولايات المتحدة العسكرية منها، وجاء ذلك عبر إعلان الولايات المتحدة الانسحاب المفاجئ من أفغانستان بعد 20 عامًا دون تحقيق الأهداف المعلنة وترك أفغانستان ساحة حرب مفتوحة تتصارع على سلطتها الحكومة التي شكلتها الولايات المتحدة وحركة طالبان، إضافة إلى إعلانها الانسحاب الجزئي من العراق وأقتصار توجدها في إطار تقديم الدعم اللوجستي للقوات العراقية، والتردد المربك الذي يسود الساحة السورية من تصريحات متضاربة من انسحاب قواتها من عدمه، وارتداد تلك التصريحات على الداخل السوري وما خلفته من صراعات على تجهيز البديل الذي سيملئ الفراغ الذي ستخلفه قواتها حال انسحابها.