رئيس مجلس الإدارة
د. رائد العزاوي

“قمة بغداد للتعاون والشراكة” بقيادة الكاظمي.. طاولة حوار تجمع الخصوم والحلفاء على أرض عراقية

نشر
الأمصار

غدت بغداد بقيادة رئيس الوزراء العراقي، مصطفى الكاظمي، مركز اهتمام دولي وإقليمي يجتمع فيه الرفقاء والخصماء معا، لبناء تكامل إقليمي وصياغة مسارات مشتركة بوساطة عراقية، تزينه “قمة بغداد”.

وتعد قمة بغداد للتعاون والشراكة، لقاء تاريخي لجميع دول الجوار العراقي، يضم إقليميين ودوليين مهمين مثل فرنسا ومصر وقطر والإمارات والسعودية وايران، ويشير إلى مكانة بغداد المعززة، بقيادة مصطفى الكاظمي.

أبرز الحضور

نصف الحضور في قمة بغداد سيشاركون بأعلى مستوى، ومن بينهم ملك الأردن الملك عبد الله، والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، والرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، وتميم بن حمد أمير قطر.

وستشارك الكويت مع رئيس وزرائها صباح الخالد الصباح، نظرًا للحالة الصحية للأمير الذي أبدى استعداده للحضور سابقًا، وحاكم دبي الشيخ محمد بن راشد سيمثل الإمارات العربية المتحدة.

سترسل إيران وزير خارجيتها الجديد، حسين أمير عبداللهيان، لم يتم تأكيد مشاركة تركيا والسعودية بعد لكن من المتوقع أن يحضر رئيسا وزرائهما أو وزراء خارجيتهما على الأقل.

يُعد جلب القوى الإقليمية ذات الثقل إلى طاولة مشتركة، بحد ذاته إنجاز وفخر للعراق، ونجاحًا كبيرًا لقمة بغداد بقيادة الكاظمي، إذ يعتمد عادة نجاح المؤتمرات بحضور نصف أعضائها في أعلى المستويات.

كان للكاظمي الكثير من المبادرات للمصالحة بين الدول المتصارعة في المنطقة.

ويأتي المؤتمر استمرارًا لجهود الحكومة لتخفيف حدة التوتر في المنطقة ودعم الاستقرار في العراق.

أهداف قمة بغداد

تحدث السيد حسن ناظم، المتحدث الرسمي باسم الحكومة ووزير الثقافة، عن أجندة طموحة وواسعة النطاق. ويهدف المؤتمر، حسب قوله، إلى تحقيق أمرين:

الأول سياسي من خلال المساعدة على “تهدئة التوترات بين الدول الأخرى في المنطقة” مما “يساعد العراق على استعادة استقراره”.

والآخر اقتصادي، يعزز الشراكات الاقتصادية بين المشاركين في المؤتمر في مجموعة من المجالات بما في ذلك النفط والكهرباء والزراعة والثقافة والتعليم ومشاريع بناء المدارس.

على الصعيد السياسي، يبدو أن هناك إجماعًا بين المشاركين حول دعم الاستقرار في العراق.

ويرى العالم العربي، أنه يمكن للعراق المضطرب بشكل خطير أن يصبح محركًا لعدم الاستقرار في جميع أنحاء المنطقة، مع انتشار جميع أنواع الأنشطة الإرهابية والإجرامية عبر الحدود.

ويتمثل التحدي الأكبر للعراق في صناعة واقع جديد للتعاون والشراكة والتكامل الإقليمي في المنطقة.

وإن كان طرف واحد يمكنه أن يقوم بذلك في المنطقة، فهو العراق، بسبب موقعه الجيوسياسي الاستراتيجي المهم وتوسطه بين مختلف القوى المتخاصمة والمتنافسة.

كانت هناك تحالفات وتجاذبات كثيرة في تاريخ المنطقة، ولكن يعد هذا فريد من نوعه، إذ هو تحرك من داخل المنطقة مدعوم من قبل الدول الموجودة فيه، دون تدخل خارجي، وفي نفس الوقت مرحب به من قبل المجتمع الدولي.

فرنسا والعراق
بجانب الفوائد السياسية الكبرى للمؤتمر، هناك قابليات واعدة لتعاون اقتصادي واسع بين دول المنطقة بمركزية العراق.

فرنسا قد حصلت على عقد استراتيجي في مجال الطاقة بحضور شركة النفط العملاقة، توتال، كما هي تعمل على تجديد مطار الموصل الدولي التي حصلت عليها شركة (Aeroports de Paris Ingenierie).

ويتطلع العراق إلى المزيد من التعاون الاقتصادي مع فرنسا، ولا سيما في مجال الطاقة، على أمل ملء الفراغ الذي خلفه رحيل بعض الشركات العالمية العملاقة اثر الاضطرابات السياسية والشعبية إبّان الحكومة السابقة.

مصر والأردن

تتطلعت مصر والأردن إلى اتفاقيات التجارة والبنية التحتية. إن شراء الكهرباء من الأردن سيجعل الإيرادات متاحة للمملكة الهاشمية التي تعاني من ضائقة مالية، وينوع مصادر استيراد الطاقة للعراق.

كما يعمل العراق على تصدير النفط عبر ميناء العقبة الأردني وربما عبر الموانئ المصرية المجاورة، في محاولة طموحة لتنويع منافذ التصدير في البلاد وجعلها أقل رهينة بالاضطرابات الأمنية والسياسية التي قد تهدد سلامة الطرق البحرية عبر الخليج العربي. وهناك حاجة ماسة لمشاريع البنية التحتية المخطط لها مع هذين البلدين والتي تشمل بناء الطرق والجسور والمدارس في العراق.

سيشهد المؤتمر على الأرجح توقيع اتفاقيات الشراكة الاقتصادية التي كانت قيد الإعداد منذ أشهر، وعلى رأسها العقد مع شركة توتال الفرنسية.

كما أن المملكة العربية السعودية والإمارات المتحدة العربية ودولة قطر يتطلعان إلى استثمارات واسعة في العراق في مجالات الزراعة، والطاقة، والمصارف وغير ذلك.

وإيران تبحث عن منفذ ترانزيت إلى غرب آسيا وأوروبا عبر العراق، ما سيدعمه مشروع ربط السكك الحديدية بين البصرة وشلمجة، الذي تم توقيعه قبل أشهر.

الكاظمي وقمة بغداد

يعكس هذا المؤتمر تفكير وشخصية السيد الكاظمي، لأن استخدام التعاون الاقتصادي لحل أو تقليل الآثار السلبية للصراعات السياسية مبدأ منطقي.

كما أن استخدام الكاظمي شخصية الوسيط، أوجد أرضية مشتركة تلتقي فيها الأطراف المختلفة وتناقش الحلول المحتملة.

الأنظار ستكون شاخصةً غدًا إلى الجلسة المغلقة، وما سينتج عنها من أحاديث ولقاءاتٍ ثنائية قد تكون على هامش القمة.

إن هذه الحدث الدبلوماسي – وفي هذا التوقيت العراقي على المستوى المحلّي – قبل إجراء الانتخابات التشريعيّة، ليس إلا دليلا أيضا على تمسّك الرئيس الكاظمي بإجراء الانتخابات في موعدها المقرّر، والعمل على تهيئة الظروف محليّا وإقليميّا ودوليّاً لإنجاحها.

في بلد مثل العراق له تاريخ طويل ومليء بالسياسة الانفعالية ودوامات العودة إلى الصفر، فهل سيكتب العراق غدًا تاريخ جديد للمنطقة بأكملها ؟