اعتراف مرفوض وخريطة مهددة.. الجامعة العربية تواجه التحرك الإسرائيلي في الصومال
في خطوة فجّرت موجة واسعة من الرفض الإقليمي، وأعادت إلى الواجهة مخاوف متصاعدة بشأن العبث بوحدة الدول وحدودها، تحركت جامعة الدول العربية سريعًا لتوجيه رسالة حازمة إلى المجتمع الدولي.
فبينما تتشابك أزمات القرن الأفريقي مع توترات البحر الأحمر والقضية الفلسطينية، جاء الاعتراف الإسرائيلي بانفصال «أرض الصومال» ليشعل مواجهة سياسية ودبلوماسية مفتوحة، رأت فيها العواصم العربية تهديدًا مباشرًا للسيادة الصومالية، وانتهاكًا صارخًا للقانون الدولي، ومحاولة خطيرة لإعادة رسم خرائط النفوذ في واحدة من أكثر المناطق حساسية في العالم.
وأدان مجلس جامعة الدول العربية على مستوى المندوبين الدائمين، بأشد العبارات، اعتراف إسرائيل بانفصال إقليم الشمال الغربي من جمهورية الصومال الفيدرالية، المعروف باسم «إقليم أرض الصومال»، مؤكداً تضامن الدول العربية الكامل مع الصومال في مواجهة ما اعتبره اعتداءً صريحاً على سيادته ووحدة أراضيه، وتهديداً مباشراً للأمن القومي العربي والاستقرار الإقليمي.
جاء ذلك خلال دورة غير عادية عقدها المجلس يوم الأحد، برئاسة السفير حمد عبيد الزعابي، المندوب الدائم لدولة الإمارات العربية المتحدة لدى جامعة الدول العربية، وذلك بناءً على طلب رسمي تقدمت به جمهورية الصومال الفيدرالية.
وشارك في أعمال الدورة المندوبون الدائمون للدول العربية الأعضاء، إلى جانب السفير حسام زكي، الأمين العام المساعد للجامعة العربية، حيث استمع المجلس إلى مداخلة مفصلة ألقاها السفير علي عبدي أواري، المندوب الدائم للصومال.
ورفض المجلس بشكل قاطع الاعتراف الإسرائيلي الصادر في 26 ديسمبر 2025، معتبراً إياه باطلاً ولاغياً ولا يترتب عليه أي أثر قانوني، ومؤكداً أنه يندرج ضمن محاولات تحقيق أجندات سياسية وأمنية واقتصادية، تهدف إلى زعزعة الاستقرار في منطقة القرن الأفريقي وخليج عدن والبحر الأحمر.
كما حذر من أن هذه الخطوة قد تمثل محاولة لتسهيل مخططات تهجير الشعب الفلسطيني أو استغلال موانئ شمال الصومال لإقامة قواعد عسكرية أجنبية.
وأكد المجلس الموقف العربي الثابت الذي يعتبر إقليم الشمال الغربي جزءاً لا يتجزأ من جمهورية الصومال الفيدرالية، استناداً إلى ميثاق جامعة الدول العربية وميثاق الأمم المتحدة، مشدداً على رفض أي محاولات للاعتراف بانفصال الإقليم، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، واعتبر أن الاعتراف الإسرائيلي يشكل اعتداءً على القانون الدولي وتهديداً للأمن والسلم الدوليين، ما يستوجب اتخاذ إجراءات قانونية وسياسية ودبلوماسية واقتصادية للتصدي له.
كما جدد المجلس دعمه الكامل لأمن واستقرار ووحدة وسيادة الصومال وسلامة أراضيه براً وبحراً وجواً، مؤكداً حقه في الدفاع الشرعي عن أراضيه وفقاً للمادة (51) من ميثاق الأمم المتحدة، وأعلن تضامنه مع أي خطوات تتخذها الحكومة الصومالية في إطار الشرعية الدولية للحفاظ على سيادتها.
وفي سياق متصل، حذر المجلس من خطورة التحركات الإسرائيلية الرامية إلى إعادة تشكيل الخارطة الجيوسياسية في البحر الأحمر وخليج عدن، مطالباً المجتمع الدولي بتحمل مسؤولياته والتصدي لهذه الإجراءات التي تهدد حرية الملاحة والتجارة الدولية.
وفي ختام البيان، أعلنت جمهورية العراق تأييدها لمضامينه، مع تسجيل تحفظها على أي عبارات تشير صراحة أو ضمناً إلى الكيان الإسرائيلي، وذلك انسجاماً مع موقفها الداعم لحقوق الشعب الفلسطيني وحقه في العودة وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف، وبما يتماشى مع القوانين العراقية النافذة.