الصين تطلق صناديق حكومية لدعم شركات التكنولوجيا الناشئة
أعلنت الحكومة الصينية إطلاق صندوق وطني جديد لرأس المال الجريء، إلى جانب ثلاثة صناديق إقليمية ضخمة، في خطوة استراتيجية تهدف إلى تعزيز الابتكار المحلي ودعم الشركات التكنولوجية الناشئة، ضمن مساعي بكين لتقوية قدراتها التنافسية في مواجهة الولايات المتحدة، لا سيما في القطاعات التكنولوجية المتقدمة.
وبحسب ما أفادت به وكالة الأنباء الصينية الرسمية (شينخوا)، بدأ الصندوق الوطني الصيني لتوجيه الاستثمار في الشركات الناشئة عمله رسمياً، بالتزامن مع إطلاق ثلاثة صناديق إقليمية تغطي مناطق اقتصادية رئيسية، هي: منطقة بكين–تيانجين–خبي، ودلتا نهر يانغتسي، ومنطقة الخليج الكبرى، وهي من أبرز مراكز النمو الصناعي والتكنولوجي في الصين.
تمويل سيادي طويل الأجل
وقالت وزارة المالية الصينية إن الصندوق الوطني سيحصل على دعم مالي مباشر بقيمة 100 مليار يوان (نحو 14.3 مليار دولار)، يتم تمويلها من خلال إصدار سندات سيادية خاصة فائقة الأجل، في إشارة إلى تبني الحكومة الصينية سياسة استثمار طويلة المدى تركز على ما يُعرف بـ"رأس المال الصبور".
وأوضح قوه فانغ مينغ، المسؤول في وزارة المالية الصينية، خلال مؤتمر صحفي، أن هذا النوع من التمويل يهدف إلى توفير استقرار مالي للصندوق، بما يسمح له بدعم الشركات الناشئة دون التعرض لضغوط العائد السريع، التي غالباً ما تحد من نمو الابتكار في مراحله الأولى.

صناديق إقليمية لتعزيز الكفاءة الاستثمارية
من جانبه، كشف هيو فوبينغ، رئيس مجلس إدارة الصندوق الحكومي الصيني، أن الصناديق الإقليمية الثلاثة أُنشئت عبر مساهمات ملكية للصندوق الوطني في شراكات محدودة، مشيراً إلى أن حجم كل صندوق منها قد يتجاوز لاحقاً 50 مليار يوان، مع توسع قاعدة المستثمرين المحليين والقطاع الخاص.
وتسعى اللجنة الوطنية الصينية للتنمية والإصلاح من خلال هذه الخطوة إلى تحسين كفاءة توزيع الاستثمارات، وربط التمويل الحكومي بالمشروعات الأكثر توافقاً مع الأولويات الاستراتيجية للدولة.
منافسة تكنولوجية مع الولايات المتحدة
وتأتي هذه الخطوة في وقت تكثف فيه الصين جهودها لتحقيق اختراقات نوعية في مجالات مثل أشباه الموصلات والذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا الكمية، في ظل تصاعد التنافس التكنولوجي مع الولايات المتحدة، واستمرار القيود الغربية المفروضة على وصول الشركات الصينية إلى بعض التقنيات المتقدمة.
وقال باي جينغيو، المسؤول في اللجنة الوطنية الصينية للتنمية والإصلاح، إن القطاعات الناشئة والمستقبلية لا تزال تواجه تحديات تتعلق بمحدودية الاستثمارات ونقص مدخلات الابتكار، مؤكداً أن الصندوق الوطني يهدف إلى سد هذه الفجوات عبر تطوير منظومة استثمارية طويلة الأجل تلتزم بمبادئ السوق.
دعم الشركات الناشئة و"العمالقة الصغار"
وسيعمل الصندوق الوطني الصيني لمدة 20 عاماً، تتوزع بين عشر سنوات مخصصة للاستثمار، وعشر سنوات لعمليات التخارج، بما يعزز دعم النمو المستدام للشركات الصغيرة والمتوسطة.
وبحسب الخطة المعلنة، ستستحوذ الشركات الناشئة وتلك في المراحل المبكرة على ما لا يقل عن 70% من استثمارات الصندوق، مع استهداف الشركات التي لا يتجاوز تقييمها 500 مليون يوان، وفرض سقف استثماري قدره 50 مليون يوان لكل صفقة.
كما يركز الصندوق على دعم ما تُطلق عليه الحكومة الصينية اسم "العمالقة الصغار"، وهي الشركات الصغيرة ذات الإمكانات التكنولوجية العالية، إلى جانب شركات "يونيكورن" التي تمتلك فرصاً قوية للنمو العالمي.
قطاعات استراتيجية في الصدارة
وستُمنح الأولوية للاستثمار في قطاعات استراتيجية تشمل الدوائر المتكاملة، والتكنولوجيا الكمية، والطب الحيوي، وواجهات الدماغ والحاسوب، وصناعات الطيران والفضاء، في إطار رؤية صينية تهدف إلى ترسيخ مكانة البلاد كقوة تكنولوجية عالمية خلال العقود المقبلة.