مجلس التحرير: مجموعة صحفيين عرب
الموقع قدم أوراق اعتماده
الى نقابة الصحفيين العراقيين

بعد ليلة شهدت تصعيداً عسكرياً.. اجتماع موسع لقيادة الدفاع السورية لبحث الأوضاع

نشر
الأمصار

عادت أحياء مدينة حلب إلى حالة من الهدوء الحذر بعد ليلة شهدت تصعيداً عسكرياً أدى إلى تعطيل المدارس والدوائر الحكومية وسط المدينة. 

وأكدت وسائل الإعلام الرسمية السورية أن مناطق الأشرفية والشيخ مقصود تشهد حالات نزوح مستمرة رغم اتفاق وقف تبادل النيران وخفض التصعيد بين القوات الحكومية و«قوات سوريا الديمقراطية».

وأسفرت الاشتباكات الأخيرة عن سقوط أربعة قتلى وتسعة جرحى من المدنيين، بينهم طفلان وعاملان في الدفاع المدني، وفق ما أعلنت وزارة الصحة السورية. 

وتم إسعاف المصابين في محيط مستشفى الرازي الذي تعرض لاستهداف، وسط حالة ترقب للساعات المقبلة لضمان عدم تجدد الاشتباكات.

اجتماع عسكري موسع في منطقة نبع السلام

في أعقاب الأحداث، عقدت وزارة الدفاع السورية اجتماعاً عسكرياً موسعاً في منطقة نبع السلام شمال البلاد، بحضور معاون وزير الدفاع للمنطقة الشمالية العميد فهيم عيسى، وقائد الفرقة 72 في الجيش العربي السوري العميد عقيل عامر، وعدد من الضباط القادة. 

وركز الاجتماع على بحث آخر التطورات الميدانية وجاهزية وانتشار التشكيلات العسكرية في المنطقة، وفق ما نقلته وكالة الأنباء السورية الرسمية سانا.

يأتي هذا الاجتماع ضمن سلسلة من الجولات الميدانية التي يقوم بها معاون وزير الدفاع لمتابعة مستوى الاستعداد القتالي والإداري في تشكيلات الجيش، حيث سبق أن زار قيادة الفرقة 60 في أغسطس الماضي، واطلع على الجاهزية العسكرية والإدارية، إضافة إلى جولة في مايو في مناطق شرق الفرات لمتابعة الواقع الميداني.

التأثير على الحياة المدنية والتعليمية

أسفرت الاشتباكات الأخيرة عن تعطيل الدراسة في جميع المدارس والجامعات الحكومية والخاصة، إضافة إلى إغلاق المكاتب الحكومية في وسط المدينة. وجاء هذا القرار عقب اتفاق التهدئة بين وزارة الدفاع و«قسد» على خفض التصعيد ووقف استهداف مصادر النيران بعد تحييد عدد منها.

كما فرضت قوى الأمن الداخلي طوقاً أمنياً في المناطق المجاورة لحيي الأشرفية والشيخ مقصود لحماية المدنيين وتأمين خروجهم من مناطق الاشتباكات، مع استمرار حالات النزوح نتيجة الهجمات السابقة.

تصريحات «قسد» ونفي استهداف مستشفى الرازي

في المقابل، أصدرت «قسد» بياناً نفت فيه استهداف مستشفى الرازي بشكل قاطع، ووصفت التقارير الإعلامية عن ذلك بأنها محاولات فبركة للتضليل وقلب الحقائق. وأكدت أنها أصدرت تعليمات بوقف تبادل الهجمات مع القوات الحكومية، في خطوة لتعزيز الاتفاق على خفض التصعيد.

وأكدت «قسد» أن ما حدث حول المستشفى كان تحريضاً منهجياً هدفه التستر على الجرائم الحقيقية، فيما أشارت وسائل الإعلام الرسمية إلى حالة من الهدوء نسبي حول المستشفى، مع استمرار الإجراءات الأمنية لضمان حماية المدنيين.

التزام الحكومة السورية بالتهدئة وحماية المدنيين

أوضح المتحدث باسم وزارة الداخلية السورية نور الدين البابا أن القيادة السورية حريصة على إنجاح اتفاق آذار، مؤكداً أن الحكومة تغلب أي اتفاق يهدف إلى حماية المدنيين وتجنب الفوضى. ونفى البابا أن تنجر الحكومة لأي استفزازات قد تعطل الاتفاق، مشيراً إلى أن «قسد» حاولت سابقاً إفشال اتفاق العاشر من مارس، لكنها تواصل الالتزام بالاتفاق الحالي مع متابعة أي خروقات محتملة.

وأكد البابا أن موقف الحكومة يرتكز على الحفاظ على المدنيين ودرء الفوضى، مع الاستعداد للرد على أي استفزازات قد تهدد استقرار المدينة أو سلامة السكان.

التزام تركيا بمراقبة تنفيذ الاتفاق

تزامن التصعيد في حلب مع زيارة وفد تركي كبير إلى دمشق، حيث تم بحث ملف تنفيذ اتفاق 10 آذار مع اقتراب انتهاء مهلة تنفيذه. وأوضح وزير الخارجية التركي أن «قسد» لم تبدِ استعدادها الكامل للاندماج في القوات المسلحة السورية حتى الموعد النهائي المتفق عليه، مؤكداً ضرورة الالتزام بالاتفاق لضمان استقرار المناطق الواقعة تحت الإدارة الذاتية الكردية شمال شرقي سوريا ومناطق سيطرة الحكومة السورية.

ويعتبر دمج «قسد» ضمن القوات الحكومية عاملاً محورياً لإنهاء الانقسام العسكري والسياسي في شمال شرق سوريا، والذي يمثل أحد أبرز العوائق أمام تحقيق الأمن والاستقرار وإعادة هيكلة الدولة بعد سنوات من النزاع.

الأبعاد الإنسانية للتصعيد العسكري

تؤكد وزارة الدفاع السورية أن الاجتماعات الميدانية ورفع الجاهزية العسكرية تهدف إلى حماية المدنيين وضمان تطبيق اتفاق وقف التصعيد بصرامة. كما أشارت إلى ضرورة توخي الحذر في التعامل مع المناطق المأهولة بالسكان، مع الحفاظ على الاستقرار الأمني وتخفيف المعاناة الإنسانية التي نتجت عن الاشتباكات السابقة.

من جانبه، أشارت وسائل الإعلام المحلية إلى أن الاشتباكات أسفرت عن سقوط ضحايا بين المدنيين، بينهم أشخاص من الدفاع المدني، وهو ما يعكس خطورة استمرار العمليات العسكرية في المناطق السكنية. ويأتي هذا ضمن سياق يتطلب تكثيف الجهود لتطبيق الهدنة المؤقتة وتأمين المدنيين، مع مراقبة دقيقة لأي انتهاكات قد تخل بالاستقرار.

خلاصة الوضع الراهن في حلب

تسود مدينة حلب حالياً أجواء من الهدوء النسبي بعد التصعيد الأخير، مع استمرار تنفيذ اتفاق خفض التصعيد بين القوات الحكومية و«قسد». وتبقى المدارس والمكاتب الحكومية مغلقة مؤقتاً لحين التأكد من استقرار الوضع، بينما يستمر الجيش في رفع جاهزيته عبر اجتماعات وتفقد التشكيلات العسكرية.

ويشكل الالتزام الكامل من جميع الأطراف بالاتفاق، إلى جانب دعم المجتمع الدولي والإقليمي، عنصراً حاسماً للحفاظ على استقرار المدينة وحماية المدنيين. ويظل تنفيذ الاتفاقات مثل اتفاق 10 آذار خطوة محورية لإنهاء الانقسام العسكري وتحقيق دمج «قسد» في القوات السورية، وهو ما يمثل اختباراً حقيقياً لقدرة الأطراف على بناء الثقة وتحقيق الاستقرار في شمال شرقي سوريا.

يبقى مراقبو الوضع العسكري والسياسي في حلب حذرين، وسط متابعة دقيقة لتطورات المنطقة، مع تكثيف الجهود لضمان حماية المدنيين ومراقبة أي خروقات محتملة، في ظل استمرار التوتر بين القوات الحكومية و«قسد» والجهود الإقليمية والدولية لضمان تطبيق الاتفاقات الإنسانية والأمنية.