مجلس التحرير: مجموعة صحفيين عرب
الموقع قدم أوراق اعتماده
الى نقابة الصحفيين العراقيين

غزة أم إيران؟ خلاف أجندات قبل لقاء نتنياهو وترامب

نشر
الأمصار

تتجه الأنظار خلال الأيام القليلة المقبلة إلى اللقاء المرتقب بين رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وسط تباين واضح في أولويات الطرفين بشأن الملفات الإقليمية الساخنة، وفي مقدمتها مستقبل قطاع غزة والملف الإيراني، ما يفتح الباب أمام تساؤلات حول مآلات هذا الاجتماع وتداعياته على مسار الصراع في الشرق الأوسط.


ومن المقرر أن يُعقد اللقاء في ولاية فلوريدا الأمريكية نهاية الشهر الجاري، في وقت تتصاعد فيه التكهنات حول طبيعة القضايا التي ستتصدر جدول أعماله، لا سيما في ظل تسريبات متكررة من داخل الأوساط السياسية الإسرائيلية تشير إلى وجود هوة متزايدة بين الرؤية الأمريكية والإسرائيلية حيال أولويات المرحلة المقبلة.


تباين في الأولويات


وبحسب تقارير إعلامية إسرائيلية وأمريكية، فإن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يسعى إلى تركيز اجتماعه مع رئيس الوزراء الإسرائيلي على ملف إعادة إعمار قطاع غزة، في إطار رؤية أوسع تهدف إلى تثبيت وقف إطلاق النار والانتقال إلى المرحلة الثانية من الترتيبات السياسية والأمنية.


في المقابل، تشير المصادر ذاتها إلى أن نتنياهو يعتزم الدفع بقوة نحو مناقشة خيار توجيه ضربة عسكرية جديدة لإيران، أو على الأقل بحث سبل التعامل مع ما تعتبره إسرائيل تهديدًا متزايدًا يتمثل في التوسع الإيراني في مجال الصواريخ الباليستية.


وقبل نحو أسبوع واحد من موعد الاجتماع، بدأت الخلافات بين واشنطن وتل أبيب تطفو إلى السطح بشكل أكثر وضوحًا، في ظل رسائل سياسية متباينة يبعث بها الطرفان عبر التصريحات العلنية والتسريبات الإعلامية.


تسريبات إسرائيلية ورسائل أمريكية
وكان مسؤولون إسرائيليون قد سرّبوا لوسائل إعلام أجنبية أن رئيس الوزراء الإسرائيلي يخطط لطرح سيناريوهات عسكرية جديدة ضد إيران خلال لقائه مع الرئيس الأمريكي، في محاولة لاختبار مدى استعداد الإدارة الأمريكية للانخراط في مواجهة محتملة.


وفي توقيت متزامن، نشر ستيف ويتكوف، المبعوث الأمريكي لعملية السلام في الشرق الأوسط، بيانًا عبر حسابه على منصة "إكس"، تحدث فيه عن المرحلة الثانية من خطة ترامب لإنهاء الحرب في غزة، في خطوة اعتُبرت رسالة أمريكية واضحة تسبق زيارة نتنياهو.


ونقل موقع "واللا" الإخباري الإسرائيلي أن الفجوات في جدول الأعمال باتت أكثر وضوحًا قبل أيام من مغادرة نتنياهو إلى الولايات المتحدة، مشيرًا إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي يسعى لإقناع ترامب بضرورة التحرك ضد إيران، بينما تركز الإدارة الأمريكية على إعادة بناء غزة والترويج لمبادرة اقتصادية كبرى.


زيارة مرتقبة وجدول زمني
وبحسب الموقع ذاته، من المتوقع أن يغادر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى الولايات المتحدة ليلة السبت 27 ديسمبر/كانون الأول، على أن يصل إلى فلوريدا يوم الأحد 28 من الشهر نفسه، تمهيدًا لعقد اجتماعه مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يوم 29 ديسمبر/كانون الأول في مجمع مارالاغو.


ورغم تداول هذه المواعيد، لم يصدر حتى الآن إعلان رسمي عن الجدول الزمني النهائي للزيارة، فيما تشير التقديرات إلى أن اللقاء سيُعقد في أجواء سياسية مشحونة بتباين الرؤى بين الجانبين.


غزة في صدارة الرؤية الأمريكية
وفي مقابل الطرح الإسرائيلي، تُكثف الإدارة الأمريكية رسائلها بشأن التزامها بمسار التهدئة في غزة، والدفع نحو ترتيبات سياسية وأمنية تمهد لإعادة الإعمار.


وأكد ستيف ويتكوف، المبعوث الأمريكي، في بيانه الأخير، تحقيق تقدم في المرحلة الأولى من وقف إطلاق النار، مشددًا على ضرورة إنشاء هيئة حكم مدنية فلسطينية في قطاع غزة، إلى جانب خطوات لتعزيز التكامل الإقليمي وإطلاق عملية إعادة تأهيل اقتصادي واسعة.


ويتقاطع هذا التوجه مع تصريحات وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو، الذي أوضح أن الرؤية الأمريكية تقوم على إعلان إطار دولي للسلام، يتبعه تشكيل إدارة مدنية فلسطينية من التكنوقراط، ثم نشر قوة استقرار دولية، كمرحلة لاحقة.


«شروق الشمس»… خطة أمريكية طموحة
وفي هذا السياق، كشفت صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية عن تفاصيل خطة أمريكية تحمل اسم «مشروع شروق الشمس»، تهدف إلى إعادة إعمار قطاع غزة وتحويله إلى ما وصفته بـ"ريفييرا الشرق الأوسط".


وبحسب الصحيفة، صاغ الخطة كل من جاريد كوشنر، مستشار الرئيس الأمريكي السابق، وستيف ويتكوف، وتُقدَّر تكلفتها بنحو 112 مليار دولار على مدى عشر سنوات، على أن تتحمل الولايات المتحدة نحو 20% من التمويل عبر المنح وضمانات الديون.


وتشمل الخطة بنية تحتية ذكية، ومشروعات نقل حديثة، ومنتجعات سياحية، إلى جانب استثمارات طويلة الأمد في الساحل الغزي، بعوائد متوقعة تتجاوز 55 مليار دولار خلال العقود اللاحقة.


شكوك إسرائيلية وتحفظات أمريكية
ورغم الطموح الأمريكي، تُبدي إسرائيل تشككًا واضحًا في الخطة، لا سيما في ظل إصرارها على نزع سلاح حركة حماس وتفكيك بنيتها العسكرية قبل أي انسحابات إضافية أو ترتيبات سياسية.
وتقرّ واشنطن في محادثات غير معلنة بأن القضايا الأمنية والسياسية للمرحلة الثانية لا تزال معقدة، وأن التصريحات المتفائلة تهدف جزئيًا إلى الحفاظ على الزخم الدولي.


إيران… ملف شائك


في المقابل، يظل الملف الإيراني حاضرًا بقوة في حسابات رئيس الوزراء الإسرائيلي، الذي يرى أن تجاهل هذا التهديد يمثل خطورة استراتيجية.


غير أن أصواتًا متزايدة داخل الولايات المتحدة، بما في ذلك داخل الحزب الجمهوري، تُبدي تحفظًا على الانجرار إلى مواجهة عسكرية جديدة في الشرق الأوسط، خاصة مع اقتراب انتخابات التجديد النصفي الأمريكية.
وأشار موقع "واللا" إلى أن قاعدة ترامب الانتخابية تُظهر ترددًا في دعم أي تدخل عسكري جديد، مفضلةً الاعتماد على العقوبات والضغط السياسي بدلًا من العمل العسكري المباشر.


قرارات مرتقبة


من جانبها، ذكرت صحيفة هآرتس الإسرائيلية أن القادة السياسيين في إسرائيل يترقبون نتائج اجتماع فلوريدا لتحديد كيفية الاستعداد للمرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، وربط أي انسحابات إضافية بشروط أمنية صارمة.
وأوضحت الصحيفة أن الجيش الإسرائيلي أعد عدة سيناريوهات للتعامل مع المرحلة المقبلة، في حال تعثرت الجهود السياسية أو فشلت ترتيبات نزع السلاح.


مفترق طرق


ويبدو أن لقاء ترامب–نتنياهو المقبل يمثل مفترق طرق حاسمًا، ليس فقط لمستقبل غزة، بل أيضًا لمسار التوتر مع إيران، في وقت تحاول فيه الولايات المتحدة تحقيق توازن دقيق بين طموحاتها الدبلوماسية ومصالح حليفتها الإسرائيلية، وسط بيئة إقليمية شديدة التعقيد.


وبين إعادة إعمار غزة أو التصعيد مع إيران، يبقى السؤال مفتوحًا حول أي المسارين سيفرض نفسه على أجندة الاجتماع المرتقب، وما إذا كانت الخلافات الحالية ستتحول إلى تفاهمات، أم تعمّق التباين بين واشنطن وتل أبيب في المرحلة المقبلة.