مجلس التحرير: مجموعة صحفيين عرب
الموقع قدم أوراق اعتماده
الى نقابة الصحفيين العراقيين

حرب السودان في 2025.. موجة نزوح واتساع رقعة الصراع

نشر
الأمصار

شهد العام 2025 تحولاً نوعياً في طبيعة المعارك الحربية بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، تبعه تغيير في خريطة السيطرة الميدانية.

إذ تغيرت خارطة المعارك. حيث دخلت بورتسودان العاصمة البديلة لحكومة الجيش السوداني، خط المواجهة الحربية، بينما خرجت دارفور غربي السودان بأكملها عن سيطرة الجيش السوداني، بعد أن تمكنت قوات الدعم السريع من إحكام سيطرتها على ولاياتها الخمسة.

وتشهد الحرب فى السودان، تصاعد كبير فى وتيرة الأحداث، وأعمال العنف، مع استمرار الاستهداف المتعمد من قبل الدعم السريع للمدنيين، وللبنية التحتية، فى الوقت الذى يعيش فيه السودانيين، فى أوضاع إنسانية قاسية فى ظل استمرار الحرب العنيفة التى حصدت آلاف الأرواح.

وبحسب أحدث بيانات الأمم المتحدة، يواجه ما لا يقل عن 21.2 مليون شخص مستويات مرتفعة من انعدام الأمن الغذائي الحاد، بينما نزح 9.5 ملايين داخليا، وفرّ 4.35 ملايين إلى خارج البلاد، في حين حُرم نحو 10 ملايين طفل من التعليم بعد تدمير المدارس أو احتلالها أو تحولها إلى مناطق غير آمنة.

من الخرطوم إلى كردفان

بعد أن أعلن الجيش السوداني استرداده العاصمة الخرطوم من قبضة الدعم السريع في مارس/آذار الماضي، أعادت قوات الدعم السريع تموضعها خارج الخرطوم متخذة من الإقليم الغربي للسودان، نقطة انطلاق لعملياتها الحربية.

 

وفور تراجع قوات الدعم السريع غرباً بعد خروجها من الخرطوم، أعلنت السيطرة على منطقة "خور الدليب" بجنوب كردفان غربي السودان.

وفي أبريل/نيسان الماضي، وسعت قوات الدعم السريع من عملياتها بغرض السيطرة على شمال دارفور، حيث أعلنت قوات الدعم السريع السيطرة على معسكر "زمزم" للنازحين بشمال دارفور بعد معارك مع الجيش السوداني استمرت لشهور.

وفي مايو/أيار الماضي، تمكنت قوات الدعم السريع من بسط سيطرتها على مدينة "النهود" الاستراتيجية بغرب كردفان.

الهجوم على بورتسودان

وفي الأسبوع الأول من شهر مايو/أيار الماضي، انتقلت الحرب إلى مدينة بورتسودان - العاصمة الإدارية لحكومة الجيش السوداني.

وكانت بورتسودان قد شهدت انفجارات مدوية أثر استهداف 5 طائرات مُسيّرة، لعدد من المواقع العسكرية في بورتسودان، منها قاعدة "دقنة" الجوية- أهم قاعدة عسكرية للجيش السوداني شرقي السودان.

تصعيد حربي

ولم يخل شهر مايو/ أيار الماضي من كثير من الأعمال الحربية التصعيدية بين طرفي النزاع. وبعد الهجوم بالمسيرات الذي طال مدينة بورتسودان، تمكن الطيران الحربي للجيش السوداني من تنفيذ غارة جوية قصفت مطار نيالا جنوب دارفور.

كذلك أعلن الجيش السوداني استعادة منطقة «الخُوي» بغرب كردفان، إلا أن قوات الدعم السريع سرعان ما أعلنت استعادة السيطرة على "الدببّة" و"الخُوي" بغرب كردفان.

وخلال مايو/أيار الماضي أيضاً، قام طيران الجيش السوداني بقصف سوق "الكومة" شمال دارفور بطائرة أنتونوف وأوقع 89 قتيلًا من المدنيين، وهي الحادثة التي أثارت سخطاً شعبياً كبيراً في دارفور.

وفي يونيو/حزيران الماضي شهدت منطقة المثلث الحدودية بين السودان ومصر وليبيا توغلاً من قبل قوات الدعم السريع، ما دفع الجيش السوداني لتبرير انسحابه منها، متهماً قوات ليبية بدعم قوات الدعم السريع.

وشهد شهرا يوليو/ تموز، وأغسطس/آب الماضيين، هجوماً متبادلاً بين طرفي النزاع حول الفاشر بشمال دارفور.

وفي سبتمبر/ أيلول الماضي كثف الجيش السوداني وحلفاؤه الهجوم على محور الفاشر بشمال دارفور، لإعاقة تقدم قوات الدعم السريع داخل المدينة، إلا أن قوات الدعم السريع أعلنت في أكتوبر/تشرين الأول الماضي سيطرتها الكاملة على مدينة الفاشر بشمال دارفور.

ومثل خروج الفاشر عن سيطرة الجيش السوداني، انتصاراً عسكرياً كبيراً لقوات الدعم السريع حيث أكد خبراء كانوا قد تحدثوا لـ"العين الإخبارية"، أن سيطرة الدعم السريع على الفاشر  تمنحها مزايا تفضيلية في أي عملية تفاوضية.

وقبل أيام، أعلنت «الدعم السريع»، سيطرتها على ولاية غرب كردفان وحزام النفط وبلدة هجليج النفطية، بعد أن استولت على «اللواء 90» آخر معسكرات الجيش في الولاية.

أكثر من 9.5 ملايين نازح داخل السودان

وتقول المنظمة الدولية للهجرة إن السودان يواجه اليوم أكبر أزمة نزوح داخلي في العالم، مع وجود أكثر من 9.5 ملايين نازح موزعين على 10 آلاف و929 موقعا في 185 محلية، تمتد عبر ولايات السودان الـ18.

وتركزت أكبر موجات النزوح في إقليم دارفور، حيث لجأ نحو 1.84 مليون شخص إلى جنوب دارفور، و1.75 مليون إلى شمال دارفور، إضافة إلى 978 ألفا في وسط دارفور، فيما يشكل الأطفال 51% من إجمالي النازحين.

وقبل اندلاع الحرب الحالية كانت البلاد تعاني من نزوح مزمن، إذ قدرت المنظمة الدولية للهجرة عدد النازحين حينها بأكثر من 2.32 مليون شخص، معظمهم في دارفور، نتيجة سنوات من النزاعات المسلحة والأزمات المناخية.

ومنذ أبريل/نيسان 2023، أُضيف نحو 7.25 ملايين نازح جديد داخل السودان، بينهم قرابة 2.7 مليون من ولاية الخرطوم، ونحو مليوني شخص من جنوب دارفور، وعدد مماثل من شمال دارفور.

أكثر من 4.3 ملايين لاجئ خارج البلاد

إلى جانب النزوح الداخلي، تشير التقديرات إلى أن نحو 4.34 ملايين شخص فروا من السودان إلى دول الجوار، ما يرفع إجمالي عدد المهجرين إلى قرابة 14 مليون شخص، أي أكثر من ربع سكان البلاد البالغ عددهم نحو 51 مليونا.

وتصدرت مصر وجهات اللجوء باستقبال نحو 1.5 مليون لاجئ، تلتها جنوب السودان بنحو 1.25 مليون، ثم تشاد بحوالي 1.2 مليون. ويمثل السودانيون نحو 70% من الفارين، بينما يشكل غير السودانيين 30%، معظمهم كانوا يقيمون في البلاد قبل اندلاع الحرب.

21 مليونا يواجهون الجوع الحاد في السودان

وقدرت مبادرة التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي في سبتمبر/أيلول 2025، أن 21.2 مليون شخص، أي 45% من سكان السودان، يواجهون مستويات مرتفعة من انعدام الأمن الغذائي الحاد.

ويشمل ذلك 6.3 ملايين شخص في المرحلة الرابعة، المصنفة كحالة طوارئ، إضافة إلى 375 ألف شخص يعيشون في المرحلة الخامسة، وهي المجاعة. وتُعرّف المجاعة بأنها أسوأ مراحل الجوع، حيث يعاني السكان من نقص حاد في الغذاء، وسوء تغذية واسع النطاق، وارتفاع معدلات الوفاة نتيجة الجوع.